يعتبر الباحث في علم الأنثربولوجيا والمختص في التصوف، الدكتور زعيم خنشلاوي، أن مقام الولي الصالح سيدي عبد الرحمن بالجزائر العاصمة، سيبقى مكانا مكرسا للسكينة وأن رسالة هذا الرجل الروحي توصي بالإمتناع عن توريث الأحقاد. وأشار الدكتور خنشلاوي لوكالة الأنباء الجزائرية، عشية الندوة الفكرية حول سيدي عبد الرحمن بدار الثقافة لبومرداس، أن “الجزائر العاصمة التي هي بمثابة قبة الإسلام وحورية البحر الأبيض المتوسط منذ زمان، تعد قلعة الصوفية وبستان الأولياء، وتحظى هذه اللبؤة المحدقة في البحر بأعين من لهب دون أن يرمش لها جفن ببركة وليها الصالح سيدي عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي”. وقال الباحث إن “انطلاقا من روضته الخضراء المعبقة بأريج المسك والمرشوشة بالحناء الواقعة في أعالي الربوة المطلة على فنار البحرية في قلب القصبة التي لا تقهر، لا زالت نبرات الصوت العذب الودود لحارس جزائر بني مزغنة تتردد في أفئدة جميع العاصميين”، مضيفا أن مقامه “سيبقى مكانا مكرسا للسكينة”. كما ألح على أن مقام سيدي عبد الرحمن كان دوما حرما آمنا و مأوى من “جحيم البشر” للغريب ولعابر السبيل وللأرملة ولليتيم وللمحتاج وللمضطهد وللمريض وللمعتوه وللمنبوذ وللمشرد.. وإذ ذكر بأن سيدي عبد الرحمن (1384-1471) ينحدر من سلالة شهيد الإيمان جعفر بن أبي طالب المعروف بالطيار بن عم النبي، أوضح الباحث أنه “يجسد الإنسان الكامل مثلث الأبعاد الذي اجتاز مراحل التأهيل الصوفي الثلاث”. كما أشار إلى أن هذا الولي الصالح قام بوظيفة الإرشاد الروحي لعموم سكان المحروسة “العاصمة”، فضلا عن تلقينه قواعد الحكمة الإلهية النظرية منها والتطبيقية لأعداد معتبرة من الجزائريين، مضيفا أنه قام بتحرير أكثر من 90 مؤلفا في علوم الظاهر والباطن، والتي من ضمنها “الجواهر الحسان في تفسير القرآن”، وأكد أن رسالة هذا الرجل الروحي “توصينا بالإمتناع عن توريث الأحقاد وتبلغنا أن حبل القربى لا ينبغي أن يقطع، وأن الكراهية لا يمكنها أن تشفى بالكراهية وإنما بالمحبة والتسامح”.