الحمد للّه والصلاة والسلام على سيدنا رسول اللّه وعلى آله وصبحه ومن والاه• الإخواة الكرام الأعزة أبناء الجزائر الشقيقة الغالية العزيزة• السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته• وبعد، فبحكم الرباط الأخوي الإسلامي الذي يجعل من أمة الإسلام أمة واحدة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائره بالسهر والحمى لا زلت أراقب من بعد ما يجري في جزائرنا الغالية من فتن وأحداث ما عادت على ذلك الوطن الإسلامي إلا بالويلات، فقد أضعفته من قوة وأفقرته من غنى ومزقته بعد التلاحم والاتحاد فصار عبرة• وما كان ينبغي بعد أن ضرب أروع الأمثال في الجهاد وقدم ضريبة تحرره من المستعمر الذي جثم على صدره مئة وثلاثين عاما بنحو مليون شهيد أن يكون مثالا للشعوب المسلمة في كل مكان في الانسجام والوئام والألفة والوفاق، وأن يكون شبحى في حلق العدووالذي يتربص به الدوائر وقذى في عينه• ولا ريب أنكم بتفرقكم وشقاقكم إنما تهدون المسرات إلى العدو الشانئ وتملؤون صدور المحبين الوامقين بالحسرة والأسى• لذلك أناشدكم باسم الإسلام الذي حرم على المسلم دم أخيه المسلم وفرض عليه نصرته ومؤازرته وحذره من إهماله وخذلانه أن تغمدوا السيوف وتدفنوا الأحقاد ويعانق بعضكم بعضا كما فعل الأوس والخزرج عندما لامس الإيمان شفاف قلوبهم وتغلغل في سويدائها واختلط بلحومهم ودمائهم، وأناشد على وجه الخصوص الإخوة المسلمين الذين أرادوا الجهاد في سبيل اللّه فأخطأوا طريقه وانقلبوا إلى إخوانهم في العقيدة والوطن يسفكون دمهم ويفرون أديمهم ويقطعون أوصالهم، أناشدهم أن يتقوا اللّه وأن يحذروا مكائد الشيطان الذي يوسوس لهم ويزين لهم قبائح الأعمال ويصور لهم الجهاد في سفك المسلم دم أخيه المسلم حتى يتمزق شمل الأمة وتتقطع أوصالها وتصبح أمة هزيلة حقيرة بعد أن كانت قوية عزيزة• أيها الإخوة إني لأذكركم ''والذكرى تنفع المؤمنين'' بأن اللّه حرم دم المسلم على المسلم فقد قال تعالى ''ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب اللّه عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما''، بل جعل اللّه جميع الأنفس لها حرمات فلا يسوغ سفك دمها إلا بموجب شرعي، فقد قال ''من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا'' وقارن في الوعيد قتل النفس بالإشراك به وبالزنى حيث قال ''والذين لا يدعون مع اللّه آخر ولا يقتلون النفس التي حرم اللّه إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا''• وجاءت السنة النبوية معززة لم نص عليه الكتاب العزيز، ففي حديث ابن عمر عن الشيخين أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال ''أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على اللّه'' وبين أن حق الإسلام الذي تسفك لأجله الدماء لا يكون إلا زنا بعد إحصان أو قتل النفس المحرمة بغير حق أو ارتدادا عن الإسلام• وروى مسلم من طريق أبي هريرة رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: ''المسلم أخو المسلم لا يقتله ولا يخذله ولا يسلمه ولا يحقره حسب المسلم من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه'' والروايات في هذا كثيرة• فأناشدكم بلا إله إلا اللّه التي صانت دم قائلها أن تكفوا عن قتال إخوانكم وتبادروا إلى إصلاح ذات البين وأن تعدلوا إلى الحوار بدلاً من القتال وأن تتفاهموا بألسنتكم بدلاً من التراشق بألسنتكم فإنه يدرك باللطف ما لا يدرك بالعنف فاجعلوا شعاركم ''ادع إلى سبيل ربك با لحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن'' و''لا تستوي السيئة ولا الحسنة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم'' وختاما أسأل اللّه أن يجمع شملكم ويؤلف بين قلوبكم على ما يحبه ويرضاه وأن يطفئ لهيب الفتن والبغضاء وأن يبدلكم ألفة ومودة• والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته أخوكم الحريص على مصلحتكم أحمد بن أحمد الخليلي