جاءت هذه الاتهامات لتعيد من جديد مسلسل الأزمة المصرية - الجزائرية إلى أولى حلقاته، عندما انخرط مسؤولون وإعلاميون مصريون في حملة موحدة ومتناغمة معادية لكل ما هو جزائري، على خلفية مباراتي كرة القدم التي جمعت المنتخبين المصري والجزائري في القاهرة والخرطوم، وأقصي إثرها المنتخب المصري من نهائيات كأس العالم· وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، حسام زكي، في حديث أدلى به لهيئة الإذاعة البريطانية ''بي بي سي''، أول أمس، وتناقلته مختلف ووسائل الإعلام في العالم، إن الضجة المثارة حول قوافل المساعدات الإنسانية المتوجهة إلى غزة والمحتجزة على الأراضي المصرية، يقف وراءها جزائريون يحملون الجنسية الفرنسية، دخلوا مصر ضمن عناصر قافلة تضم نشطاء حقوقيين وإنسانيين من مختلف دول أوروبا، قبل أن يضيف المسؤول المصري بالقول ''إن النشطاء الفرنسيين من أصل عربي، وغالبيتهم جزائريون، الذين قاموا بالاعتصام أمام مقر السفارة الفرنسية بالقاهرة، احتجاجا على منعهم من عبور الحدود المصرية نحو قطاع غزة··· إن هؤلاء لم يحترموا تعهدهم، حيث دخلوا مصر بتأشيرات سياحية وفي ذهنهم القيام بنشاط سياسي''·
وواصل نفس المتحدث اتهاماته بالقول إن ''ادعاء هؤلاء النشطاء بأنهم يحملون مساعدات للفلسطينيين في غزة غير صحيح، فهذه المساعدات التي يتحدثون عنها عبارة عن طعام وبعض الأدوية التي اشتروها من متاجر القاهرة''، ليضيف في فقرة أخرى من حديثه أن الهدف من ذلك كله يتمثل في البحث عن ''الظهور الإعلامي والضغط على مصر وإحراجها''·
وجاءت تصريحات المتحدث باسم الخارجية المصرية مثيرة وخطيرة، على نحو يشير إلى اتهام مصري للجزائر بمحاولة إثارة مشاكل سياسية داخل الأراضي المصرية، وتستهدف النظام المصري في عقر داره، تحت غطاء إثارة قضية منع وصول المساعدات الإنسانية الموجهة إلى الفلسطينيين في قطاع غزة· وكان الناطق باسم الخارجية المصرية، حسام زكي، قد شدد خلال حديثه ل''بي بي سي'' بخصوص قافلة ''شريان الحياة ''3 التي يقودها النائب البريطاني جورج غالاوي، وقافلة أخرى مشكلة من نشطاء حقوقيين أوروبيين، أغلبهم من فرنسا، على أن السماح بمرور المساعدات الإنسانية نحو غزة يخضع للشروط والتوجيهات التي تضعها وتحددها السلطات المصرية، وهي الشروط التي وصفها المسؤولون عن القافلتين بالتعجيزية·
وفور إطلاق تلك التصريحات والاتهامات الخطيرة، توالت ردود الأفعال المستهجنة ل''الخرجة'' المصرية الجديدة، الهادفة إلى تحويل الأنظار عن أصل المشكل الذي تعاني منه قوافل المساعدات الإنسانية المتوجهة إلى غزة، من خلال ''استحضار عدو وهمي'' يتمثل في الجزائر التي تحولت إلى ''بعبع'' تخوّف به القاهرة المصريين وتلهيهم عن عمالة وتواطؤ نظام حسني مبارك في استمرار معاناة الفلسطينيين على يد إسرائيل·
وكانت أولى الانتقادات الموجهة لتصريحات المسؤول المصري من قلب مصر، حيث أجمعت قوى المعارضة المصرية على اعتبار الاتهامات التي أطلقها المتحدث باسم الخارجية المصرية أنها بمثابة ''دفاع عن الشيطان''، مثلما وصفته حركة ''جبهة إنقاذ مصر'' المناهضة للنظام المصري ولمخطط التوريث·