يبدو من خلال التصريحات التي أطلقها مؤخرا السيد كوشنير وزير خارجية فرنسا تجاه الجيل الذي فجّر ثورة أول نوفمبر المجيدة، أنّه لا يفهم عقلية الجزائريين على الإطلاق، حين قال إن العلاقات الجزائرية الفرنسية لن تتحسّن طالما أنّ جيل الاستقلال لا يزال في الحكم. ومثل هذا الموقف في رأيي لا يصدر إلاّ من رجل مازال حبيس الماضي أو هو يجهل واقع الجزائر المستقلة التي حررتها سواعد هذه النخبة التي أخرجت المستعمر الفرنسي من الجزائر ولم تتوان في غرس قيّم الثورة في نفوس الخلف الذي سَيَصون الوديعة بعدها طالما أنّ ثقافة الثورة الجزائرية كفلسفة وكعقيدة باتت متجذّرة في نفوس كل الجزائريين بمن فيهم جيل الاستقلال الذي يتشكّل من أبناء الشهداء والمجاهدين والوطنيين الغيورين الذين هم رصيد المستقبل، وطالما أنّ مستعمر الأمس لم يكفِّر عن ذنوبه ويعترف بجرائمه في الجزائر. إنّ رئيس الدبلوماسية الفرنسية وهو يتجرّأ في الحديث عن جيل الثورة بمثل هذا الطرح وهو الذي تخلّى عن المبادئ التي كان يؤمن بها قبل أن يستوزر في حكومة اليمين، كان عليه أن يقرأ بجد تصريحاته ويراجعها مرارا قبل أن تتحوّل إلى فعل فاضح أو بكاء على اللبن المسكوب الذي تباكى عليه المستعمر الفرنسي منذ بداية ستينيات القرن الماضي حين طرد مكسورا من جنّة الجزائر. ومازال وقع هزائمه ينغص أحلام الأجيال التي تداولت على سدة الحكم في فرنسا الاستعمارية التي كلّما فتح ملف ماضيها في الجزائر إلا واستنفرت أمثال كوشنير الذي لا يعرف شيئا عن جيل الاستقلال الوريث الشرعي لحكم الجزائر بعد جيل الثورة. فهل تعلّمت الدرس يا كوشنير؟