وجهت وزارة الداخلية، خلال الأيام الماضية، تعليمة إلى جميع المصالح الأمنية ومديريات التنظيم والشؤون العامة بالولايات، كلفت بموجبها بإعداد تقارير مفصلة حول مسؤولي الجمعيات المتواجدة بالولايات، طبيعة نشاطاتها وكذا مصير التمويلات والإعانات المالية التي تلقتها، عقب ورود تقارير أمنية أشارت إلى تورط عدد من مسؤولي وأعضاء الجمعيات أكثر من 77 ألف جمعية وطنية و962 ألف محلية تحصلت على الاعتماد وزارة الداخلية تشرع في تطهير الساحة وتضع شروطا جديدة للاعتماد والتمويل بينهم شخصيات معروفة في أوساط المجتمع المدني، في ممارسات غير قانونية ومشبوهة تتمثل في استغلال الاعتماد الممنوح لها لممارسة نشاطات تجارية نفعية خاصة، كانت محل تحقيق من طرف مصالح الأمن في عدد من الولايات عبر الوطن. وأفادت مصادر أمنية أن “التعليمة التي تلقتها تتضمن توجيهات صارمة تنم عن عزم وزارة الداخلية الضرب بقوة لتطهير ساحة المجتمع المدني من آلاف الجمعيات الطفيلية، التي انحرفت أغلبها عن مهامها الاجتماعية أو الإنسانية أو الثقافية لتتحول إلى سجلات تجارية، يستغلها أعضاء ورؤساء هذه الجمعيات، بمجرد حصولهم على الاعتماد لتحقيق مصالح تجارية خاصة، حيث سجلت مصالح وزارة الداخلية تقدم عدد من الجمعيات، بينها جمعيات دينية، بطلب ترخيص استقبال “هبات” دون دفع الرسوم الجمركية، تبين فيما بعد أنها استوردت بضائع أخرى مختلفة تماما عن التي ذكرتها في طلبات الترخيص لتوجه للبيع في الأسواق المحلية، وهي الممارسات المشبوهة التي أصبحت تطغى على سلوكيات مسؤولي هذه الجمعيات، بينها جمعية تنشط في مجال الدفاع عن الأطفال المعوقين حركيا، قامت ببيع هبة استلمتها من جمعية أجنبية في السوق السوداء. كما قامت مصالح الأمن بتوقيف عدد من الأشخاص بولايات الوسط والشرق، تبين، بعد التحقيق معهم، أنهم أعضاء ومسؤولي جمعيات بالمجتمع المدني، عقب إقدامهم على تنظيم حملات غير شرعية لجمع تبرعات مالية باسم جمعياتهم، تحت غطاء “مساعدة أطفال غزة”، تمكنوا خلالها من جمع مبالغ طائلة من المواطنين، استغلت لأغراض شخصية ولم تدخل أبدا إلى الحسابات والأرصدة المعروفة لهاته الجمعيات. ولاحظت وزارة الداخلية الغياب التام للجمعيات الفاعلة في المجتمع المدني عن أداء دورها خلال العديد من الأحداث الأليمة التي شهدتها عدة مناطق من البلاد، على غرار بريان بغرداية، الشلف ومعسكر...الخ. كما أثبتت الكوارث الطبيعية التي مست عدة ولايات ومناطق من الوطن انعدام أي دور لهذه الجمعيات سواء للمساعدة والإسعاف أو للتوعية والتحسيس وحتى المواساة، رغم أعدادها الهائلة بهذه المناطق، مثل الشلف التي تعد وحدها أكثر من 1.700 جمعية، وغرداية 1.800 جمعية، بعدد سكان لا يتجاوز 300 ألف نسمة، ووهران ب 3 آلاف جمعية، إلا أنها كلها غائبة، حيث قدرت مصالح وزارة الداخلية عدد الجمعيات التي تنشط فعلا في الميدان بأقل من خمس بالمائة، والبقية لم تقدم منذ سنوات أية حصيلة نشاطات أو حصيلة مالية، مثلما ينص عليه القانون. ويقدر عدد الجمعيات التي تحصلت على الاعتماد، حسب مصالح وزارة الداخلية، ب 77.3361 ألف جمعية وطنية و962 ألف جمعية محلية. وأكدت مصادر من مديريات التنظيم والشؤون العامة بالولايات أن وزارة الداخلية بصدد إعداد دفتر شروط جديد، يتضمن مقاييس جديدة للاعتماد والتمويل للجمعيات التي ستكون مجبرة على احترامها لتفادي الحل المباشر والتوقيف عن النشا ط، وهذا بعد انتهاء مصالح مختلف الأجهزة الأمنية من إعداد التقارير المفصلة التي طالبت بها وزارة الداخلية حول كل جمعية دون استثناء، خاصة منها التي استفادت من إعانات من الدولة.