في هذا الحوار، الذي جمعه مع “الفجر”، ببهو فندق السفير بالعاصمة، على هامش الندوة الدولية التي نشطها الداعية سلطان، بدعوة من جمعية “الإرشاد والإصلاح”. المنشد السوري أسامة قطاية، تحدث عن واقع الإنشاد في عالمنا العربي، وبالتحديد علاقته بالمنشدين الجزائريين الذين استطاعوا حسب رأيه أن يكونوا خير سفراء للمجتمع الجزائري في العالم العربي إقبال العائلات الجزائرية على حفلات الإنشاد منقطع النظير في الوطن العربي كيف تقيم تجربة احتكاكك مع الفرق الإنشادية والمنشدين الجزائريين طوال أسبوع من الزمن، بمناسبة إحياء أسبوع المولد النبوي الشريف الذي بادرت جمعية “الإصلاح والإرشاد” بتنظيمه؟ في الحقيقة تواصلي مع الإخوة المنشدين الجزائريين لم يكن وليد هذا اللقاء، الذي خصص لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، فقد سبق لي وأن زرت الجزائر قبل هذه الزيارة وفي مناسبات مختلفة، سمحت لي تلك اللقاءات بالتعرف على عدد كبير من المنشدين الجزائريين، والكثير من الفرق الإنشادية، وكم أسعدني أن تمتاز الجزائر بهذا الكم الكبير من المنشدين الذين رفعوا راية الجزائر في عديد المنابر العربية. الحمد لله، كانت تجربة متميزة بوجود ما يزيد عن 10 منشدين وفرقة إنشادية، بالإضافة إلى تنقلنا إلى بعض مناطق الجزائرية الأخرى لإحياء المناسبة، وكم أثلج صدورنا ذلك الاهتمام الذي لمسناه في وجوه الإخوة الجزائريين سواء في المحاضرات التي ألقاها أساتذتنا الأفاضل، أو من خلال حفلات الإنشاد التي كانت تمتلئ القاعة عن آخرها كلما صعد إلى المنصة واحد منا.. والحمد على كل شيء. في ثالث زيارة لك إلى الجزائر، وتواصلك مع بعض المنشدين الجزائريين - كما تفضلت وقلت - كيف وجدت المشهد الإنشادي في الجزائر، وهل يختلف عن سوريا؟ لديكم باع طويل في الإنشاد، وربما هذا ما سمح لبعض المنشدين الجزائريين كي يتألقوا ليس في الساحة الإنشادية المحلية، وإنما في العالم العربي ككل، لما يمتلكه المنشد الجزائري من إمكانيات كبيرة خاصة من ناحية الصوت، ودعم الجمهور لهم. ولعلنا لاحظنا هذا في تجربة منشد الشارقة، فقد بدا واضحا من البداية أن الجزائر هي من ستكون المتوجة بالمرتبة الأولى دون منازع. هل نفهم من هذا أن المنشد في سوريا لا يلقى الدعم والإمكانيات التي تتوفر لدى المنشدين الآخرين..كالمنشدين الجزائريين مثلاً؟ ليس بهذا المعنى..لكن هناك بعض الاختلافات بيننا وبينكم.
لكن أين تكمن تلك الاختلافات التي تتحدث عنها؟ هي ليست اختلافات بمعناها الكبير، لكن يمكن أن نستشف بعضا منها، مثلا المنشد في سوريا أو في أي بلد عربي آخر، مهما كان مستواه الإنشادي وإمكاناته الصوتية وحضوره في تقديم النص، فإننا نجد أنه يحظى بدعم مادي ومعنوي كبير، خاصة على مستوى الإعلام المرئي، الذي يخدم المنشد أو المطرب أو أيا كان، هذه الإمكانات لا تتوفر أمام المنشد الجزائري، للأسف الشديد، فأغلب من التقيتهم يعانون من وجود بعض التغييب الإعلامي، لولا بعض الأسماء التي فرضت نفسها من الخارج سواء من خلال مشاركتهم في مسابقات إنشادية أو من خلال تقديمهم لليالي إنشادية في بعض الدول العربية الأخرى، والمنشد بصراحة يحتاج إلى قنوات إعلامية تدعم مسيرته وتنشر رسالته. إلى ما توعز غياب المنشدين الجزائريين وحتى بعض المنشدين العرب الآخرين سواءً كانوا من المغرب الشقيق أو من تونس الشقيقة، عن الفضائيات العربية المخصصة للإنشاد ونشر الدين الإسلامي الحنيف؟ بشكل عام لم يستطع كل المنشدين العرب أن يفرضوا أنفسهم عبر الفضائيات التي تحدثتم عنها، لكن أعتقد بأنه وجب على المنشد أو الهيئة التي ينتمي إليها أن تساعده في الوصول إلى تلك الوسائل الإعلامية الكبيرة، على الأقل في بداية مشواره، لأن أيا كان المنشد وأيا كانت إمكانياته الصوتية وحضوره على المسرح، فلا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يبزغ نجمه في السماء. علينا أن نسعى...حتى نوصل الرسالة التي آمنا بها، هذا الأمر يحتاج إلى مجهود ومثابرة، لكن علينا أن نبادر حتى ننجح ونحاول لا أن نيأس. ماذا عن تصوير الأعمال الإنشادية عن طريق الفيديو كليب، هل تعتقد بأنه يخدم الإنشاد والمنشد؟ أصبح الفيديو كليب من متطلبات الوقت الحالي، ليس على مستوى شهرة ودعم المنشد فحسب، ولكن يساعد بشكل كبير في محاربة ظاهرة الغناء التي أصبحت تكتسح الساحة الإعلامية العربية. لاحظنا مؤخراً أن أغلب الأعمال الإنشادية أصبحت تعتمد على الموسيقى وإدخال بعض الآلات عليها، فيما كان الإنشاد في الوقت السابق لا يعتمد عليها، ماذا تقول في هذا الأمر؟ هذا من متطلبات الوقت الحالي، ولا أعتقد بأن هذا سيؤثر على الرسالة التي يحملها المنشد ويسعى لنشرها في المجتمعات العربية الإسلامية...
