قامت ''الفجر'' بزيارة ميدانية إلى ميناء خميستي، الواقعة شرق ولاية تيبازة، بعد الشكاوي العديدة للعاملين به خصوصا من الصيادين وأصحاب السفن، والذين أكدوا أن أوضاع الميناء تزداد سوءا يوما بعد يوم بسبب مشكل امتلاء الحوض بالرمال والأوحال، وكذا انتشار النفايات والمياه القذرة، إضافة إلى مشاكل أخرى يعيشها بسبب غياب التهيئة التي يحتاجها الميناء وعجز السلطات المحلية عن توفيرها· إعداد وتصوير : عبد الرحيم خلدون قادتنا الزيارة، صباح أول أمس، إلى ميناء خميستي شرق ولاية تيبازة، للوقوف على مدى صحة أقوال السكان والصيادين على حد سواء، حول المشاكل التي يعاني منها المصدر الأول والأخير الذي يسترزق منه سكان هذه القرية المعدومة، فبمجرد دخولنا إلى الميناء شعرنا أنه خال من الروح وكأنه ميناء مهجور منذ أعوام عديدة انعدمت فيه صور النشاط المألوف عادة في الموانئ، وأوحت لنا القوارب القديمة الراسية بالميناء وكذا الشباك المترامية هنا وهناك في أرجائه انعدام الحركة بداخلة إلى أجل غير مسمى، وكان أكثر ما شد انتباهنا العدد الكبير للنفايات المترامية هنا وهناك في أرجاء الميناء وكذا المياه القذرة المتراكمة في حوض الرسو، والتي كانت مصدر انبعاث روائح جد كريهة· وصادفت العاصفة الهوجاء المصحوبة بالأمطار التي ضربت ولايات الوسط، أول أمس، زيارتنا للميناء، لنقف حقيقة الواقع المر، والتي كشفت المستور بميناء خميستي، حيث أكد الكثير من العاملين داخل الميناء أنه بدلا من إعادة تهيئة الميناء بمقاييس وطنية ودولية المتعارف عليها، تلجأ السلطات المحلية في كل مرة إلى وضع روتوشات فوقية وعمليات تنظيف شكلية بالميناء التي تقوم بها بعض المؤسسات بمعية مديرية الأشغال العمومية للولاية· واد خميستي وانفجار قنوات الصرف·· الهاجس الأكبر للصيادين واد خميستي يمثل أكبر المشاكل التي يعاني منها الميناء والمدينة عموما، فبالإضافة إلى امتلائه بالسكنات الهشة، أصبح مصدرا للأوحال التي تصب في حوض الميناء خصوصا في فصل الشتاء، وهو الأمر الذي وقفنا عليه مع القطرات الأولى التي تهاطلت على المنطقة، حيث فاض الواد ولم يجد متنفسا إلا باتجاه حوض الميناء.. ليزيد من معاناة الصيادين وحسرتهم وهم يشاهدون الأوحال تغزو بواخرهم وسفنهم وكل أرجاء الميناء· وفي حديثنا مع أحد أقدم الصيادين بالميناء، قال هذا الأخير:''كان ميناؤنا في الماضي مفخرة لنا ومصدر رزقنا ولم يكن يعاني من مشاكل التوحل وامتلائه بالرمال، حيث كان مصدرا للاقتصاد الوطني إلى جانب ميناء أرزيو، لكن الأشغال العشوائية التي طالته حولته إلى جحيم، وأعود بكم إلى عهد الاستعمار أين كان الدخول إلى الميناء عن طريق جسر يمر تحته الواد مباشرة إلى البحر دون المساس بالميناء، لكن للأسف تم هدم الجسر وردم ما تحته لأسباب نجهلها، وهو ما غيّر مجرى الوادي مباشرة إلى الميناء، هذا إضافة إلى قنوات الصرف الصحي التي تم وضعها موازاة مع الواد، والتي تنفجر من حين إلى آخر مشكلة خطرا على حياة الصيادين''. وأضاف محدثنا:''الميناء الذي لا تستطيع دخوله في وقت هيجان البحر ليس بميناء، ونحن لا نستطيع دخوله إلا إذا كان البحر هادئا بسبب الخطر المحدق بنا في حال هيجانه والذي يصل إلى حوض الرسو بسبب الهندسة الجديدة التي اعتمدت في توسعة الميناء، والتي لم تأخذ بعين الاعتبار حماية الحوض من اضطراب البحر''· وأضاف آخر: ''الفرنسيون لما أقاموا الميناء جعلوا له مدخلين ومخرجين بحيث يسمح للسفن بالتحرك بكل سهولة دخولا و خروجا من الميناء، كما أن المياه في الحوض كانت تتغير بفعل التيارات ولا تبقي راكدة كما هي عليه اليوم متسببة في التعفن والروائح الكريهة، ولا ندري أي مدبّر هذا الذي أقر بغلق تلك المنافذ وجعلها في مدخل واحد وغلق الميناء كليا، ولذلك يجب على السلطات المعنية إعادة النظر في هندسة الميناء من جديد''· على المسؤولين إيجاد حل لغزو الرمال داخل الميناء يمثل مشكل غزو الرمال لأحواض الميناء ثاني أكبر المشاكل التي يعاني منها الميناء، وشهدنا على الأمر رفقة الصيادين الذين فسروا لنا سبب هذا المشكل، والذي يعود حسبهم إلى خطأ في هندسة