وجهت وزارة الداخلية خلال الأيام الماضية تعليمة إلى جميع المصالح الأمنية ومديريات التنظيم والشؤون العامة بالولايات، كلفت بموجبها بإعداد تقارير مفصلة حول مسؤولي الجمعيات المتواجدة بالولايات طبيعة نشاطاتها وكذا مصير التمويلات والإعانات المالية التي منحت لها، عقب ورود تقارير أمنية أشارت إلى تورط عدد من مسؤولي وأعضاء هذه الجمعيات، من بينهم شخصيات معروفة في أوساط المجتمع المدني، في ممارسات غير قانونية ومشبوهة تتمثل في استغلال الاعتماد الممنوح لها لممارسة نشاطات تجارية نفعية خاصة كانت محل تحقيق من طرف مصالح الأمن في عدد من الولايات عبر الوطن.و أفادت مصادر أمنية ل ''النهار'' أن التعليمة التي تلقتها تتضمن توجيهات صارمة تنم عن عزم وزارة الداخلية الضرب بقوة لتطهير ساحة المجتمع المدني من الآلاف من الجمعيات الطفيلية، التي انحرفت أغلبها عن مهامها الاجتماعية أو الإنسانية أو الثقافية لتتحول إلى سجلات تجارية، يستغلها أعضاء و رؤساء هذه الجمعيات بمجرد حصولهم على الاعتماد لتحقيق مصالح تجارية خاصة، حيث سجلت مصالح وزارة الداخلية تقدم عدد من الجمعيات، من بينها جمعيات دينية بطلب ترخيص استقبال ''هبات'' دون دفع الرسوم الجمركية، تبين فيما بعد أنها استوردت بضائع أخرى، مختلفة تماما عن التي ذكرتها في طلبات الترخيص وجهت للبيع في الأسواق المحلية، وهي الممارسات المشبوهة التي أصبحت تطغى على سلوكيات مسؤولي هذه الجمعيات، من بينها جمعية تنشط في مجال الدفاع عن الأطفال المعوقين حركيا، قامت ببيع هبة استلمتها من جمعية أجنبية في السوق السوداء.كما قامت مصالح الأمن بتوقيف عدد من الأشخاص بولايات الوسط والشرق تبين بعد التحقيق معهم أنهم أعضاء ومسؤولي جمعيات بالمجتمع المدني عقب إقدامهم على تنظيم حملات غير شرعية لجمع التبرعات بالأموال باسم جمعياتهم تحت غطاء ''مساعدة أطفال غزة '' تمكنوا خلالها من جمع مبالغ طائلة من المواطنين، استغلت لأغراض شخصية ولم تدخل أبدا إلى الحسابات والأرصدة المعروفة لهذه الجمعيات.و كشفت تقارير مصالح الأمن من جهة أخرى، أن بعض مسؤولي هذه الجمعيات معروفون بكونهم انتهازيون ومحتالون، لا يترددون في استغلال أي فرصة للربح والكسب غير المشروع باسم نشاطات الجمعيات التي أسسوها، والتي لاحظت وزارة الداخلية بكل أسف غيابها التام عن أداء دورها كجمعيات فاعلة في المجتمع المدني خلال العديد من الأحداث الأليمة التي شهدتها عدة مناطق من البلاد، على غرار بريان بغرداية، الشلف ومعسكر إلخ.. كما أثبتت الكوارث الطبيعية التي مست عدة ولايات ومناطق من الوطن انعدام أي دور لهذه الجمعيات سواء للمساعدة والإسعاف أو للتوعية والتحسيس و حتى للمواساة، رغم أعدادها الهائلة بهذه المناطق، مثل الشلف التي تعد لوحدها أكثر من 1700 جمعية، وغرداية ب 1800 جمعية ، بعدد سكان لا يتجاوز 300 ألف نسمة، ووهران ب 03 آلاف جمعية، إلا أنها كلها غائبة، حيث قدرت مصالح وزارة الداخلية عدد الجمعيات التي تنشط فعلا في الميدان بأقل من خمسة بالمائة، وأن البقية لم تقدم مند سنوات أية حصيلة نشاطات ولا حصيلة مالية.ويقدر عدد الجمعيات التي تحصلت على الاعتماد حسب مصالح وزارة الداخلية ب 77,3361 ألف جمعية وطنية و962 جمعية محلية.