تغرق بلديات عنابة منذ السنوات الأخيرة في مشاكل عديدة لم تقدم لها السنوات حلولا وظلت صورة المجالس المحلية بالولاية مرتبطة بالانسداد والخلافات الحزبية والعجز المالي، حيث جنح هؤلاء نحو استهلاك ما يعادل 70 بالمائة من ميزانية التسيير وسط ضعف التأطير وعدم قدرة البلديات على التعاطي بمنهجية وإيجابية مع متطلبات واحتياجات المواطنين كما يكفي هنا الكشف عن حقيقة أعلنتها وزارة الداخلية نفسها باستحياء عن تواجد ولاية عنابة ضمن قائمة المجالس البلدية في الجزائر التي تحصي 60 بالمائة من الأميار في عداد الأميين أغلبهم يجهلون البرامج التنموية وآخرون دون المستوى، حيث لم تكن حلول الداخلية سوى صرف الأموال الطائلة لتأطيرهم لمعايشة واقع التنمية ببلدياتهم. المير إمبراطور في بلديته ومواطنون يتداولون الفضائح تعيش أكثر من 7 مجالس بلدية في ولاية عنابة وضعا لا يحسد عليه عندما يتعلق الأمر بقضايا التسير والتكفل بالإنشغالات المتزايدة للمواطن. ففي الوقت الذي يشكو المنتخبون داخل مجالسهم من الحساسية المفرطة في التعامل مع بعضهم البعض إلى درجة نصب الكمائن وإثارة الدسائس والفتن، لا يجد المواطن من وصف للمير إلا تسميته بالإمبراطور في مملكته؛ حيث أصبح هذا الأخير لا يراه إلا بوساطة من قريب أو صاحب، ولا يكاد أعضاء هذه المجالس الذين أسندت لهم مهمة تمثيل المواطن يذكرون إلا بالاسم، فقط بعد أن جردت منهم هذه المهمة أو تخلوا عنها بمحض إرادتهم، كما هو الشأن ببلدية البوني وعين الباردة اللتين تولت الإدارة تسيير شؤونهما حتى لا تتعطل برامج التنمية بسبب خلافات داخلية. وإذا كان أعضاء محليون ببلدية وادي العنب يحملون رئيس البلدية مسؤولية الانفراد بالسلطة، ما خلف نوعا من الانسداد وسوء التفاهم أدى إلى تدخل مديرية التنظيم كي لا يصابوا بالشلل. حتى بلدية البوني تعيش هذه الأيام وضعية استثنائية منذ أن طفت فضائح سوء التسيير واستغلال أموال الدولة لأغراض خاصة بالبناء الريفي، وترتب عنه غليان في أوساط المواطنين الذين أرهقهم التردد على البلدية والمطالبة بإعادة إدراجهم ضمن القائمة الاسمية للمستفيدين الذين كان أغلبهم من معارف المير وأقاربه. يحدث هذا في وقت تدحرجت فيه ثقافة التسيير والاهتمام بشؤون العامة لدى رؤساء المجالس البلدية الذين لا يفقهون حتى انشغالات مواطنيهم ولا يعرفون حاجياتهم، حيث أصبح أغلب سكان عنابة يرفعون شكاويهم مباشرة إلى الوالي، فيما يبقى الإمبراطور في بلديته يعقد صفقات مشبوهة ويتعاطى الرشاوى مع بعض المقاولين والمتعاملين مع المشاريع الضخمة، مستغلا فراغ الساحة وانحصار دائرة المراقبة البعدية الذاتية بصورة حفزت وشجعت على التسلط، ليتحول هذا الأخير في فترة وجيزة إلى “ثري جديد”. رئيس بلدية أخرى لا تبعد كثيرا عن عاصمة الولاية اشترى 3 سيارات فخمة “بريستيج” مستغلا الميزانية التي وجهت إلى تعزيز التنمية الجوارية ببلديته التي تنعدم للموارد، ما جعلها تصنف التاسعة من بين البلديات المصنفة على المستوى الوطني من ناحية الفقر، وهذا ما يرد به المير على مواطنيه عندما يطالبون بتحسين أوضاع معيشتهم. أميار تحولوا إلى أثرياء في ظرف وجيز طالب بعض المنتخبين المحليين خلال دورة المجلس الولائي من