^ تعرف الرّحبة بالحي الشعبي الغزالة بوسط مدينة عنابة، إقبالا منقطع النظير للكثير من العائلات العنابية، وتحت ضغط العوز واتساع دائرة الفقر تلجأ إلى أسواق الشيفون لشراء الألبسة التي قد تكون خطرا على الحصة. أثار فينا هذا التوافد القوي من طرف سكان بونة، التي لا تنام أسواقها حتى طلوع الفجر، تساؤلات كثيرة، وتجولنا في “الرحبة“ وهي عبارة عن مساحة واسعة خصصت لنشاط بيع الشيفون تتواجد بها مختلف الألبسة ذات الأشكال والألوان المتنوعة التي تجذب الزائر إليها بمجرد أن تطأ أقدامه هذا السوق الشعبي، الذي يعتبر فضاء خصبا لتحقيق هامش ربح سريع. وأكد بعض الباعة ممن تحدثت “الفجر“ إليهم، أن نشاطهم قبلة لأغلب العائلات البسيطة وتصل أثمان السراويل والقمصان إلى ربع ثمنها المعتاد بالمحلات التجارية الأخرى، كما أن ثمن لباس “البالة“ حسب أحد التجار والناشطين في هذا الميدان تصل إلى ما بين المليون والمليوني سنتيم، وهي تدر في أغلب الأحيان أرباحا طائلة لصاحبها. وفي سياق متصل، فإن الإقبال على أسواق الشيفون تزداد في فصلي الشتاء والصيف، لأنه في مثل هذه المناسبات تبحث العائلات عن وسيلة سهلة لإرضاء مطالبها الصعبة، زيادة على توفير احتياجات الأبناء بعرض أهم الألبسة وإقناعهم بشرائها. غيرنا الوجهة نحو إحدى زوايا سوق الغزالة الشعبي، فلاحظنا توافدا قويا للنساء، حيث تصادف وجودنا مع دخول إحدى السيدات تعيل أربعة أولاد زوجها في السجن ودخلها كعاملة تنظيف يكاد يوفر لقمة العيش لأطفال، ودخلت مع البائع في لعبة السين والجيم من أجل تخفيض ثمن قميص إلى 100 دينار. والملاحظ أن ثمن الألبسة يختلف حسب نوعية القماش، وفي سوق الغزالة لا يختلف الأمر كثيرا، غير أن الأثمان تكاد تكون أقل إلى النصف أحيانا من التي تعرضها المحلات الأخرى، وهو ما يجعل الإقبال عليها أكبر نهاية الأسبوع. والغريب في الأمر أن الرحبة يزورها حتى سكان الولايات المجاورة من فالمة والطارف، يقدمون على التسوق باعتبار هذه الألبسة ملاذا للفقراء خاصة مع تدني القدرة الشرائية وتدهور الوضع الإجتماعي. وللإطلاع على الجانب الصحي لهذه الألبسة تنقلنا إلى مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى الضربان، حيث أكد لنا أحد المختصين أن الألبسة المستعملة قد تسبب تعفّنا وفطريات ناتجة عن الرطوبة وظروف التخزين السيء، الذي يؤدي إلى تزايد الفطريات وهي تشكل في النهاية مرض السرطان والأمراض المعدية الأخرى، وحسب البروفيسور لعور فإن مثل هذه الألبسة لها تأثيرات على الجهاز التنفسي والهضمي وتحدث تسمّمات مختلفة. الجدير بالذكر أن مصلحة الإستعجالات بمستشفى ابن رشد، تلقت حالات أخطرها مرض الجرب والأمراض الطفيلية الأخرى، وعليه يؤكد مختصون في الطب الوقائي بالولاية على ضرورة منع بيع مثل هذه الألبسة أو توسيع حملات التحسيس لتوعية الزبائن بخطورة “الشيفون“. سميرة عوام