الميناء من جانب بوابته الشمالية، والتي تسمح بدخول الرمال القادمة من السواحل الغربية للولاية بفعل التيارات البحرية إلى داخل الميناء، مما يؤدي إلى امتلاء حوضه بالرمال والأوحال الآتية من واد خميستي· وأكد الصيادون على ضرورة تغيير هندسة مدخل الميناء، وذلك إما بتوسعته بحيث يسمح للقوارب بالدخول إلى الميناء بكل راحة من جهة ويمنع دخول الرمال من جهة أخرى، وإما بفتح ثغرة بالحاجز الشرقي للميناء من أجل السماح للرمال بالمرور باتجاه شواطئ بوسماعيل وبالتالي حل هذا المشكل نهائيا· آلة رافعة وشاحنتان لتنظيف حوض بحجم ميناء خميستي! في زيارتنا للميناء، صادفنا إحدى المؤسسات تعمل على تنظيف الميناء بوسائل وصفها الصيادون بغير المؤهلة لتنظيف ميناء من هذا الحجم، خصوصا أنه امتلأ عن آخره بالأوحال والرمال التي أصبحت تحاصره وتعرقل عملية رسو السفن، وهو الأمر الذي وقفنا عليه من خلال شهادتنا على الوسائل المستعملة في التنظيف، والتي لم تتعد آلة رافعة وشاحنتين لنقل الأتربة. وكشفت الأمطار التي تهاطلت في ذلك اليوم صحة ما قاله الصيادون، بعدما شهدنا سيول واد خميستي المحملة بالأتربة تتجه مباشرة لتصب في حوض الميناء، مما يعني أن عملية التنظيف كانت بدون فائدة مرجوة بسبب امتلاء الحوض من جديد. كما أكد الصيادون أنه على الجهات المعنية التفطن لهذا الأمر والتوقف عن إهدار المال العامل بدون فائدة· البلدية ليس من مسؤولياتها إعادة تهيئة الميناء، إلا أنها قامت ببناء حاجز كحل مؤقت وذكر من تحدثنا معهم أن الحاجز المنجز بجانب مدخل الميناء، والذي أقامته البلدية في محاولة منها للحد من السيول الجارفة الآتية من واد خميستي باتجاه الميناء بعد الشكاوي التي تقدم بها الصيادون، لم يقم بالدور المنوط به بسبب قصره وانغماره بالأوحال التي فاقته طولا. وذكر رئيس بلدية خميستي في وقت سابق أن البلدية حاولت مساعدة الصيادين بإنشاء هذا الحاجز رغم أنه ليس من صلاحياتها، بالإضافة لضعف ميزانية البلدية والتي لا تسمح بالقيام بانجاز سور بهذا الحجم، خصوصا أن الميناء لا يؤمن أي دخل للبلدية، إلا أنها قامت بخطوة في محاولة منها لتحسين ظروف الميناء الذي يعتبر مصدر عيش عدد هام من سكان خميستي· انعدام النظافة يؤرق الصيادين دق صيادو ومرتادو ميناء خميستي، على حد سواء، ناقوس الخطر بسبب وضعيته البيئية، والتي وصفوها بالكارثية بسبب انتشار النفايات والأوساخ في كل أرجائه، والتي كادت تحول الميناء إلى ما يشبه بالمفرغة العمومية بسبب كثرتها، يضاف إلى كل هذا انفجار قنوات الصرف الصحي من حين لآخر لترسم خطرا حقيقيا على حياة الصيادين وصحتهم، خصوصا أن هذه المياه القذرة تتجه هي الأخرى مباشرة إلى حوض الميناء، أي إلى مكان عمل العديد من الصيادين وخصوصا الشباب منهم الذين يضطرون لملامسة هذه المياه القذرة بعد رسو السفن والشروع في عملية نقل الأسماك إلى الميناء· وقال الصيادون: ''مادامت الأوساخ والنفايات موجودة فهي تفسد طابع الميناء، إذ أضحت المياه ملوثة والرائحة كريهة، والأكثر من هذا، ليس للميناء متنفَّس، حيث يحتوي على مدخل وحيد مفتوح، وهو المدخل الرئيسي، ليبقى جل الميناء مغلقا وبالتالي تراكم المياه القذرة والنفايات بداخله.. ونحن اليوم نطالب برفع هذه النفايات والمواظبة على تنظيف الميناء حتى نجتنب كارثة بيئية بداخله قد تكلفنا صحتنا''· الأمن مطلبنا ومركز شرطة أو درك يفي بالغرض مطلب آخر أكد عليه جل من تحدثنا معهم من صيادين أو سكان، وهو توفير الأمن بداخل الميناء وخارجه على حد سواء، حيث أكدوا أن الوضع الأمني لم يعد يحتمل بسبب تكرار عمليات الاعتداء والشجار التي تحدث من حين لآخر، مذكرين أن المدينة ككل لا تحتوي على مركز أمن سواء للدرك الوطني أو للشرطة، وهو المطلب الذي أصبح ملحا أكثر من أي وقت مضى حسب سكان المدينة· وتحت رحمة هذه المشاكل التي تكاد تعدم مصدر حياة أكبر فئة من سكان خميستي يعيش الصيادون والسكان في معاناة حقيقية، في انتظار تحرك السلطات المعنية لتحسين ظروف عمل الصيادين، وكذا إعادة تهيئة أحد ركائز النشاط الاقتصادي بالمنطقة وإعادته إلى سابق عهده·