الوالي بفتح تحقيق في العديد من المجالس البلدية بشأن أولئك الأميار الذين تحولوا في ظرف وجيز إلى أثرياء دون رقيب أو حسيب، وهو ما بات يطرح أكثر من سؤال حول كيفية تحصيل هذه الشريحة لأموال طائلة بعد مرور سنتين فقط على انتخابهم على رأس بلدياتهم التي غضت إدارتها الطرف على الكثير من الأمور والتجاوزات الخطيرة، خاصة أن هناك أميارا متواطئون مع الأعوان البسطاء، وتوريطهم في قضايا الفساد. ففي كثير من الأحيان نلاحظ موظفين بلا مسؤولية يتحملون وزر ملفات أكبر من مستوياتهم وتحصيلهم العلمي والتكويني لإنقاذ رؤساء بلدياتهم من الفضائح، وهو ما خلق تراكمات لازالت مسجلة في أكثر من بلدية، منها النمط السلبي في التسيير بالرغم من الميزانية الضخمة التي تخصصها الولاية لهذه البلديات. وعلى سبيل المثال، فإن رئيس بلدية البوني الذي تم القبض عليه من طرف مصالح الأمن الأسبوع الماضي متلبسا بتلقي الرشوة تحول إلي رجل ثري؛ حيث يملك عقارات ومنقولات وأشياء أخرى إلى جانب مير الشرفة السابق الذي قضى عقوبة 5 سنوات سجنا بسبب تبديد أموال الدولة وإبرام الصفقات المشبوهة وقضية الإختلاسات تحول خلال 4 سنوات إلى رجل ثري يملك 3 سيارات وفيلا تشبه القصر. وحسب مصادر موثوقة أكدت للفجر أن الثراء الفاحش الذي ينعم به أميار عنابة جاء على خلفية قضايا نهب العقار والتحويلات المشبوهة التي اشتدت بين 2000 و 2007 وعليه يبقى 7 أميار بالولاية على اللائحة السوداء لأنهم تحولوا إلى أثرياء في ظرف وجيز حسب التحقيقات الأولية لمصالح الأمن بعنابة. لجنة تحقيق مرتقبة ويد الغازي تنبش في أسرار الثراء الفاحش والصفقات وضع والي عنابة، محمد الغازي، عدة أميار تحت المجهر منذ بداية العهدة الجارية التي لم تتعد السنتين بسبب الثراء الفاحش وسوء التسيير وكذا الإشتباه في ملفاتهم القضائية قبل الترشح، حيث تبين أن بعض الأميار متورطون في فضائح لا أخلاقية وقضايا أخرى دخلت أروقة العدالة ورغم ذلك قدموا ملفاتهم للترشح والفوز بالإنتخابات بطرق ملتوية والرشوة لشراء الكرسي الذي حولوه إلى عصا موسى في تحقيق أحلامهم وتحصيل أموال كثيرة. وحسب مصادر عليمة أكدت أن يد الغازي بدأت تنبش في أسرار الثراء والصفقات وتبتغي إماطة الغطاء عن ممارسات مشابهة ظل عرابوها خارج القانون إذ يعود كثير من الملفات الفاسدة إلى فترة التسعينيات أين وجد عدد من المنتخبين والموظفين في التراكم المكثف للملفات فرصة للمقايضة والتلاعب وبينت التحقيقات الميدانية عدة استفادات مشبوهة لأشخاص من المجتمع المفيد ونقلت مصادر مطلعة أنه بداية من الأيام القادمة ستحل لجان تفتيش ولائية للنبش في ملفات النهب والفساد والطرق التي سلكتها بعض المشاريع خاصة في مرحلة 2005 - 2009 والشبهات التي تلف بعض الصفقات، منها ما يتعلق بتسليم بعض المشاريع عن طريق القبول لبعض المقاولين المقربين من الجهاز التنفيذي واتخاذ قرارات دون مداولات، وكذا المطالبة بالخبرة في بعض المشاريع المجسدة. الأمن يحقق في الصفقات وطريقة التسيير ب 6 بلديات باشرت الأسبوع الماضي مصالح الأمن بعنابة تحقيقا معمقا يتعلق بطريقة تبديد أموال الدولة ب 6 بلديات رفعها بعض المواطنين تتعلق بطريقة الغش في إنجاز بعض المشاريع