فوز في أمريكا... وتفاؤل في العالم!!! التغيير أتى إلى أمريكا".. هي الجملة التي أعلنها باراك أوباما بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت الثلاثاء. وقد أصبح أوباما أول أمريكي من أصول افريقية يتولى رئاسة الولاياتالمتحدة بعد مسيرة طويلة في تاريخ تحرر السود الأمريكيين ونضالهم من اجل المساواة. وحقق المرشح الديمقراطي فوزا كاسحا، حيث نجح في حصد 338 صوت مقابل 156 لمنافسه الجمهوري جون ماكين. * وجاء اختيار الأمريكيين للمرشح الديمقراطي لحاجتهم إلى تغيير صورة بلادهم وقطع صلتها بالماضي الذي كان يمثله جورج وبوش وفريقه الذي حكم طوال عهدتين متتاليتين. * ويعكس هذا الاختيار مدى قناعة الناخب الأمريكي بأن أوباما هو الذي يحمل لواء التغيير ليس لأنه أسود البشرة، لكن لأنه شاب ويحمل برنامجا يعد بتغييرات داخلية بالدرجة الأولى، ما يفسر نسبة الإقبال الكبيرة على صناديق الاقتراع، خاصة في أوساط الشباب. مع العلم أن غالبية الولايات التي صوتت لصالحه كانت من البيض مثل بنسلفانيا واوهايو. وأوباما نفسه امتنع طوال حملته الانتخابية عن تقديم نفسه ك "مرشح أسود" واعتبر على الدوام انه لو مني بالهزيمة، فلن يكون ذلك بسبب لون بشرته. * وفي أول خطاب له أمام أنصاره، وعد باراك أوباما بأنه سيكون رئيسا لجميع الأمريكيين، وركز على التحديات التي تواجه بلاده داخليا وخارجيا بقوله إن "الطريق أمامنا طويل والمرتفعات عالية، حيث تعاني البلاد من حربين وأسوأ أزمة مالية في هذا القرن". وأكد أن أمريكا في ولايته "ستقاتل من يقاتلها وستسالم من يسالمها". وبالإضافة إلى وصوله إلى سدة الحكم، قاد باراك أوباما الديمقراطيين إلى نصر كاسح، حيث وسّع أغلبية الحزب في مجلسي النواب والشيوخ. وحقق الديمقراطيون غالبية مريحة من 56 من أصل مئة مقعد في مجلس الشيوخ في انتخابات الثلاثاء، معززين في الوقت نفسه موقعهم في مجلس النواب. وكسب الحزب خمسة أعضاء جدد في مجلس الشيوخ واحتفظ ب 12 مقعدا جرى التنافس عليها في إطار التجديد لثلث أعضاء المجلس الذي يجري كل سنتين. وتضم الغالبية الجديدة من 56 مقعدا مقعدين مستقلين لم تشملهما المنافسة في اقتراع الثلاثاء. وهذان المستقلان يصوتان عموما مع الديمقراطيين. وقد اعترف الجمهوري جون ماكين بهزيمته، وقال أمام مجموعة من أنصاره في ولاية اريزونا التي تعد معقله، انه اتصل هاتفيا بأوباما وهنأه بالفوز، معتبرا أن هذه الانتخابات كان لها "مغزى خاص لدى الأمريكيين السود ويحق لهم اليوم أن يفخروا". وبدوره الرئيس المنتهية ولايته جورج بوش أجرى اتصالا مع خليفته في البيت الأبيض وهنأه كذلك بالفوز. * ورغم ذلك، فقد سادت أجواء المرارة وخيبة الأمل في أوساط الجمهوريين، وهو ما عبرت عنه إحدى المناصرات لجون ماكين بقولها "لا أعتقد أن الولاياتالمتحدة مهيأة لرئيس أمريكي من أصل إفريقي". ويأتي فوز الحزب الديمقراطي في انتخابات 2008 بعد ثماني سنوات من إدارة جورج بوش التي أثارت غضب الرأي العام الأجنبي بسبب سياستها الموصوفة بالعدوانية والأحادية. وسيؤدي أوباما اليمين الدستورية ليصبح الرئيس الأمريكي الرابع والأربعين يوم العشرين من جانفي القادم، حيث تنتظره تحديات فورية بدءا من محاولة إصلاح شامل لنظام الرعاية الصحية الأمريكي والتعامل مع الأزمة المالية والاقتصادية وصولا إلى إنهاء حرب العراق وأفغانستان. * * نسبة مشاركة قياسية بلغت 66 % من الناخبين * شارك نحو 66 % من الناخبين الأمريكيين في الانتخابات الرئاسية الثلاثاء، في رقم قياسي لم يسجل منذ 1908، حسب موقع ريال كلير بوليتكس المستقل. وأفادت نتائج غير نهائية أن الديمقراطي