سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
100 قضية لا تزال على مستوى المحاكم وسكنات ومحلات تجارية مؤجرة بأبخس الأثمان الثروة الوقفية في الجزائر مشتتة بين أروقة العدالة وإيرادتها حبيسة جيوب المستغلين
يعاني قطاع الأوقاف في الجزائر صعوبات على مستوى الاستغلال الاقتصادي لأمواله وأصوله، خاصة العقارية منها، نظرا لوجود كثير منها محل نزاع بين إدارة الوقف وجهات أخرى، ولا تزال 100 قضية وقفية في أروقة المحاكم تنتظر الفصل فيها محلات بالبليدة مؤجرة ب50 دينار والمستأجرون يرفضون دفع هذه القيمة فيما قدرت الأملاك الوقفية المستغلة بإيجار بأبخس الأثمان بين 30 و50 دينار إلى 100 دينار، وفي حالات أخرى نادرة بين 2000 و5000 دينار، ليبقى 5479 ملك وقفي دون إيجار أو استغلال. هذه الوضعية سببها عدم وجود المستندات والوثائق المثبتة للأملاك الوقفية، وقلة معرفة الهيئات المحلية بقانون الأوقاف، وكذا ضعف المتابعة على المستوى المحلي لجهاز الأوقاف، ولهذا عملت مديرية الأوقاف على حصر جميع القضايا وإعطاء توجيهات وتعليمات لنظارات الشؤون الدينية على مستوى الولايات في إطار التعامل مع القضايا في مختلف درجات التقاضي، وتشير معطيات تحصلت عليها “الفجر” إلى أن عدد القضايا الوقفية المحولة على العدالة هو 227 قضية تم الفصل فيها عام 1995، وسجلت عام 1997 ما يربو على 620 قضية وقفية أمام المحاكم، لتبقى 100 قضية تنتظر الفصل على مستوى أروقة العدالة، تم الفصل في 45 قضية لصالح وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، و10 قضايا ضد الوزارة الوصية، فيما لا تزال البقية قيد المحاكمة. وتوضح دراسة تحمل عنوان “أثر سياسات الإصلاح الاقتصادي على نظام الوقف” - دراسة حالة الجزائر - أعدها الباحثان الدكتور فارس مسدور أستاذ الاقتصاد بجامعة سعد دحلب بالبليدة، وكمال منصوري أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد خيضر ببسكرة، أن إيجارات العقارات الوقفية تشكل القسم الأكبر من إيرادات قطاع الأوقاف، حيث أن إيجار الأملاك الوقفية ما يزال بعيدا في كثير من الأحيان عن واقع سوق العقار في الجزائر، لأن المتتبع لأجرة عقارات الأوقاف يجدها في وقتنا الحالي أبخس ما يكون، حيث توجد محلات تجارية في مواقع استراتيجية في عاصمة البلاد وفي المدن الكبرى لا تتعدى أجرة كرائها 100 دينار، بينما نجد مثيلاتها والأقل منها شأنا تتعدى قيمة إيجارها العشرون ألف دينار، وفي حالات نادرة جدا مؤجرة ب5 آلاف دينار، لكن الواقع أثبت العكس حسب الدكتور فارس مسدور الذي كشف في تصريح ل”الفجر” أنه “توجد محلات تجارية قديمة بالمكان المسمى زنقة التوت وسط مدينة البليدة مؤجرة ب30 و50 دينار ويرفض مستغلوها لحد الساعة تسديد مستحقات الإيجار وهذا بعد أن قامت المصالح المعنية المختصة بتحيينها”. وتضيف الدراسة التي تحصلت “الفجر” على نسخة منها أنه تمت في هذا الإطار مراجعة بدلات إيجار الأملاك الوقفية، ومحاولة تطبيق إيجار المثل، عند تنفيذ عملية تجديد العقود عند انتهاء مدتها أو عند تأجير الجديد أو المسترجع من الأملاك الوقفية الموجهة لنشاط تجاري أو فلاحي، عن طريق المزاد العلني أو برفع قيمة الإيجار بنسبة تفاوضية لا تقل عن 20 بالمائة من قيمة الإيجار بالنسبة للذين اكتسبوا القاعدة التجارية، وبالتراضي فيما يتعلق بالأملاك الموجهة للاستعمال السكني، مع تطبيق مرجعية حسابية لذلك تتمثل في 200 دج لكل 12 مترا مربعا بالنسبة للسكنات، و1000 دج لكل 12 مترا مربعا بالنسبة للمحلات التجارية، أما بالنسبة للأراضي البيضاء فإن القيمة 5 دج للمتر المربع (إلى غاية إنجاز المشروع المزمع تنفيذه). وتعتبر عملية البحث عن الأملاك الوقفية واسترجاعها من المهام الصعبة التي اضطلعت بها الإدارة الوقفية في الجزائر، فقد طال النهب والتعدي الأملاك الوقفية وذلك بسبب الفراغ القانوني في مجال حماية الأوقاف وتنظيمها، خاصة في السنوات التي سبقت صدور قانون 90/10، حيث أدمجت الأراضي الزراعية الوقفية ضمن صندوق الثورة الزراعية، وتم الاستيلاء على حجم هائل من الأوقاف العمومية، الأمر الذي أوجد وضعا صعبا ومعقدا صعّب عملية استرجاع الأملاك الوقفية وإثباتها واكتشاف معالمها، وبذلك أصبحت عملية البحث والاسترجاع لأملاك الوقفية عبئا إضافيا وعملا مكلفا للإدارة الوقفية في الجزائر، وعائقا في وجه العمل الإنتاجي والاستثمار الوقفي وفي إطار التعاون مع البنك الإسلامي للتنمية أبرم اتفاق تعاون كان محل موافقة بمرسوم رئاسي، بعنوان اتفاق المساعدة الفنية (قرض ومنحة)، الموقع ببيروت بتاريخ 8 نوفمبر سنة 2000 بين الجزائر والبنك الإسلامي للتنمية، لتمويل مشروع حصر ممتلكات الأوقاف في الجزائر، واهتم المشروع إلى جانب حصر الأوقاف داخل الوطن بالبحث عنها خارج الجزائر، وإنجاز قاعدة معطيات إلكترونية للأوقاف، إضافة إلى اقتراح مشاريع لتطويرها وترقيتها. ورغم أن عملية البحث عن الأملاك الوقفية آتت ثمارها وكشفت عن ثروة وقفية هائلة تزخر بها الجزائر، إلا أن هذه العملية مستنفدة لكثير من الجهود والطاقات، حيث يجب أن توجه لترقية العمل الوقفي في المجتمع وتفعيل الدور الاقتصادي والاجتماعي للأوقاف، وتأسيس بنية مؤسسية لقطاع ثالث متميز ومشارك في التنمية الشاملة، أي صرف المجهود الوقفي نحو الاستثمار الوقفي والمشاريع الوقفية ذات الخدمات والمنافع العامة.