هذه المقبرة شاهد على التواجد الفينيقي في جيجل والتي برزت بشكل كبير في القرن ال19 من خلال الأبحاث الأثرية التي قام بها الملازم ''دي فور'' سنة .1885 وتقول المؤرخة ''سوزيت غرانجيه'' في هذا الشأن ''لم يهتم الملازم دي فور بعد انتهائه من البحث بنشر أي شيء عن نتائج أبحاثه، أما البقايا التي عثر عليها في الدهاليز والسراديب الجنائزية، فلا تتعدى بعض الخوابي والقلال وأواني الفخار وبعض الأشياء التي نقلت إلى فرنسا، وهي من غير أهمية مقارنة بالمسكوكات أو النقوش وشواهد القبور التي كان من الممكن أن تؤرّخ بدقة متناهية تاريخ جيجل إبّان الاستيطان الفينيقي''• وقد تضاربت آراء المؤرخين الذين تطرقوا إلى هذا الموضوع، حيث يرجع البعض منهم التواجد الفينيقي في جيجل إلى الفترة الممتدة من أواخر القرن الرابع قبل الميلاد إلى القرن الثالث• أما الدكتور محمد الصغير غانم، أستاذ التاريخ القديم بجامعة قسنطينة، فيرجع تاريخ التواجد الفينيقي بجيجل إلى نهاية القرن السادس قبل الميلاد ويركز في ذلك على أهمية الأبحاث والاكتشافات الميدانية التي قام بها عالم الآثار الفرنسي ''ألكي'' في الرابطة سنة 1928، حيث عثر عمال مجموعة ''مونديت إفريقيا للفلين'' عن طريق الصدفة على قبور دهليزية وسردايب منحوتة في الصخر وفي حالة جيدة• وقد أعيد الحفر مجددا في المقبرتين سنة 1935 ولعلّها آخر مرة شهدت فيها الرابطة عمليات التنقيب عن الآثار بطريقة منظمة عدا بعض الأبحاث الأكاديمية المحضة والقليلة لطلبة معهد الآثار• للإشارة، فإن الفينيقيين امتازوا بالملاحة البحرية وبرعوا فيها إذ أنشأوا موانئ ومحطات تجارية في أغلب مستوطناتهم، فكانت سردينيا وقرطاج ومالطا وصور وجيجل التي كانت تسمى ''إجيلجيلي'' من بين مدنهم التي احتكرت التجارة، وكانت المعاملات والصفقات الاقتصادية متبادلة فيما بينها، والدليل على ذلك الخوابي والقلال التي عثر عليها في كل من هذه المراكز• وعليه، فإن الحفاظ على المقبرة المذكورة بات مطلوبا لأن وضعيتها تتدهور من سنة لأخرى وإنشاء فرق بحث أثرية ميدانية وبحرية لكشف المغمور والمحافظة على هذا المعلم الأثري الذي طالته أيادي التخريب•