باراك اوباما حقق انتصارا كاسحا بحصوله على 52 % من الأصوات مقابل 47 % لخصمه الجمهوري جون ماكين. وكانت نسبة المشاركة بلغت 63,1 %سنة 1960 لدى انتخاب جون فتزيجرالد كينيدي. وبلغت المشاركة في سنة 2004 عندما أعيد انتخاب الرئيس المنتهية ولايته جورج بوش 55,3 بالمائة. * * شركاء أوباما * جوزيف بيدن.. نائب الرئيس * سيكون السيناتور جوزف بيدن أحد أهم شريك للرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما خلال السنوات الست القادمة، باعتبار أن بيدن سيتولى منصب نائب الرئيس. وبيدن شخصية مخضرمة "65 عاما" لها وزنها في الساحة السياسية الأمريكية، وهو خبير في القضايا الدولية وخبرته تمتد 35 عاما في مجلس الشيوخ وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية فيه. كما يحتفظ بعلاقات واسعة في أغلب العواصم العالمية، ويقول سياسيون إنه بإمكانه أن يؤمن المصداقية التى يحتاج إليها أوباما فى المسائل الشائكة. لكن من جهة أخرى، فإن مواقف جوزف بيدن من قضايا الشرق الأوسط لا تدعو إلى التفاؤل، حيث يعرف بأنه مهندس خطة عام 2006 لتقسيم العراق إلى جيوب عرقية وطائفية. وكانت بعض الجهات العراقية قد انتقدت اختياره في هذا المنصب ووصفت ذلك بأنه مثير للاحباط لأنه هو من خلق فكرة تقسيم العراق. كما أنه هو من قال العام الماضي في تصريح للصحافة الإسرائيلية "أنا صهيوني"، واصفا إسرائيل بأنها "أفضل قوة تملكها الولاياتالمتحدة فى الشرق الأوسط". * * ميشال... أول سيدة سوداء في البيت الأبيض * ميشال أوباما "44 عاما "قد تصبح أول سيدة أولى سوداء في الولاياتالمتحدة، نشأت في حي فقير في شيكاغو. تحفظت في البداية على أن يخوض زوجها السباق إلى البيت الأبيض، لأنها كانت تريد المحافظة على حياتهم العائلية، لكنها وافقت بعد ذلك بشرطين هما أن ترى ابنتاها ماليا "10 سنوات" وساشا "7 سنوات" والدهما مرة في الأسبوع، وان يتوقف عن التدخين. وقد التزم بالشرطين. يقدمها أنصارها على أنها جاكلين كينيدي الجديدة، وهي تشبهها في شبابها عندما كانت سيدة أولى وفي أناقتها. أما منتقدوها فيأخذون عليها صراحتها المبالغ فيها وسخريتها ويتهمونها بعدم الوطنية وبالعجرفة، بل وأيضا بالعنصرية. ورغم ما تتمتع به من رقة وذكاء تطلق عليها وسائل الإعلام المحافظة لقب "النصف المر" لسيناتور ايلينوي و"سيدة الاعتراضات". وخلال دراستها علم الاجتماع، تناولت في أطروحتها موضوع التمييز العنصري: كيف ينطبع الطلاب السود "بالهيكلية الاجتماعية والثقافية للبيض" ويبتعدون أكثر فأكثر عن مجتمعهم الأصلي. * * ردود الفعل الدولية * مناوئو بوش يرحبون ويتوقعون تغييرا في السياسة الأمريكية * * أعربت ردود الفعل الدولية المتواصلة عن أملها في أن يكون انتخاب باراك أوباما رئيسا جديدا للولايات المتحدة بداية لإحداث تغييرات في السياسة الأمريكية. وعبرت الدول التي كانت على عداوة مع إدارة جورج بوش عن ترحيبها بهذا الفوز. * فقد رحب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بانتخاب باراك أوباما "الخاص والتاريخي" ودعا الرئيس الجديد إلى أن يكون "وسيطا نزيها" للسلام في الشرق الأوسط عكس إدارة بوش. كما دعت حركة حماس الفلسطينية الرئيس الأمريكي المنتخب إلى "استخلاص الدروس من أخطاء الإدارات السابقة ولاسيما إدارة جورج بوش حيال العالم العربي والإسلامي، وطالبته على لسان المتحدث باسمها فوزي برهوم بتحسين علاقاته مع الدول بدلا من سياسة العصا الغليظة الأمريكية وان يتواصل مع الشعوب بطريقة حضارية. كما عبرت الحكومة وبعض السياسيين العراقيين من مختلف الاتجاهات عن أملهم في تعاون باراك اوباما