عندما يقول كوشنار "إن العلاقات الفرنسية الجزائرية لن تستقيم إلا إذا غادر جيل الاستقلال سدة الحكم في الجزائر"! هذا يعني أن فرنسا السركوزية والكوشنارية لا تراهن على رحيل جيل الثورة من الحكم فقط، بل تراهن على رحيل فكرة الاستقلال برمتها! ولا أعتقد أن كوشنار لا يفرق بين جيل الثورة وجيل الاستقلال، لأن الفرنسية هنا دقيقة دقة حكام فرنسا في معالجة المسائل المتعلقة بالجزائر، فالمطلوب إذاً هو زوال فكرة الاستقلال من حكام الجزائر وليس زوال الثوار. إن فكرة تمجيد الاستعمار التي أقرها البرلمان الفرنسي تنسجم تماما مع فكرة تجميد تجريم الاستعمار من طرف البرلمان الجزائري! لهذا، فإن فكرة تجميد تجريم الاستعمار معناها استجابة سريعة لما يطلبه كوشنار! فالمطلوب أن يرحل دعاة استقلال الجزائر عن فرنسا من السلطة حتى ولو كانوا من الجيل الجديد وليس من جيل الثورة فقط! هذا هو الطرح الذي يريده كوشنار! فرنسا الكوشنارية لا تريد أن يختفي الفكر الاستعماري من العلاقات الجزائرية الفرنسية، بل تريد أن يختفي الفكر الاستقلالي من هذه العلاقات تماما مثلما قال ميتران ذات مرة للشاذلي "لابد أن تختفي جبهة التحرير من الحياة السياسية في الجزائر كي تسمح بتطور العلاقات بين البلدين"! وجبهة التحرير التي يطالب ميتران باختفائها ليست المؤسسة المستهلكة القائمة الآن.. بل فكرة الاستقلال التي تحملها أو كانت تحملها هذه المؤسسة! وعندما يأتي أمين عام الإيليزي إلى الجزائر وليس وزير الخارجية، فذلك يعني أن الدولة الفرنسية تتصرف مع الجزائر على أنها من الأقاليم الفرنسية التي لا يمكن أن تستخدم معها الخارجية الفرنسية، بل تستخدم الموظفين في الإيليزي والكدورسي، هذا إذا لم تستخدم ضباط (D.S.T)..! هذا هو معنى تجريم كوشنار للاستقلال في الجزائر!