من المضحكات البرلمانية في الجزائر أن نواب مجلس ''الغمة'' تقاتلوا من أجل رئاسة لجان هذه المؤسسة ونيابة رئاستها! والهدف ليس خدمة الصالح العام من هذه المواقع·· وإنما الهدف هو زيادة الأجر للنائب والحصول على الامتيازات الخاصة بالمكتب الفاخر والسيارة الفاخرة والنقال المجاني·· وحتى الترتيب البروتوكولي في المجلس وفي القعدات الرئاسية خلال زيارات الرؤساء الأجانب للجزائر! المصيبة أن الأحزاب شبه السياسية المتواجدة في مجلس الأمة مارست ''النضال'' من أجل فرض من تريده في هذه المناصب على حساب رأي أشباه النواب! هذه الأحزاب لا يهمها التسيير السيئ للبلاد على مستوى الجهاز التنفيذي والجهاز التشريعي وما يهمها هو فقط الامتيازات المتصلة بتولي هذه المناصب! هل تحركت هذه الأحزاب لدعم النواب في فتح النقاش وإطلاق آليات الرقابة البرلمانية على ما يقع في البلاد من فضائح تكاد تمس كل الوزارات بلا استثناء! حتى الوزارات الحساسة المرتبطة بسيادة وسمعة الدولة نفسها؟! هل تحركت هذه الأحزاب لمحاسبة وزرائها في الحكومة الذين فاحت روائح الفساد في وزاراتهم؟! هل اهتمت هذه الأحزاب بقضية تجميد مجلس المحاسبة لسنوات وعلاقة ذلك بالفساد الذي يعصف بالبلاد؟! المسألة إذاً لا تتعلق بوجود هؤلاء النواب على رأس هياكل مجلس الأمة·· بل هي تتعلق با لأساس بجدوى وجود مجلس الأمة نفسه إذا كانت مهامه لا تمتد إلى الرقابة وصيانة المال العام والسهر على السير الحسن للجهاز التنفيذي! إن الأموال التي يأخذها هؤلاء النواب كأجور في البرلمان هي في النهاية لا تختلف عن السرقات التي تمت في قطاعات حساسة من المؤسسات الوطنية! فالسكوت عن الفساد هو في حد ذاته سرقة، وفساد أخطر من الفساد الذي تعرفه البلاد! ألا يعتبر السكوت عن السراق هو في حذ ذاته مشاركة في السرقة يعاقب عليها القانون بنفس الدرجة التي يعاقب بها السارق، لكن من يحاسب أصحاب الحصانة في السكوت على السراق؟! هذا هو السؤال الذي لا إجابة له حتى الآن؟!