في حفظ الأمن والاستقرار في العراق والمسارعة في سحب القوات الأمريكية من هناك مثلما وعد. ولو أن وزير الخارجية هوشيار زيباري تحفظ وقال إنه "لن يتم فك الارتباط في وقت سريع". وبدورها إيران عبرت عن ارتياحها واعتبرت على لسان النائب حميد رضا حجي بابائي العضو في مكتب رئاسة مجلس الشورى الإيراني انه سيكون "فرصة واختبارا" للولايات المتحدة. وأوضح هذا المتحدث أن اوباما وعد "بتغييرات في السياسة الأمريكية حيال طهران وهذا يشكل فرصة"، مضيفا "ننتظر هذه التغييرات. وحتى الحكومة الأفغانية الموالية لإدارة جورج بوش رأت في مجيء أوباما الديمقراطي فرصة لتغيير السياسية الأمريكية في أفغانستان، والتي قال الرئيس حامد قرضاي إنها فشلت في القضاء على التمرد الذي يقوده مسلحو طالبان وغيرهم من المسلحين. وطالب قرضاي الرئيس الأمريكي الجديد خصوصا بالعمل على وقف الهجمات التي تتسبب في سقوط الضحايا المدنيين في إطار ما يسمى "الحرب على الإرهاب" التي تقودها الولاياتالمتحدة في هذا البلد. ولم تكن القارة السمراء بمعزل عن هذا الفوز، حيث أعلن الرئيس الجنوب افريقي كغاليما موتلانثي أن إفريقيا "فخورة بهذا النصر وتنتظر باهتمام علاقات عمل مثمرة". * وفي أمريكا اللاتينية المناوئة لسياسة الجمهوريين، سارع الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز إلى الترحيب بانتخاب باراك أوباما واصفا هذا الانتخاب ب "التاريخي"، وأعرب عن أمله في "علاقات جديدة" مع الولاياتالمتحدة. وفي روسيا التي توترت العلاقة بينها وبين واشنطن خلال الأشهر الأخيرة، أعرب الرئيس ديمتري مدفيديف عن أمله في أن تسعى الإدارة الأمريكيةالجديدة لإقامة "علاقات جيدة" مع بلاده من دون أن يذكر بالاسم باراك أوباما الذي انتخب الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة. وبدورهم رحب الأوروبيون بحماسة بانتخاب باراك اوباما وقالوا إن الأمل يحدوهم في أن يؤدي ذلك إلى "عهد جديد" بين الولاياتالمتحدة وأوروبا بعد تعثر علاقاتهما خلال فترة حكم جورج بوش. * * عطلة وطنية في كينيا احتفالا بفوز أوباما * أعلنت الحكومة الكينية عطلة وطنية الخميس، احتفالا بفوز باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية بالولاياتالمتحدة الذي وصفته ب "التاريخي". وأفاد بيان من الرئيس الكيني مواي كيباكي أن " الكينيين سيأخذون عطلة احتفالا بالانتخاب التاريخي لأوباما للمنصب الأكثر نفوذا على وجه الأرض". واستقبلت كوجيلو القرية التي تعيش فيها جدة أوباما غرب كينيا بابتهاج كبير فوز سيناتور ايلينوي. وتعيش عديد من المدن الكينية منذ أيام احتفالات عرفت ذروتها بعد الإعلان عن فوز باراك اوباما، خاصة في كيبرا ونيروبي وكوغيلو وهي موطن أجداد الرئيس الامريكى الجديد. * * إسرائيل ترحب بالفوز "الساحق والتاريخي" لباراك اوباما * رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي المستقيل ايهود اولمرت بالفوز "الساحق والتاريخي لباراك اوباما" في الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة، معربا عن أمله في تعزيز العلاقات الثنائية وتحقيق تقدم في عملية السلام في عهده. وقال مكتب أولمرت في بيان إن "اولمرت هنأ باراك اوباما على نصره الساحق والتاريخي"، مؤكدا أن "أمريكا برهنت مرة جديدة أنها الأكبر بين الديمقراطيات واوباما برهن انه يتمتع بصفات القائد". وأضاف أن "العلاقات بين إسرائيل والولاياتالمتحدة مميزة ومبنية على قيم ومصالح مشتركة وتتجسد في تعاون وثيق". وأكد أوباما أن "إسرائيل والولاياتالمتحدة تريدان توثيق هذه العلاقات ودفع عملية السلام في الشرق الأوسط قدما."