فرغم مرور 15 سنة على وفاة الشيخ الصادق بويحي - اسمه الحقيقي - لازال الإرث الذي تركه، من خلال المشوار الفني الحافل بالعطاء للأغنية الأندلسية، يذكر الجيل الجديد من الفنانين بمآثر الشيخ وإبداعاته في تفعيل الكلمة وصدق الإحساس واللحن الشجي• لقد نجح بجاوي في شد المستمع بصوته العذب خلال تأديته لأغانيه، سواء باللسان القبائلي في بداية مشواره أو بالعربي عند تخصصه في الطبع الأندلسي• أحباب وعشاق الشيخ الصادق البجاوي الذين بقوا أوفياء للمدرسة التي أرسى أسسها وقواعدها، لا يزالون يذكرون الرجل الذي درس أصول الأغنية الأندلسية، قبل أن تحمل جمعية أحباب الشيخ الصادق البجاوي المشعل في إطار المحافظة على تثمين التراث المحلي وحماية رموزه• وفي هذا السياق ستنظم الجمعية بالتنسيق مع مديرية الثقافة غدا حفلا تذكاريا للفقيد، سينشطه كوكبة من خريجي مدرسة الشيخ وفي مقدمتهم الفنان محمد الرايس• للتذكير، فإن الشيخ الصادق البجاوي المولود يوم 17 ديسمبر 1907 بمدينة القصر ببجاية، والتي كانت أول محطة له في مشواره الفني قبل أن يتنقل لصقل موهبته الفنية إلى العاصمة؛ التي أقام بها 5 سنوات من 1933 إلى غاية ,1938 احتك بأعمدة الفن العاصمي وشارك في تأسيس فرقة الموصلية، بعد أن نسج علاقات وطيدة مع مشايخها، أمثال الشيخ محي الدين دخال، لتتواصل رحلته إلى مدينة تلمسان لينهل من أساتذتها من الزاد الثري والأصيل للفن الأندلسي، ومن ثم عاد أدراجه إلى مسقط رأسه بجاية، ليباشر عملية التأسيس لهذا الفن من خلال بوابة العديد من الجمعيات الثقافية والفنية التي كان لها المستعمر الفرنسي بالمرصاد، بإقدامه على وضع حد لنشاطاتها بعد فترة وجيزة من ميلادها• هذا الإضطهاد لم يثنِ من عزيمة الشيخ الذي أخذ من المقهى الذي كان يملكه بالمدينة القديمة فضاء لتلقين أبجديات الموسيقى، إلى غاية ميلاد إذاعة بجاية عام ,1946 حيث دخلها الشيخ من الباب الواسع كمنشط إذاعي مكنه من التشهير بفنه وطابعه الأندلسي، من خلال الأعمال التي قدمتها الأوركسترا الشعبية التابعة للإذاعة؛ باعتباره المايسترو، إلى جانب تنسيقه مع أركسترا الموسيقى الكلاسيكية لإذاعة الجزائر بقيادة الموسيقار محمد الفخارجي• والمؤسف، حسب القائمين على الجمعية، هو اندثار السواد الأعظم من الرصيد الغنائي للمرحوم، إذ لم يبق سوى أربع أغاني فقط من أصل 250 أغنية، وهي ''شوي نقوم'' و''بوأعمام'' و''بوفندور'' إلى جانب ''محند اوشن'' التي غناها رفقة عبد الوهاب أبجاوي• الشيخ الصادق، عرف أيضا ككاتب للعديد من السكاتشات، وملحن صاحب العديد من الفنانين أمثال عبد الوهاب أبجاوي والغازي ويوسف أبجاوي، لينجح أخيرا في تحقيق حلمه عام 1963 في تأسيس معهد الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية في بجاية، حيث تولى إدارتها إلى غاية عام 1986