مع أني أستلطف الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي فكّ مجيئه إلى أعلى منصب في أمريكا عقدة البشرية تجاه العنصرية والاسترقاق، وفتح مجالا للتفاؤل بإحداث تغييرات جذرية في علاقة أمريكا بالآخرين، خاصة في خطاب القاهرة الشهير الذي جعل المستضعفين في الأرض يرون فيه رسول سلام جديدا، إلا أنني أستغرب منحه جائزة نوبل للسلام، لأنه ليس منطقيا أن نمنح رئيس دولة هذا التكريم وجيوش بلاده ما زالت تواصل حروبها الوحشية في كل من العراق وأفغانستان· وما زالت القضية الفلسطينية التي وعد بتفعيل عملية السلام بها هي هي لم تتقدم خطوة، بل زاد الطرف الإسرائيلي تشددا رغم مطالبة إدارة أوباما لها بوقف بناء المستوطنات· وما زالت عملية ليّ الذراع مع إيران التي بدأها بوش متواصلة، ولم تعرف انفراجا، مثلما وعد أوباما لدى توليه منصب رئيس أكبر قوة في العالم· صحيح أن الرجل وعد خلال حملته الانتخابية التي كان يقودها على بساط من شوك، بأن بلاده ستنسحب من العراق، وأنه سيغير طريقة التعامل التي كانت تتبعها إدارة سلفه بوش مع القضايا الدولية التي جلبت العداء والكراهية لأمريكا، لكنه عندما تسلم مقاليد الحكم، لطّف من لهجته ومازالت الجيوش الأمريكية بالعراق، لأن في العراق مصالح عليا لأمريكا لا يمكن لأوباما ولا لغير أوباما أن يدوسها· فما مبرر الجنة المشرفة الذي استندت إليه لتمنح أوباما الجائزة؟ وهل تكفي النوايا الحسنة للرجل ليصبح هكذا وببساطة رجل سلام؟ أم أن الجائزة التي لا يبدو أن الإسرائيليين ونفوذهم داخلها لم يعترض على منحه إياها، بدأت تفقد من مصداقيتها وتنحرف عن المسار الذي رسمه لها مكتشف الديناميت تكفيرا له عن الذنوب التي اقترفا من خلف هذا الاكتشاف؟