بحكم احتكاككم ببعض المنشدين الجزائريين، ألم تفكروا في تقديم أعمال إنشادية مشتركة؟ المشروع وارد، ويمكن أن يتحقق عمّا قريب إن شاء الله، ربما ما أخر تجسيده على أرض الواقع هو بعد المسافة بيننا وبين الجزائر، لكن الحمد لله، في الفترة الأخيرة أصبحت زياراتي للجزائر متواصلة، قد تعجل من تعاون بيني وبين أحد الإخوة الجزائريين أو بعض الفرق الإنشادية، إن شاء الله. كانت لك فرصة زيارة عدة بلدان عربية أخرى غير الجزائر، ترى كيف تقيم الإقبال الجماهيري على حفلات الإنشاد في تلك الدول مقارنة بالجزائر؟ العائلات الجزائرية يضرب بها المثل في نسبة الإقبال على تلك الحفلات، وهذا بشهادة أغلب المنشدين العرب الذين سبقوني إلى الجزائر، ثم اكتشفت هذا خلال زيارتي الأولى وتكرر ذات الأمر في الزيارة الثانية وها هو اليوم يضرب لنا مثلا آخر في التواصل مع الرسالة الفنية الهادفة... هنيئا للمنشدين الجزائريين بهذا جمهور.
هل تعتقد أن الإنشاد بشكل عام، قد أخذ مكانته في وسط الأسر العربية، في ظل الزخم الغنائي الذي أضحى يفرض نفسه منذ سنوات طويلة على الساحة الإعلامية العربية؟ إلى حدّ كبير، خاصة مع ظهور بعض القنوات الفضائية الإعلامية المختصة في الإنشاد، أو بمعنى أصح الفضائيات التي تهتم بقضايا الأسر والعائلات المسلمة.
نعود إلى تجربتك الخاصة في عالم الإنشاد، متى بدأ أسامة قطاية الإنشاد؟ أعتبر نفسي ابن الإنشاد، فقد تربيت عليه وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يسدد خطاي ليكون الإنشاد طريقي. كم قدمت من ألبوم إنشادي لحدّ الساعة؟ في جعبتي 10 ألبومات إنشادية، أغلبها برفقة الأستاذ والمعلم الفاضل المنشد اللبناني مصطفى الجعفري.
كيف تقيم تجربتك معه بعد كل هذه السنوات من التعاون بينك وبينه والذي أثمر ب10 أعمال إنشادية؟ الحمد لله، وجودي معه ساعد على تطوير قدراتي الصوتية والعقلية أيضا، وهو اليوم والحمد لله يأخذ بيد جيل كامل من المنشدين في سوريا.
بمن تأثر أسامة قطاية بالمنشدين الكبار، في بداية مشواره الإنشادي؟ تأثر بالكثيرين لأني تربيت في أسرة تعشق الإنشاد والمديح النبوي، قد لا يسعني المكان لذكرهم..
التحاقك بعالم الإنشاد جاء عن حب أم عن دراسة وتخصص؟ في البداية كان عن حب، وهواية ليس إلا..
هل لعب الإنشاد دوراً في تغيير مسار حياتك وأفكارك وتوجهاتك؟ لا شك في ذلك، فمدح النبي صلى الله عليه وسلم يبعث على الطمأنينة ويترك أثرا في نفس الإنسان، وكل هذا كان بفضل تلاوة القرآن والإنشاد.
ما هي المصاعب التي تواجهها كمنشد، أو بشكل عام التي يواجهها المنشدون في عالمنا العربي؟ هناك عوائق كثيرة ومتعددة، أهمها غياب الدعم المادي والإعلامي وهما السبيل نحو نشر الرسالة التي يسعى لنشرها أي منشد.