كان متحدث باسم وزارة العدل الفرنسية أعلن في وقت سابق، الجمعة، أن أربع مذكرات اعتقال أرسلت إلى الإنتربول وسيتم إصدارها في جميع أنحاء العالم· وتشمل تلك المذكرات قائد الدرك الملكي المغربي الجنرال حسني بن سليمان، والمدير السابق للإدارة العامة للدراسات والمستندات (الاستخبارات العسكرية) الجنرال عبد الحق القادري، وميلود التونسي المعروف باسم العربي الشتوكي الذي يعتقد أنه شارك عمليا في اختطاف بن بركة، وعبد الحق العشعاشي العضو في وحدة سرية تابعة للاستخبارات المغربية· وتلزم هذه المذكرات جميع الدول بتسليم المطلوبين في حالة خروجهم من المغرب ونزولهم بأراضيها، بل حتى الحكومة المغربية التي تلتزم بمقتضيات وقوانين الشرطة الدولية مطالبة بتسليمهم فورا· وبعد ساعات فقط من إعلان وزارة العدل الفرنسية قرر مكتب المدعي العام في باريس تعليق إصدار مذكرات الاعتقال الدولية، لأن الإنتربول يسعى للحصول على معلومات إضافية من القاضي الذي يشرف على القضية· وقال مكتب المدعي العام ''في الواقع طلب الإنتربول المزيد من المعلومات حتى يمكن تطبيق مذكرات الاعتقال، ومن دون هذه المعلومات الدقيقة لا يمكن أن تصدر مذكرات الاعتقال''· ولكن هناك اعتقادا بأن تعديل الموقف ربما يعكس جهودا لتجنب توترات سياسية، نظرا لأن تلك الواقعة سببت بالفعل حرجا لكل من فرنسا والمغرب على مدى عقود· وقال موريس بوتين (80 عاما)، محامي عائلة بن بركة في فرنسا منذ 1965 ''مكتب المدعي العام يعرقل الموقف مرة أخرى· هذا يوضح كيف تسير الأمور في فرنسا''· ويحقق القضاء الفرنسي منذ سنة 1965 في اختطاف واغتيال زعيم اليسار المغربي المهدي بن بركة في أكتوبر من السنة نفسها في العاصمة الفرنسية باريس والذي لم تظهر جثته حتى يومنا هذا· وكانت أصابع الاتهام في البدء تشير إلى الجنرال محمد أوفقير، وزير الداخلية المغربي الذي لقي حتفه بعد فشل الانقلاب العسكري الذي نفذه سنة 1972 ضد الملك الراحل الحسن الثاني· وكان القضاء الفرنسي قد أصدر حكما بالمؤبد في حق أوفقير وترك التحقيق مفتوحا بسبب استمرار الغموض بحكم أن عملية اغتيال من هذا الحجم يفترض تورط جهات وشخصيات متعددة فيها· وتشير أصابع الاتهام إلى ضلوع المخابرات المغربية والفرنسية والإسرائيلية· وبين الحين والآخر تظهر معطيات جديدة تدفع القضاء الفرنسي إلى فتح هذا الملف مما يجعل مبدأ التقادم لإغلاقه لا ينطبق على هذه الحالة· ويتهم ناشطون في مجال حقوق الإنسان السلطات الفرنسية بالتباطؤ عن عمد في قضية بن بركة لعدم الإضرار بالعلاقات مع المغرب الذي كان مستعمرة فرنسية سابقة· وتعود مذكرات الاعتقال إلى العام 2007 عندما أصدرها قاضي تحقيقات فرنسي، وأثارت مذكرات الاعتقال على الفور توترات دبلوماسية مع قيام الرئيس الفرنسي المنتخب حديثا آنذاك نيكولا ساركوزي بزيارة المغرب· وكان المهدي بن بركة وهو بطل من أبطال اليسار الدوليين قد خطف في وضح النهار أمام مطعم ليب في قلب باريس عام 1965 وما زال مصيره غير معروف، ويعتقد المحققون الفرنسيون أنه تعرض للتعذيب والقتل· وتثير القضية اهتمام المغاربة المؤيدين لمزيد من الحريات السياسية في المملكة المغربية، لكنها تظل حساسة سياسيا في الرباط حيث خلف محمد السادس نجل الملك الراحل الحسن الثاني والده ملكا للبلاد عام .1999