تحولت بعض شوارع وأحياء مدينة بومرداس في السنوات الأخيرة، إلى مواقف غير شرعية للسيارات اتخذها بعض الشباب أماكن للعمل وكسب الرزق بهدف مواجهة حدة البطالة التي يعانون منها، حيث يختار هؤلاء الشباب الأماكن الأكثر إقبالا من المواطنين، كمراكز البريد، ومصالح الحالة المدنية، وقباضة الضرائب وصندوق الضمان الاجتماعي، ومصلحة استخراج البطاقات الرمادية بمحاذاة مقر ولاية بومرداس. في مدينة بومرداس يصطدم بهذه الظاهرة التي لم يسلم منها أي شارع أو حي، حتى الساحات المخصصة للعمارات تحولت هي الأخرى إلى “باركينغ”، حيث تجرأ العديد من الشباب على اتخاذ الأماكن التي يرونها مناسبة لمثل هذه “المهنة” مستغلين غياب سياسة الردع لمثل هذه التصرفات والممارسات غير الشرعية. ويُسيّر هذه المواقف أكثر من شاب يفرضون قوانينهم الخاصة على المواطنين، والمتمثلة في تحديد السعر الذي يدفعه صاحب السيارة وطريقة التوقف، وخصوصا المدة التي تقضيها السيارة في ذلك المكان. وحسب شهادات العديد من أصحاب السيارات الذين تحدثت معهم جريدة “الفجر” بمدينة بومرداس، فهم مجبرون على الخضوع لقوانين هؤلاء الشبان، عوض أن يتعرضوا إلى اعتداءات أو سرقة سياراتهم، أو يتعرضوا إلى مختلف أنواع الشتم والإهانة. وتجرأ العديد من هؤلاء الشبان على استغلال حتى الشوارع التي بها إشارات المرور التي تمنع التوقف فيها (حسبما توضحه الصورة)، وحوّلوها إلى حظيرة غير شرعية يربحون عن طريقها أموالا وفيرة. البعض من هؤلاء يملك تذاكر المواقف بالرغم من عدم شرعية استغلال المكان ، لكن الكثير منهم لا يملك التذاكر ويفرضون على أصحاب السيارات دفع ثمن التوقف دون تسليم التذكرة. وخلال جولتنا بمدينة بومرداس، عبّر لنا الكثير من المواطنين عن تذمرهم الشديد من هذه الوضعية التي ظهرت كمهنة سهلة جديدة لدى أوساط بعض الشّبان البطال، إذ أصبح لزاما على أي شخص يركن سيارته في الشارع أن يدفع مقابل ذلك رغم عدم وجود أي قانون يوجب عليه ذلك، وإن رفض ذلك فحتما سيسمع ما لا يرضيه من هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم مسؤولين رسميين على مرافق عمومية تبقى ملكا للدولة والشعب. وتحدث مواطنون آخرون عن هاجس انعدام الأمن بهذه المواقف، نظرا للغياب الفعلي للحراسة من طرف هؤلاء الشبان الذين لا يتحملون في نهاية المطاف مسؤولية أي حادث، حيث أكد أحد المواطنين تسجيل العديد من السرقات على الرغم من توفر الحراس المزعومين، حتى وإن تقدم المتضرر بشكوى إلى الحارس فسينفي حدوث ذلك بموقفه. وما زاد الطين بلة هو اتخاذ بعض الشبان القائمين على حراسة هذه السيارات مهنة لاستغلال المواطن لتحقيق الكسب السريع، حيث يقدر مبلغ ركن سيارة بقيمة 30 دينار، حتى وإن كان لدقيقة واحدة لا أكثر، رغم أنهم يعملون بطريقة غير قانونية ولا يملكون وثائق رسمية تسمح لهم بتسيير الحظائر. ويرجع جل من التقت بهم “الفجر” السبب إلى غض المسؤولين البصر عن مثل هذه الممارسات التي جعلت المواطن تحت رحمة اللصوص والإنتهازيين الناشطين في المواقف والحظائر العشوائية. وأمام هذه الظروف التي تتأزم يوما بعد يوم، يناشد سكان وزائري مدينة بومرداس، الجهات الوصية لتوفير المرافق الضرورية واتخاذ الإجراءات التنظيمية للقضاء على الفوضى التي تسببها ظاهرة المواقف العشوائية للسيارات، حيث يبقى من الضروري على السلطات المحلية التدخل لتنظيم المواقف بمدينة بومرداس عاصمة الولاية، التي تعتبر عينة حيّة تعكس الفوضى المنتشرة في باقي المدن والبلديات الأخرى التابعة لإقليم الولاية. نشير أنه، قبل أيام، تمكنت مصالح الأمن الحضري الثاني في بومرداس، من إلقاء القبض على أفراد عصابة متكونة من شخصين، متخصصة في سرقة لواحق السيارات كأجهزة الراديو وغيرها من الأجهزة الخفيفة، التي تنشط على مستوى مواقف السيارات بمدينة بومرداس، إذ أوقفت ذات المصالح المتهمين مع استرجاع 6 أجهزة راديو كانت بحوزتهم.. وهذا يؤكد صحة تصريحات من التقينا بهم فيما يخص انعدام الأمن بذات المواقف، وهذا ما يرجح أيضا تواطؤ هؤلاء الحراس المزعومين مع عصابات متخصصة في سرقة السيارات ولواحقها.