اختتم المؤتمر الدولي حول إلغاء عقوبة الإعدام بجنيف قبل يومين باندماج عدد من الدول في حملة لإلغاء العقوبة بما فيها الجزائر، القرار الذي قال عنه رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني “القرار الرسمي” بالاندماج في حملة إلغاء عقوبة الإعدام قد يجدد الجدل بين الحقوقيين وعلماء الدين جمعية العلماء المسلمين: نثق في حرص الدولة على حماية الدين ونعتبر الإلغاء مناقضا للشريعة إنه “رسمي” وليس مجرد رأي لهيئته، من المتوقع أن يصدر بشأنه قانون خاص لا يكون مصدره وزارة العدل، ولكن “من فوق”، أي أن تكون رئاسة الجمهورية هي المحرك للمشروع. ولم يعط فاروق قسنطيني، في اتصال مع “الفجر”، أمس، مدة محددة لصدور القانون أو المرسوم، ولكنه تحدث بلهجة التأكيد على أن الأمر لم يعد مجرد رأي، ولكنه يسير لأن يصبح واقعا في التشريع والتطبيق، مشيرا إلى أن المؤتمر الدولي حول إلغاء عقوبة الإعدام، الذي مثلت فيه الجزائر بوفد من اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، صنف الجزائر ضمن الدول الملغية لعقوبة الإعدام بالاستدلال على وقف تنفيذ العقوبة منذ 1993، وعلى توقيع الجزائر على القرار الدولي للأمم المتحدة رقم 62 / 149 قبل سنتين. القرار الأخير للجزائر أمام المجتمع الدولي، إن صح التعبير، من شأنه تفجير الجدل من جديد بين علماء الدين والناشطين في مجال حقوق الإنسان حول عقوبة الإعدام، فالمشايخ سيعتبرون الخطوة مساسا بالمادة 2 من الدستور، التي تؤكد أن الإسلام دين الدولة، وبالتالي ضرورة الاحتكام لنص الشريعة الإسلامية التي تتضمن “القصاص” في بعض الجرائم. وفي السياق قال عضو المجلس الوطني لجمعية العلماء المسلمين، حاج عبروس، إن إلغاء عقوبة الإعدام مناقض للشريعة ولا يمكن تبريره بالحديث عن أخطاء قضائية في إصدار الأحكام أو الدفاع عن حقوق الإنسان، وأضاف المتحدث أمس، في اتصال مع “الفجر”، أنه ليس من حق الناشطين في حقوق الإنسان إلغاء حق أهل الضحايا في القصاص لقتلاهم بحجة احترام حقوق الإنسان، واعتبر حاج عبروس أن انضمام الجزائر إلى الحملة الدولية لإلغاء عقوبة الإعدام لا يمكن أن يتجاهل الدين والثقافة، معتبرا أن الدولة هي “الأحرص” على حماية الدين من أي جهة أخرى، ولمح إلى أن جمعية العلماء المسلمين لا تملك سوى تبيين الحق، ولكن الإلغاء إن حدث فعلا سيكون متصادما مع الشريعة. واعتبر ذات المصدر أن القرار يعد مفاجأة بالنظر إلى أن الحكومة سبق وأن رفضت مشروع قانون تقدم به التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية يتضمن إلغاء عقوبة الإعدام من التشريع الجزائري، بالنظر إلى عدم اكتفاء عدة أطراف بقرار تجميد تطبيق العقوبة. وذهب حاج عبروس إلى حد اعتبار أن إلغاء حكم القصاص في مجتمع مسلم يعني وجود خلل ما، لأن الشريعة الإسلامية تنص على القصاص كمبدإ لبعض الجرائم، وهي زنا المحصن والنفس للنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة، والحفاظ على المبدإ لابد أن يكون بوضع ضمانات شديدة لتطبيقه على وجهه الصحيح، وقال إن حديث فاروق قسنطيني عن تطبيق عقوبة الإعدام فقط في جرائم القتل يعني عودة صريحة إلى نص القرآن الكريم الذي حدد موضع القصاص. ولخص قوله بأن جمعية العلماء المسلمين ضد مشروع إلغاء عقوبة الإعدام لتناقضه مع الشريعة الإسلامية، كما أن نص القرآن الكريم لا يمكن أن تلغيه اتفاقيات دولية.