من المعلوم – من السياسة بالضرورة – أن إسرائيل تحارب الأمة العربية الإسلامية، بتأييد كليٍّ مطلق من الإدارة الأمريكية، بالمال، والسلاح، والدبلوماسية؛ فالمنطق السياسي والديني والخلقي يفرض على الحكام العرب والمسلمين أن يُشعروا هذه الإدارة الأمريكية بأن الكرامة السياسية والدينية والخلقية لا تسمح لهم بأن يُوَالُوا أية جهةٍ تساندُ من يحتل أرضهم ومقدساتهم، ويُغيرُ على جزءٍ عزيزٍ من وطنهم (غزة)، يُذَبِّحُ أبناءَهم ولا يستحيي نساءهم وأطفالهم، ويهدم منازلهم، ومساجدهم، والمرافق الأساسية لحياتهم، ويشدِّد الخناق على الرقابِ دون معالجة الجرْحى، وتغذية الجياع، وحرية الحركة والسكون، كل ذلك بغطرسة وقساوة وحشية لم يُعرف لها مثيل من التاريخ البشري، وهو تصرف يتحدى القانون الدّولي، والعرف البشري، والضمير الإنساني: فمن الخزي والعار والكفر، والحالة هذه، أن يرتبط قادةُ العرب والمسلمين، بالسلطة الأمريكية برباط الصداقة، والتعامل الاقتصادي، والثقافي، والعسكري، وتبادل الزيارات، وحرارة الاستقبالات، والضيافات! فلو أن الحكام العرب والمسلمين يؤمنون بأن المؤمنين إخوة، والأمة الإسلامية واحدة، كما عبرت عن ذلك نصوص قرآنية ونبوية كثيرة منها قول الله تعالى في الآية 10 من سورة الحجرات:}إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ...{، والآية 92 من سورة الأنبياء:}إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ{. وحديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الشيخان البخاري ومسلم، عليهما رحمة الله، عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". لو أنهم آمنوا بمستلزمات هذه الوحدة والأخوة، لصرخوا صرخة رجل واحد في وجه الإدارة الأمريكية، بأن لا علاقة بيننا وبينكِ ما لم تكفِّي عن مناصرتكِ الكاملة، الشاملة، الدائمة، للكيان الصهيوني، الإجرامي، العنصري، الوحشي، في تماديه حتى في فرض احتلاله، وشن غاراته الجهنمية: الجوية، والبحرية، والبرية، على قطاع غزة. فلو سمعت أمريكا مثل هذه النغمة الحازمة الجادة، لراجعتْ حساباتها الانحيازية لإسرائيل، وذلك لأنها لا تقوى على تحمل معاداة ومقاطعة أمة عدد رجالها ونسائها وأبنائها وبناتها يزيد عن المليار نسمة! نعم؛ هيهات أن تُقلع أمريكا عن مساندتها لإسرائيل ضد الأمة العربية والإسلامية في فلسطين، وشن عدوانها السافر عليها في العراق، وفي أفغانستان، ما لم يغير الحكام العرب والمسلمون ما بأنفسهم من عمالة سرية وعلانية، لأمريكا، فيغير الله ما بهم من ذلة وسخط متأجج من شعوبهم، وما أحكم قول الشاعر الحكيم القديم: ومن يَكُ ذَا فضْلٍ، فيبخل بِفضلهِ على قومِهِ يُستغنَ عنهُ ويُذْمَمِ أما بعد؛ فقد رفعت الأقنعة، وأدرك العالم كله مَن الإرهابي، وعرف العالم أكثر ما هي الدولة التي تساند الإرهاب! هذا؛ ولكِ الله يا غزة...! والويل للمعتدين ، واللعنة للمتخاذلين.