وأخيرا.. انتهت أزمة سوناطراك بتعيين مدير عام جديد لها، وانتهت معها أزمة أخرى، حيث كنا نظن أن الجزائر ”عقرت” ولم تعد تنجب الرجال، إذ لم تجد رجالا أكفاء لإدارة مؤسسات في حجم سوناطراك، التي كانت تطرح في كل مرة مشكلة من يديرها، في المرة الأولى بعد وفاة مديرها السابق، وهذه الأيام منذ إحالة مزيان على القضاء، في إحدى أكبر قضايا الفساد التي هزت البلاد مؤخرا، حتى أننا كدنا نفقد الأمل في وجود رجال يغارون على مصلحة البلاد في هذا القطاع الحساس. لكن لتعيين نور الدين شرواطي مديرا عاما أكثر من دلالة، فمن خلال قراءة متأنية للسيرة الذاتية للرجل، نفهم المغزى من هذا التعيين، فالرجل بدأ حياته كإطار ساهم في تطبيق سياسة تأميم المحروقات التي أقرها الراحل بومدين ذات يوم من فيفري 1971، وهو ما يعني عودة فكرة ملكية الدولة للمحروقات، التي تخلت عنها سابقا لفائدة الشركات الأجنبية الفائزة بعقود التنقيب والاستغلال منذ بداية الانفتاح. فسوناطراك هي أكثر من شركة اقتصادية. سوناطراك كانت دائما رمزا لسيادة الدولة. والدلالة الأخرى هي حماية هذه الشركة من الاختراق من قبل مصالح أجنبية، أو من أشخاص يحرصون على خدمة المصالح الأجنبية والأمريكية بالتحديد، قبل المصلحة الوطنية، مثلما حدث مع الشركة الأمريكية ”بي أر سي” التي ما زال الرأي العام يجهل الكثير عن التلاعبات بالمال العام وبمصالح البلاد، باسمها. صحيح أنه ليس من السهل العودة إلى عهد التأميمات، والإلقاء بالشركات الأجنبية والأمريكية، خاصة التي لديها مصالح في الجنوب الجزائري، في البحر، لكن مثل هذا التعيين سيحمي على الأقل ما بقي من مكاسب التأميمات ودعمها. ثم إن إبعاد المدير بالنيابة فغولي، القريب من وزير النفط شكيب خليل، يعني أيضا الكثير، وقد تكون الرسالة الأولى التي يبعث بها الرئيس إلى وزيره للمحروقات أنه لم يعد موثوقا فيه، ولا في المقربين منه، إن لم يكن هذا تمهيدا لإبعاد شكيب من وزارة النفط، وهو الذي يقف في عين الإعصار الذي حل بقطاع المحروقات منذ أشهر خلت.