ما حدث للفرنسيين في صحراء مالي مؤخرا هو درس للفرنسيين وغير الفرنسيين الغرباء عن المنطقة.. الذين يرون ضرورة القيام بحشر الأنف الأمني في هذه المنطقة!؟ فرنسا عقدت مجلس حرب في باريس بعد أن "قرعتها" أمنيا في تدخلها غير الموفق.. وبطريقة زادت من المتاعب الأمنية للمنطقة ولفرنسا! الجزائر كانت دائما تحذر من مغبة التورط الأمني المباشر للقوى الأجنبية في دول الساحل والصحراء! ورأت أن هذا التورط يعقد المشاكل أكثر مما يساعد في حلها! ولكن فرنسا كانت ترى أن الجزائر تريد إبعادها عن المنطقة لاعتبارات أخرى غير الاعتبارات الأمنية.. ولذلك تدخلت.. فكانت النتيجة هذه التي اجتمع من أجلها مجلس الحرب في الإليزي! ترى كيف ستواجه باريس الوضع في هذه المنطقة بعد الذي حدث وهي التي دعت رعاياها إلى مغادرة المنطقة؟! الآن طار وزير خارجية فرنسا إلى دول الساحل وموريتانيا لترميم ما يمكن أن يرمم بعد الذي حدث! الجزائر كانت دائما تنصح بالتنسيق بين دول المنطقة في ملاحقة الإرهاب والمخدرات والتهريب وعناصر الجريمة العابرة للحدود.. وترى في هذا التنسيق الأسلوب الأنجع في محاربة هذه الآفات! وكانت تحذر كل الدول في المنطقة من سياسة الملاحقة التي تقوم بها قوات أمن هذه الدولة داخل الدولة الأخرى، لأن ذلك قد يخلط الأوراق ويميع المسؤولية الأمنية لكل دولة مثلما كانت الجزائر وما تزال تحذر من التورط الأجنبي في هكذا عمليات أمنية عابرة للحدود! فهل بعد الذي حدث تعود باريس إلى رشدها وتسلم بأن الطرح الجزائري لمعالجة مسألة الأمن في المنطقة هو الطرح السليم الذي ينبغي اعتماده؟! نعم فرنسا قوة عظمى، ولها مصالحها وتأثيرها في المنطقة.. لكن في الموضوع الأمني المطروح على المنطقة حاليا تبقى الجزائر هي البوابة الأساسية التي لا يمكن القفز عليها! نتوقع أن يكون ما حدث للفرنسيين في مالي وموريتانيا بمثابة المنبه إلى خطورة التورط الفرنسي المباشر في المسائل الأمنية الخاصة بالمنطقة.. حتى لا تكون فرنسا مثل النعامة التي تكسر بيضها في الرمال!؟