تباينت ردود فعل بعض الأحزاب السياسية بشأن موضوع إلغاء عقوبة الإعدام، حيث لم يتم إلى حد الآن وضع حد للجدل القائم الذي ترفض غالبية التشكيلات السياسية الخوض فيه، لاسيما في ظل صدور تصريحات عن مؤسسات استشارية تابعة لرئاسة الجمهورية، على غرار المجلس الإسلامي الأعلى الرافض لفكرة الحذف النهائي للعقوبة من التشريع وتواتي والإصلاح يرفضان الجدل القائم واللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان، التي أعاد رئيسها فتح ملف إلغاء العقوبة بعد تجميد تنفيذها منذ 1993، وهو رأي اعتبره العديد موقفا شخصيا، ولا يعكس بالضرورة موقف هذه المؤسسة. طالبت حركة مجتمع السلم، وهي عضو في التحالف الرئاسي، أمس، بالاحتكام إلى استفتاء شعبي إذا ما استمر النقاش وبقي الجدل قائما بشأن موضوع إلغاء عقوبة الإعدام، وقال محمد جمعة، الناطق الرسمي للحركة، في تصريح ل “الفجر”، إن “إلغاء عقوبة الإعدام في الجزائر مرفوض من ناحية المبدأ، ويتعارض مع المادة الثانية من الدستور، التي تشير إلى أن الإسلام هو دين الدولة، وبالتالي فهو نص صريح غير قابل للاجتهاد”. وأوضح الناطق الرسمي لحركة مجتمع السلم أن “هذا الموضوع سيحتاج حتما إلى استفتاء شعبي إذا بقي الجدل قائما، رغم أنه من الجانب المبدئي لا يمكن إلغاء العقوبة”، ثم واصل جمعة قائلا “هناك منظمات غربية تسعى إلى فرض أفكارها على حساب مبادئ وقيم الشعوب الإسلامية”. من جهته، رفض موسى تواتي، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، الحديث مطولا حول الموضوع، وقال إن “حكم الإعدام حكم إلهي ولا يمكن مجادلة ما أنزله الله “، معتبرا كل التصريحات التي تصب في نطاق المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام بمحاولة المساس بالقيم الإسلامية والدين الحنيف”، ثم أضاف موضحا “يبقى لدى القاضي هامش من الاجتهاد للإدلاء برأيه والاطلاع على مدى خطورة ما اقترفه المجرمون”. في حين أكد الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني، جمال بن عبد السلام، أن موضوع إلغاء عقوبة الإعدام غير مطروح على مستوى مؤسسات الدولة، مشيرا إلى تصريح لوزير العدل، الطيب بلعيز، يصب في هذا السياق، واتهم تيارات معينة بالوقوف وراء هذه الحملة، وقال “هناك تيار معين معروف يقوم بالترويج لهذه الأفكار وهو يسير وفق أجندة يعدها على طول السنة وفي كل مرة يقوم بإثارة ملف”. وعبّر الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني عن “رفضه لكل الدعوات التي من شأنها إثارة الموضوع مجددا”، وأضاف أن “الجزاء يكون من جنس العمل، أي أن كل جريمة يجب أن يتم تكييفها بحسب بشاعتها، وهذا احتراما للشريعة ولمؤسسات الدولة التي تتعامل بالخلق الإسلامي”. وقد رفضت أحزاب أخرى الخوض في هذا الجدل، باعتباره ليس أولوية، إلى جانب انتقال الجدل إلى مؤسسات الدولة العليا، وخاصة اللجنة الاستشارية حماية وترقية حقوق الإنسان، والمجلس الإسلامي الأعلى، فضلا عن خروج بعض مشاهده عن النقاش البناء وأخلاقياته، واتجه نحو المساس بالأشخاص وبالحريات من خلال إدانة القانعات الفكرية والسياسية والعقدية، وهو النقاش الذي يرحج الكثيرون أن ينتهي بين أيدي رئيس الجمهورية للحسم فيه في نهاية المطاف.