أكد محمد ميساوي، رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، أول أمس، في فروم الفيغارو ومؤسسة أورانج للاتصالات، تخوفه الشديد من سرعة تجاوب جهات أوروبية وفرنسية مع دعوة السويسريين إلى منع مآذن المساجد• وفسر السيد ميساوي ذلك بسياق التخويف والترهيب من إسلام يراد له ان يختفي ولا يظهر للعين المجردة باعتباره مرجعية اعتداء على الهوية الوطنية كما يعتقد الكثيرون، وتأييد مثل هذا التصور غير العقلاني - أضاف يقول - لا يمكن إلا اعتباره انتصارا للقوى المتطرفة الأمر الذي يحد من مصداقية ديمقراطية كبيرة مثل سويسرا• وفي تقدير محمد ميساوي، المغربي الأصل الذي خلف الدكتور دليل بوبكر على رأس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، لا يخرج تحمس القوى المتطرفة والعنصرية للتصويت السويسري عن مسار التشويه الذي يعرفه الإسلام في المدة الأخيرة في اطار النقاش الدائر حول الهوية الوطنية والبرقع والمهاجرين بوجه عام واذا كان البرقع يثير الاشمئزاز والنفور ويعد أمرا إشكاليا حقيقيا يعيق الحياة اليومية، فإن مآذن المساجد لا تعبر عن أي نوع من أنواع الاعتداء أو التطرف وهي قليلة إذا ما قورنت بعدد المساجد والمصليات، استطرد قائلا ميساوي التابع لاتحاد المنظمات الإسلامية الذي يسيطر عليه المغاربة• وإذا لم يتحدث محمد ميساوي بصفة مباشرة عن الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة أو تحالف اتحاد الأغلبية الشعبية بزعامة ساركوزي الذي يقود حملة الهوية الوطنية بقيادة وزير الهجرة إريك بيسون، فإن معظم المحللين الإعلاميين والسياسيين قد اتفقوا على القول بأن أكبر الرابحين من التصويت السويسري في أوروبا هي القوى المتطرفة التي نمت في الفترة الأخيرة ومن بينها الجبهة الوطنية الفرنسية التي ضعفت بعد أن وظفها الرئيس ساركوزي لصالحه والتي أضحت المستفيدة الكبيرة الأولى من التصويت السويسري، مثلها مثل رابطة الشمال الإيطالية التي تأسست عام 2002 وحركة ''فلامس بيلانغ'' البلجيكية وحركات اليمين المتطرف في كل من هولندا والنمسا والدانمارك• جان إيف كامو، أحد أشهر المتخصصين الفرنسيين خلال الأعوام الأخيرة في الحركات الأوروبية المتطرفة، والباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، أكد لصحيفة ''لوموند'' بأن التجاوب مع التصويت السويسري يعد امتدادا طبيعيا لعنصرية ناطقة باسم نظرية صراع الحضارات التي ازدادت صحة منذ الحادي عشر سبتمبر في أذهان المؤمنين بها، كما أن الأحزاب أو التيارات الأوروبية الشعبوية الجديدة تعتبر الإسلام مناهضا للقيم الأوروبية بصفة جذرية وعليه يجب منع التعبير عنه في أوروبا• مارين لوبان، ابنة زعيم الجبهة الوطنية المتطرفة، تشغل منذ أول أمس، الساحة السياسية والإعلامية الفرنسية بصفة مباشرة وغير مباشرة بحكم ترديدها بأن حركتها كانت السباقة دائما في التنديد بما أسمته بالغزو الإسلامي لفرنسا، وتصريحها لم يختلف جوهريا عن تصريح كريستن بوتان، وزيرة السكن السابقة في حكومة فرنسوا فييون الساركوزي• وقالت بوتان حرفيا بأن المآذن ترمز إلى أرض الإسلام وفرنسا ليست أرضا إسلامية• أجمل دعوات المقاطعة التي لم ينطق بها أي مسلم أو عربي في فرنسا أو في أوروبا، جاءت على لسان رجل انتفاضة68 الطلابية اليسارية، اليهودي الأخضر دنيال كوهين بنديت، الذي قال: ''على أغنياء البلدان الإسلامية سحب أموالهم من سويسرا كأجمل وأنجع عقاب''•