التنموية والتي استهلكت الملايير دون تحقيقها، وكذا ظروف منح تلك الصفقات التي أبرمت في أغلب الحالات دون المرور على الشروط القانونية بعيدا عن صيغة التراضي. والجدير بالذكر أن مشروع الإنارة العمومية فجر الوضع ببلدية الحجار التي تعيش هذه الأيام على صفيح ساخن وذلك بإقدام عامل على إنجاز مشروع الإنارة الكهربائية بطريقة مخالفة للقوانين حيث لم يتقيد صاحب المشروع بالشروط المتفق عليها ليعمد الى استبدال الأعمدة بأخرى قديمة بعد إعادة طلائها. إلى جانب ذلك حققت المصالح الأمنية مع بعض المستثمرين الذين حولوا العقارات الى نشاطات أخرى على مستوى مناطق عين الباردة وبرحال. لتبقى الفضائح تلاحق بلدية البوني على إثر ملف قفة رمضان والتي قدرت قيمتها ب 2 مليار سنتيم فيما اقتطع منها المير الحالي الذي هو رهن الحبس المؤقت بتهمة الرشوة أكثر من 250 مليون سنتيم تم تحويلها إلى حسابه الخاص، وكذا قضية مشروع النافورة التي استهلكت الملايير لكنها بقيت في الأخير مجمدة. وفي سياق متصل لايزال التحقيق جار على مستوى بلدية وادي العنب على خلفية الإحتجاجات الأخيرة التي شنها أكثر من 50 مواطنا جراء إقصائهم من قائمة الاستفادة من السكنات الإجتماعية والتي استفاد منها معارف وأقارب المير، إلى جانب تحقيقات في مشاريع أخرى كمشروع شبكة التطهير على مستوى شاطئ رفاس زهوان على غرار التحقيقات التي شملت بلديتي العلمة وسرايدي. وعليه فإن البلديات السبع تبقى محل تحقيق إلى أن يأتي دور العدالة للفصل النهائي في هذه الفضائح التي أصبح يتداولها المواطنون في الشوارع والمقاهي. أميار عنابة رعاة وآخرون رهن الحبس تدين لهم الدولة بالملايير تجاوز تحايل رؤساء بلديات عنابة كل التوقعات واستبيحت فيه كل الطرق لاختلاس الأموال وتعاطي الرشوة وقد بلغ بهم الأمر حد استغلال البسطاء من الناس وإقحامهم بطريقة أو بأخرى في عمليات السرقة والبزنسة مع بارونات المال والأعمال بالولاية. كل هذه التجاوزات أدت ب 7 أميار للمثول أمام العدالة ومن ثم إدانتهم بعقوبات مختلفة وعند انقضاء مدة العقوبة وجد الأميار المنتهية إمارتهم أنفسهم مجرد رعاة لدى أصحاب المستثمرات الفلاحية لإعانة أولادهم أو تحولوا إلى مجانين يجوبون الشوارع وهناك من يرقد بمستشفى الأمراض العقلية الرازي بعنابة، كل هؤلاء لاتزال الدولة تدين لهم بمئات الملايير كما أن لعنة المواطنين الذين وضعوا فيهم الثقة تلاحقهم في كل مكان وزمان. داخلية زرهوني تبرر وضع بلديات عنابة بغياب الاحترافية تعلق وزارة زرهوني آمالا على قانون البلدية المنتظر الإفراج عنه على أمل تغيير الصورة السوداء للمجالس المحلية وتحسين مستوى التسيير من خلال تأطير الأميار وتوجيههم لمعرفة البرامج التنموية والنهوض بواقع التنمية المحلية. وعن الخلافات التي تعيشها بلديات عنابة بررها زرهوني، حسب مصادر عليمة، بغياب الاحترافية، الأمر الذي أدخل الكثير من المجالس في انسداد، علما أن الإفراج عن قانون البلديات سيحمي الأميار من الرشوة والصفقات المشبوهة واستغلال مال الدولة لأغراضهم الخاصة وذلك تزامنا مع إدراج تعديلات بخصوص رفع رواتب المعنيين. وأمام هذا الوضع تبقى بلديات عنابة رهينة الفوضى والسياسة الفاشلة إلى إشعار آخر.