قرر منتخبو المقاطعات الفرنسية ''بوفانس'' و''ألب'' و''كوت دازور'' بفرنسا زيارة الجزائر لثاني مرة في غضون الثلاثي الأول 2010 من أجل التفاوض مع الحكومة الجزائرية بشأن مشاريع جديدة، بعد أن تضررت اقتصادياتهم جراء قرارات الوزير الأول أحمد أويحيى ''السيادية'' الواردة في قانون المالية• أثرت رغبة وفد المقاطعات المذكورة والمعروف بتسمية ''الباكا''، في القيام بزيارة ثانية للجزائر، على ''نية'' السلطات الفرنسية في أعلى مستواها، مراجعة علاقاتها الاقتصادية مع الجزائر، بما يتماشى مع مقررات قانون المالية الجزائري، الذي ألحق أضرارا معتبرة، حسب الفرنسيين بميناء مارسيليا على الخصوص، حيث تقلصت وارداته بنسبة 40 بالمائة في ظاهرة غير مسبوقة، يحسب لها الفرنسيون ألف حساب• واللافت للنظر أن وفد ''الباكا'' نفسه الذي زار الجزائر يوم 6 ديسمبر الجاري، والتقى الوزير الأول أحمد أويحيى، سيزورها ثانية بغرض إذابة الجليد بين الطرفين، بعد تصريحات ''نارية'' أدلى بها مسؤولون فرنسيون حيال مقررات قانون المالية، لاسيما ما تعلق بالتحويلات المالية التي تقوم بها الشركات الفرنسية واشتراط الحكومة عدم السماح لأية شركة بتحويل أرباحها إلى الخارج ما لم تصف حساباتها مع الضرائب، وطال قرار أويحيى، شركة ''جيزي'' المصرية، غير أن الفرنسيين كانوا أكبر المتفاجئين بالقرار، على خلفية اعتقاد ساد لديهم مفاده أن الجزائر لم تعر اهتماما للشريك التقليدي وفقا ل''العلاقات التاريخية والاقتصادية بين البلدين''، وباعتبار أن فرنسا تعتبر أول مستثمر في الجزائر بقيمة إجمالية للاستثمارات قدرت ب30 مليار أورو• و''غلف'' الوفد المنتظر قدومه إلى الجزائر، خلال الثلاثي الأول من السنة الداخلة، وجوده بالجزائر بهدف سماه ''دراسة سبل التعاون بين البلدين للتصدي للأزمة العالمية''، غير أن الهدف المباشر للزيارة هو محاولة ''استلطاف الحكومة الجزائرية لإيجاد مخرج لمأزق وقع فيه ميناء مارسيليا جراء تراجع مداخيله بسبب تناقص حركة التجارة من وإلى ميناء الجزائر• ويتوقع أن يثير وفد ''الباكا''، خلال المحادثات المرتقبة، عرضه إبرام صفقات جديدة، على الطرف الجزائري، ودعوته التراجع على بعض من مقررات قانون المالية التي تضاف إلى تعليمة كان الوزير الأول أحمد أويحيى، أقرها بالنسبة للشركات الأجنبية بحتمية إدخال شركاء جزائريين في رساميلها لا تقل عن 30 في المائة، بعد أن اتضح بيع شركة أوراسكوم المصرية لمصنع الإسمنت الكائن بالمسيلة لشركة ''لافارج'' الفرنسية'' دون استشارة الحكومة الجزائرية، ما اعتبرته الجزائر ''خرق للسيادة الوطنية''• وتنامى الاستغراب بشأن خلفية قرار الوفد الفرنسي المجيء ثانية للجزائر، بينما يقدم الملاحظون إلحاح الفرنسيين على ''التفاوض'' بشأن قرارات جزائرية وصفت في الأساس بأنها ''سيادية''، مثلما وصفتها الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون والتي على أساسها تحالفت مع الأرندي في انتخابات مجلس الأمة، ويكون ذات الوفد نقل للمسؤولين في باريس، رسالة عن زيارتهم الأولى مفادها أن الحكومة الجزائرية عزمت على عدم التراجع عن قراراتها، وهي القناعة التي حملها معهم أعضاء ''الميداف'' لدى مباحثاتهم الأخيرة مع أحمد أويحيى، توجت بقولهم أنهم ''يحترمون القرارات السيادية التي تتخذها الجزائر ويعملون على موازنة إدارة استثماراتهم في الجزائر مع ما ورد في القوانين الجزائرية''، ذلك رغم أن رئيس الميداف السيد ''سيلكوي'' كان أطلق تصريحا ناريا في باريس، خاصة حيال التعليمة القاضية بإدخال شركاء جزائريين في رساميل الشركات الأجنبية•