مازالت عقدة العالم الغربي من جريمة الهولوكوست تأتي أكلها، ومازالت إسرائيل تستغلها لتحقيق المزيد من المكاسب. فأرض فلسطين التي أخذتها عنوة من أهلها بمباركة الغرب، لم تعد تكفي الإسرائيليين، فأطماعهم صارت تمتد إلى كل شبر عربي، ولم لا يثرب، ولم لا إيران، إيران التي تطالبها إسرائيل بآبار نفط تركها يهودي لما هاجر إلى أرض الميعاد. منذ سنوات، تناقلت وسائل إعلام مصرية أن مصر بدأت تعوض لليهود المصريين الذين هاجروا إلى إسرائيل أملاكا قدرتها إسرائيل ب 10 ملايير دولار، ولهذا الغرض استحدثت مؤخرا وزارة شؤون المتقاعدين الإسرائيلية، دائرة جديدة غايتها البحث عن أملاك لليهود الذين هاجروا من الدول العربية إلى إسرائيل واستعادتها، وهذه الأملاك تعود إلى أزيد من 500 ألف يهودي هاجروا إلى إسرائيل من اليمن والعراق ومصر والمغرب وإيران وتونس وغيرها. لم تذكر صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، التي نشرت الأربعاء الماضي هذا الموضوع، أي شيء فيما يخص الجزائر، لأن لا أحد ضغط على يهود الجزائر وأجبرهم على الرحيل، سواء إلى إسرائيل أو إلى فرنسا، أو غيرها من الدول الغربية، فهؤلاء فضلوا مغادرة الجزائر طواعية، مثلهم مثل الفرنسيين، غداة الاستقلال، لأنهم اختاروا أن يكونوا مواطنين فرنسيين بناء على قوانين كريميو 1871 التي جعلت منهم مواطنين فرنسيين، الأمر الذي رفضته للجزائريين المسلمين، وبالتالي ليس من حق يهود إسرائيل أو يهود فرنسا المطالبة بأملاك تخلوا عنها من تلقاء أنفسهم، تماما مثل الفرنسيين الذين فروا بعد إعلان الاستقلال وتركوا أملاكهم شاغرة. الأكيد أن إسرائيل ستضغط بهذا الملف للحصول على المزيد من التنازلات من طرف الأنظمة العربية، وستأخذ حتما نصيبها من كعكة عراق الاحتلال الأمريكي، وربما سيمتد طمعها حتى يثرب، وإن لم تحقق تعويضات من هذه البلدان، لاشك أنها ستضمن سكوت أنظمتها على تهويد القدس أو غيرها، فإسرائيل مازالت عازمة على استعادة ما تسميه إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل. المؤسف أنه بقدر ما استقوت إسرائيل وتمادت في المطالبة بما تسميها أرضها التاريخية بقدر ما خفت الصوت العربي، ولم يعد هناك من يطالب إسرائيل بالخروج من أرض أخذتها عنوة وجعلت من أهلها شتات ولاجئين في كل المعمورة.