قلنا في رمضان الماضي في جلسة الإعلام التي نظمها الزميل احميدة العياشي: إن الساحة الإعلامية يعصف بها الفساد بمختلف أنواعه، من الفساد المالي إلى الفساد الأخلاقي•• وإن أجهزة الدولة المتعاملة مع هذا القطاع تمارس السكوت المريب•• وإن سياسة التحكم في القطاع بالفساد والمفسدين ليست سياسة سوية••! المحتالون اعتلوا رأس القافلة الإعلامية في مؤسسات إعلامية خاصة عديدة•• فباتت مظاهر التضليل الإعلامي•• و''الشانطاج'' وتهديد الناس والرشوة وخلخلة قيم المجتمع هي المجالات الحيوية للنشاط (الإعلامي)! وتم ذلك وسط سكوت التواطؤ من أجهزة الدولة المكلفة بمحاربة هذه الظواهر! عندما يحتال المحتال على زملائه من الصحافيين ولا تنصفهم الدولة بمؤسساتها فلا يستبعد أن يطور هذه المحتال أساليبه ليحتال على الدولة نفسها ومؤسساتها! ماذا يعني أن تستورد الدولة الورق بالعملة الصعبة وتقوم مطابع الدولة بطبع الصحف بكميات كبيرة أكثر من حاجة السوق؟! ثم تقوم هذه الصحف ببيع هذه النسخ المطبوعة إلى وحدات صناعة ورق شحن البيض وليس إلى القراء أو حتى تصديره إلى الخارج كمادة أولية بعشر سعره؟! فلو كانت هذه الصحف تبيع قدر ما تطبع لكانت قادرة على دفع مستحقات المطابع••! أما عندما تصل ديونها في المطابع إلى مئات الملايير فذلك يعني أن الأمر فيه احتيال ونصب على المعلنين أو على المطابع أو حتى على القراء أو على الثلاثة مجتمعين؟! والمصيبة أن صحيفة تابعة للدولة جعلت من مسؤولي رموز الفساد هؤلاء نماذج وطنية للشخصيات المؤثرة في السنة الماضية! تماما مثلما حصل مع عبد المؤمن خليفة قبل أن تكتشف السلطات الفرنسية مظاهر الاحتيال التي يمارسها! إننا نرفض قطعيا أن يُزجّ بمهنتنا النبيلة والواعدة في سراديب الفساد•• وأن يتطور هذا الأمر المؤسف ليصبح احتيالا على الدولة ومؤسساتها وتضليلا للرأي العام•• وفوق هذا وذاك أن تتحالف دوائر الفساد العالقة بجسم الدولة مع رموز الفساد والاحتيال واللامهنية في قطاع الصحافة لتصنع صورة مشوهة لما كنا نفتخر به أمام جيراننا كإحدى أهم ثمرات التعددية والحرية!