ففي أية زاوية أو شارع بالقاهرة هناك من تفرغ للبحث عن أي جزائري ليوسعه ضربا بواسطة عصا، أو يهدده بالتصفية الجسدية بواسطة آلات حادة، ما أحدث جوا من الرعب لا يساعد على الدراسة أو العيش هناك، خصوصا بعد أن أصبحت الشقق التي يحتمون بها غير آمنة، فقد تعرض بعضها لمداهمات من قبل مجموعات من الأشخاص الذين اعتدو على ساكنيها وتسببوا لبعضهم في جروح خطيرة• يقول بلال خزار، الطالب بجامعة القاهرة، السنة الثالثة ماجستير، ''إن الأمور كانت تسير بصورة عادية قبل مباراة الفريق الجزائري مع نظيره المصري بملعب القاهرة، وقبل هذا لم يغير انهزام الفريق المصري بملعب البليدة من سلوك المصريين تجاهنا، فحتى الاستفزازات التي كنا نتلقاها من بعضهم في الشارع لا تخرج عن إطارها الرياضي''• ويستطرد محدثنا قائلا ''كل شيء بدأ منذ حادثة الاعتداء على حافلة الفريق الوطني بالحجارة تحت إشراف رجال البوليس المصري، وما صاحبها من حملة إعلامية ضد الجزائر، بدأت بالقول إن لاعبي المنتخب الجزائري هم الذين قاموا بتحطيم حافلتهم، وهي الكذبة التي صعب تصديقها من المصريين أنفسهم، حتى أن منهم من اعترف أن الحافلة فعلا تعرضت لاعتداء بالحجارة نفذه أشخاص معروفون في الشرطة''• ويقول محدثنا إن ''الضغط النفسي الرهيب الذي مورس على المنتخب الوطني الجزائري منذ أن حطت طائرته بمطار القاهرة، كنا نعيشه أيضا كجزائريين، فقد بدأت النظرات العدائية تلاحقنا وتتطور بين الحين والآخر إلى تهديدات، ومنا من أيقن بالهلاك في حالة تأهل المنتخب الجزائري إلى المونديال بملعب القاهرة وحمد الله على الخسارة''، وبعد انهزام الفريق الوطني هناك وتوجهت الأنظار إلى السودان واستمر الإعلام المصري في شحن الأجواء والتحريض ضد الجزائريين المقيمين بمصر من الطلبة وغيرهم• ويبرز بلال أن مباراة الثامن عشر نوفمبر بالخرطوم كانت بداية المأساة بالنسبة لكل جزائري بمصر، فالشارع المصري المصدوم بهزيمة فريقه بأم درمان استفاق على حملة من السب والشتم تكيلها الفضائيات المصرية للجزائر والجزائريين صباح مساء بمباركة من آل مبارك• ''وقد جاءت الحملة الإعلامية موازية لتحرك السلطات المصرية التي قامت بتجنيد أشخاص مهمتهم الأساسية البحث عن الجزائريين في شوارع القاهرة وفي الشقق التي يحتمل وجودنا بها بغرض ضربنا بالعصي والآلات الحادة، وأصبح الخروج إلى الشارع أو للدراسة ضربا من الانتحار، فهؤلاء يقومون بجولات استطلاعية في الأحياء لتحديد أماكن تواجد الجزائريين وشققهم عبر سؤال البوابين والسماسرة''• ويقول محدثنا ''إن صاحب الشقة التي استأجرناها أمرنا في بادئ الأمر بعدم الخروج منها لأي سبب كان وإلا عرضنا حياتنا للخطر، غير أنه تراجع وأمرنا بمغادرة الشقة فورا، ما حتم علينا مغادرة القاهرة في أقرب فرصة، وقد خرجنا خفية إلى مناطق مجاورة ومكثنا في إحداها لمدة أسبوع داخل سكن اشترط علينا صاحبه عدم مغادرته إلى حين العودة إلى الجزائر، وهو ما كان فعلا، قبل أن نحجز في إحدى الرحلات المتوجهة إلى تونس، ونحن نحمد الله على الرجوع سالمين إلى أرض الوطن• ويذكر أن الطالب بلال خزار، الساكن بولاية باتنة، سيتقدم رفقة زملائه بشكاوى على مستوى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالعاصمة بخصوص ما تعرضوا له في القاهرة، لاسيما وأنهم باتوا يواجهون مصيرا مجهولا فيما يتعلق بالدراسة ولم يتلقوا لحد الساعة أي توضيحات في هذا الشأن•