ترجع قصة الفيلم إلى أواخر سبعينيات القرن الماضي عندما وافقت لجنة من علماء الأزهر الشريف على قصة الفيلم وتفاصيل السيناريو الذي تقدّم به المخرج سوري الأصل ''مصطفى العقاد'' والذي شارك في كتابته مجموعة من كبار الكتّاب على رأسهم -توفيق الحكيم، وعبد الحميد جودة السحار- إلا أن ثمة خطأ إجرائي وقع فيه المخرج وهو عدم عرض نسخة الفيلم بعد التصوير على اللجنة، مما أدى إلى رفض عرضه نهائيًّا• ورغم أن هذا السبب هو السبب الرئيسي الذي وقف وراء منع عرض الفيلم، -حسب مدكور ثابت رئيس الرقابة المركزية على المصنفات الفنية بمصر وقتها- فإن هناك من يؤكد أن المنع كان بسبب تجسيد شخصيات عدد من كبار الصحابة وعلى رأسهم عمّ النبي صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وهذا ما أجازته اللجنة سابقًا، إلا أن الأزهر تراجع بعد ذلك ومنع ظهوره في أحد أفلام الرسوم المتحركة• عرض الفيلم أثار عدة أسئلة: هل بالفعل كانت هناك موافقة في البداية، ولِمَ، ثم لماذا كان رفض ظهور عمّ النبي صلى الله عليه وسلم في أعمال أخرى، وعلى أي أساس تم عرض الفيلم الآن بدون حذف المشاهد التي تضمنت تجسيدًا صريحًا لشخصية حمزة رضي الله عنه؟ الأزهر لم يوافق من الأساس هذا ما أكده مصدر مسؤول بمجمع البحوث الإسلامية، حيث قال: إن المجمع لم يغيّر قراره السابق بعرض فيلم الرسالة، مشددًا على أنه لم يتم إعطاء أي موافقة للتلفزيون المصري بعرض الفيلم على قناته الأولى• وأضاف المصدر أن المجمع متمسك بقراره السابق بعدم عرض هذا الفيلم نتيجة تجسيده شخصيات الصحابة بشكل واضح، وبالأخص شخصية سيدنا حمزة رضي الله عنه• صرح بذلك الشيخ عبد الظاهر محمد عبد الرازق، مدير عام إدارة البحوث والتأليف والترجمة المختصة بإعطاء موافقات الأزهر على الأعمال الفنية الدينية• وأكد أنه سيتم عمل مذكّرة يتم رفعها من شيخ الأزهر، الدكتور محمد سيد طنطاوي، إلى وزارة الإعلام المصرية تشير إلى اعتراض الأزهر على عرض هذا الفيلم على أحد القنوات المحلية المصرية• موضحًا أن الفيلم وإن كان قد تم عرضه في القنوات الفضائية، إلا أنه كان ينظر لهذه القنوات على أنها استثمارية تسعى وراء الربح ولا تلتفت لرأي الأزهر كما أنها لا تقع تحت أي إلزام قانوني، وبالتالي فإن عرضه عليها لا يعني موافقة الأزهر، أما عرضه على قناة محلية مصرية فله بُعْد آخر• وشدَّد على أن هناك قرارًا من الأزهر منذ سنوات طويلة يؤكد عدم جواز تمثيل الصحابة أو تجسيد شخصياتهم، خاصة المبشَّرين بالجنة، وهو ما يوجبه إجلال الصحابة وتقديرهم• فتاوى تحرمه!! يُذكر أن موضوع تجسيد الصحابة في أعمال تمثيلية أمر مختلف في حكمه بين الفقهاء -منذ فترة طويلة- بعد أن أجمعوا على حرمة تمثيل الأنبياء، والخلفاء الراشدين، والعشرة المبشَّرين بالجنة، وأمّهات المؤمنين، وكذا الملائكة رضوان الله عليهم؛ لأن التمثيل لن يستطيع محاكاتهم ولو بالقليل؛ فإن تمثلهم -مهما كان فيه من تعظيم وإجلال، ومن تحرٍ واحتياط- لا يمكن إلا أن يكون فيه مساس بمقامهم وقدسيتهم وعصمتهم• وفي فتوى نشرت سابقًا تتعلق بهذا الشأن، يقول فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي:''أفتى الأزهر من قديم بعدم جواز تمثيل كبار الصحابة مثل الخلفاء الراشدين والعشرة المبشَّرين بالجنة وأمّهات المؤمنين وأجاز تمثيل من عدا ذلك؛ ولهذا ظهرت أفلام فيها خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهما من الصحابة•• وأنا أرى هذا الرأي وأرجِّحه على أن يكون الذي يمثل هؤلاء الصحابة أو السلف الصالح أو الأئمة المعروفين مثل أبي حنيفة وابن حنبل وعمر بن عبد العزيز من الممثلين المعروفين بالاستقامة والسيرة الطيبة''•