يشارك وفد عن اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، نهاية الشهر الجاري، في أشغال المؤتمر الدولي الرابع ضد عقوبة الإعدام، والذي سينعقد من 24 إلى 25 فيفري بجنيف، من تنظيم جمعية “معا ضد عقوبة الإعدام“ الفرنسية إقناع واشنطن وعواصم الدول الكبرى بإلغاء العقوبة هاجس الجمعيات الحقوقية وترتكز مهمة الوفد على المرافعة عن موقف الجزائر من عقوبة الإعدام، والتي ظلت تشكل نقطة سوداء في سجل حقوق الإنسان بالنسبة للمنظمات الحقوقية الأجنبية، ولم يشفع للجزائر قرارها الصادر في عهد الرئيس السابق، اليمين زروال، والمتعلق بتجميد تطبيق عقوبة الإعدام منذ 1993، وكانت الجزائر وما تزال مستهدفة من طرف هذه المنظمات التي ترى في الإبقاء على العقوبة ولو بإصدارها كأحكام غيابية انتهاكا لحقوق الإنسان في الجزائر. وأوضحت مصادر من اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان في اتصال مع “الفجر“ أمس أن الوفد الذي سيمثل الجزائر في المؤتمر الرابع ضد عقوبة الإعدام له من الحجج ما يكفي ليبين للمنظمات الحقوقية الأجنبية أن الجزائر تتجه نحو إلغاء العقوبة على الشكل الأرجح، وذلك بالنظر إلى أن قرار تجميد تطبيق عقوبة الإعدام لم يلغ رغم مرور سنوات منذ إصداره، كما سيستخدم الوفد في المرافعة عن موقف الجزائر من عقوبة الإعدام، ورقة مصادقة الجزائر على قرار الأممالمتحدة القاضي بتعليق تنفيذ عقوبة الإعدام، إلى جانب 105 دولة أخرى، وهو ما يعد التزاما واضحا بعدم التراجع في وقف تطبيق العقوبة. بالمقابل، وبينما سيمثل الوفد الجزائر بصفة رسمية ويرافع من أجل إلغاء عقوبة الإعدام واعتبار تحقيقها تحصيلا حاصلا، ما يزال الجدل قائما بين علماء الدين والناشطين في مجال حقوق الإنسان بخصوص ملف عقوبة الإعدام، حيث يسعى كلا الطرفين إلى ترجيح الكفة لصالحه لدى السلطات المختصة، فالحقوقيون يدعون إلى إلغاء عقوبة الإعدام بحجة أنها تشكل أكبر انتهاك لحقوق الإنسان، وهو الحق في الحياة، إلى جانب تعزيز قناعتهم بعدم إمكانية تصحيح الخطأ القضائي في حالة إثبات براءة المحكوم عليه بالإعدام بعد تنفيذ الحكم، بينما يرى علماء الدين ضرورة الإبقاء على العقوبة طبقا لما تنص عليه الشريعة الإسلامية، وهو مبدأ “القصاص“، والذي يعد ضربا من العقوبات للحفاظ على حق الضحية من دون التركيز فقط على حق “المجرم“ في الحياة، كما يراه الحقوقيون، بالإضافة إلى أن إلغاء العقوبة سيشجع المجرمين على التمادي في جرائمهم، بما أن العقوبة هي العائق الوحيد أمامهم، بعدما غاب عن سلوكاتهم ضرورات العلاقات الاجتماعية والدينية. من جهتها، ورغم استمرار دول كبيرة وكثيرة في تطبيق عقوبة الإعدام، منها من يدعي احترامها لحقوق الإنسان، مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية، تريد المنظمات الحقوقية الأجنبية، التي تحرر سنويا تقارير سلبية عن وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، الدفع بالسلطات إلى الإلغاء الكامل لعقوبة الإعدام، بما أن تعليق التنفيذ لا يكفي بالنظر إلى “معاناة المحكوم عليهم بالإعدام وهم ينتظرون الموت“، كما أنها لا تقبل حجة الإبقاء على عقوبة الإعدام لردع الجريمة وتقليص معدلها. وسيكون لممثلي الدول الإسلامية، في أشغال “المؤتمر الرابع ضد عقوبة الإعدام“، الكثير ليبذلوه للدفاع عن حكوماتهم وعن مبادئ الإسلام أيضا، فغالبا ما تقرن المنظمات الحقوقية الإبقاء على عقوبة الإعدام بالدين الإسلامي، وحتى لا يكون المؤتمر محاكمة أخرى للإسلام، بالنظر إلى أن دولا كثيرة تنفذ عقوبة الإعدام دون أن تدين بالإسلام، حيث ستخصص في برنامج المؤتمر مائدة مستديرة لموضوع الديانات وعقوبة الإعدام، وما إذا كان الدين عائقا أم حجة فقط. وترى الجمعية الفرنسية “معا ضد عقوبة الإعدام“ أن أكبر التحديات التي تواجه المنظمات الحقوقية تتمثل في إقناع عدد من الدول التي تنفذ العقوبة، منها الولاياتالمتحدة، التي تواصل تنفيذ أحكام الإعدام بطرق عديدة، الكهرباء والغاز والحقن، إلى جانب الصين واليابان وإيران. ومن المقرر أن تشارك أيضا في المؤتمر الرابع ضد عقوبة الإعدام، الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، والتي تسير أيضا في مسعى دفع السلطات إلى إلغاء العقوبة نهائيا.