يبدو أن مشاتي تافساس، فيض النعام والزواوشة التابعة لبلدية الرصفة الواقعة بأقصى جنوب ولاية سطيف، قد سقطت من مفكرة المسؤولين المحليين والولائيين، بالنظر لصور الحياة البدائية التي مازال يتخبط فيها سكان المنطقة. أول الصور تتجسد أمام أنظار كل من يستعمل الطريق الولائي رقم 10، حيث يشدك منظر يوحي بشدة المعاناة ومدى التخلف الذي مازالت تتخبط فيه العائلات القاطنة بالمشاتي المذكورة، حيث يتزود السكان بمياه الشرب من بئر تقليدي، واستعمال وسائل تقليدية، إذ لا بديل عن البغال والأحمرة لجلب المياه بعد قطع مسافات متفاوتة، وما صورة الأطفال المحملة بالدلاء يصطفون أمام بئر الزواوشة التقليدي إلا شاهد على الوضع المزري. وأمام هذا البئر الذي تحول إلى محج الصغير والكبير بالمنطقة، أكد لنا العديد منهم أنهم يتزودون بالماء بهذه الطريقة منذ أمد طويل، فيما راحت البراءة تؤكد أنها فتحت عيونها على هذا الوضع ومازالت تعيشه إلى اليوم رغم تقدم السنين، ليسترسل أكبرهم في سرد سنين العذاب مع النقائص المسجلة في مختلف مناحي الحياة، حيث يعيش السكان أوجها متعددة للمعاناة. ويواجه هؤلاء في المقام الثاني أزمة نقل حادة، فبعد وصولهم للموقف المحدد الذي يبعد بمسافات طويلة يضطرون للانتظار لأوقات أطول، وهنا يلعب الحظ دوره معهم، حيث يتوقف تنقلهم مع الوسائل التي تشغل خط أولاد تبان - صالح باي على عدد الأماكن الشاغرة بالحافلات المارة. كما تحدث المواطنون عن معاناتهم في ظل غياب قاعات للعلاج، حيث يجبر المرضى على التنقل للمدن المجاورة من أجل حقن إبرة، وهو ما يكلفهم من 200دج إلى 300 دج. أما شباب المنطقة فلعنوا البطالة التي تحاصرهم من كل الجهات وصبوا جام غضبهم على السلطات التي لم تمد لهم يد العون في مجال الدعم الريفي، حسبهم، وأنهى بعضهم الحديث برفع مطالب أخرى تتعلق بربط المنطقة بالغاز الطبيعي وإنجاز شبكة تصريف المياه القذرة. ومن أجل وضع حد على الأقل لأزمة المياه، قامت السلطات بإنجاز 4 أنقاب، كانت كلها سلبية، ما جعل المعاناة تتواصل. ولمح بعض المسؤولين إلى سوء طالع السكان، فيما يستفسر المواطن عن سبب تأخر إنجاز نقب آخر تمت برمجته في إطار برنامج تنمية الهضاب بمنطقة بوسلام، غير أن 3 سنوات كاملة لم تكف لترجمة المشروع واقعيا، وهو ما خلق انطباعا لدى السكان بوجودهم بعيدا عن أنظار المسؤولين، خاصة وأن البرنامج شمل 7 أنقاب تجسد منها خمسة وظل نقبهم رفقة نقب الرقايق معلقا.