منذ الإعلان الرسمي لقيام ''الكيان الصهيوني'' في 15 ماي ,1948 ظل ''دافيد بن غوريون'' David Ben Gurion رئيس الوزراء حريصا على حث تلامذته واتباعه من قادة دولة الكيان الصهيوني''اسرائيل'' مثل ''شمعون بيريس''Shimon Peres وزير الدفاع، وقادة جيشه مثل''موشي دايان''Dayan، ''موردخاي جور'' Gore، ''ايغال ألون'' Eagal Alone... وغيرهم بالاهتمام بأمن إسرائيل والتوصية بضرورة امتلاك القدرة النووية كإستراتيجية إسرائيلية في مواجهة التفوق البشري العربي. القنبلة النووية هاجس اليهود اعتمد البرنامج النووي الإسرائيلي مقولة''إيجال ألون''enolA lagaE المشار إليها في كتابه ''إنشاء وتكوين الجيش الإسرائيلي''، والمعبر عنها بوضوح: ''يجب على إسرائيل ألا تسمح بأن تجعل وجودها يعتمد على ضمان خارجي مهما كانت الظروف، ذلك يعود لعدة أسباب: فقد يؤدي إلى خضوع إسرائيل إلى ضغط سياسي حول حل النزاع العربي الإسرائيلي في صالح الأعداء، أو قد لا تكون الدولة الضامنة معنا تماما، وأخيرا فإننا نعيش في عالم اصنعها بنفسك- واستمرار بقائنا يعتمد على قدرتنا الذاتية في الدفاع عن أنفسنا دون مساعدة خارجية''. وبهذا المنطق كثفت إسرائيل جهودها بالتعاون مع جهات عديدة وأساسية وخاصة الولاياتالمتحدة من جهة وفرنسا من جهة أخرى إضافة إلى دول أخرى مكملة ككندا وجنوب إفريقيا وتايوان حتى وصلت إلى تخطي العتبة النووية. واستمرت إسرائيل على التكتم والإنكار بكل ما يتعلق بحجم برنامجها النووي وأهدافه العسكرية حتى عام 1995 ظل معهد أبحاث السلام في السويد ينشر في تقاريره أن إنتاج وتطوير الأسلحة النووية قد توقف في العالم باستثناء دولتين هما إسرائيل والهند اللتان تواصلان إنتاج البلوتونيوم لأغراض عسكرية. وقدر التقرير، حينها، أن مخزون إسرائيل من البلوتونيوم الصالح لأغراض عسكرية يقدر بنحو 440 كغ والهند 350 كغ، ولعل في تلك الأرقام دلالة واضحة على أن إسرائيل كانت مستمرة في تطوير برنامجها النووي حتى في ظل تفوقها النووي في المنطقة، وفي ظل التغيرات في المنطقة ومنها طرح الدول العربية أمام إسرائيل من خيارات للسلام في المنطقة. حافظ البرنامج النووي الإسرائيلي على تفاصيل سريته ومجالات تعاونه مع دول عديدة وخاصة مع فرنسا. وجرى التكتم على تفاصيل تجاربه ومواقع تنفيذها في مناطق عديدة من العالم، ومنها الصحراء الجزائرية، رغم بعض التسريبات التي نشرها الإعلام العالمي عنه هنا وهناك، وما عرف عنه من خلال بعض الإشارات التي وردت في تقارير العديد من المخابرات العالمية ومنها المخابرات المركزية الأمريكية CIA نفسها. منذ أكثر من أربعة عقود، منذ ستينيات القرن الماضي، تسربت المعلومات عن تعاون نووي واسع يتم بين إسرائيل وجنوب إفريقيا ومع فرنسا، في الوقت الذي كان هذا التعاون يتم في أفضل حالاته مع الولاياتالمتحدة ويحظى بدعم قادتها ونخبها العلمية والذرية. إن المعلومات حول التعاون النووي الفرنسي الإسرائيلي ظلت دائما في الظل ولازالت تفاصيله حبيسة أدراج الأرشيف الفرنسي والإسرائيلي معا، لكن الحقائق حول الصفقات النووية الفرنسية الإسرائيلية بدأت تظهر وتثير فضول الباحثين، خصوصا بعد أن فجر الفرنسيون قنابلهم النووية السطحية والباطنية خلال سنوات الستينيات من القرن الماضي والاستخدام الواسع للأراضي الصحراوية الجزائرية لإجراء التجارب الصاروخية وبعدها النووية في فترة من الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. ولم تتوان إسرائيل من أن تقدم على العديد من الأنشطة السرية من خلال عملاء الموساد الإسرائيلي للحصول على المواد والأجهزة النووية والمعلومات، وأن تخترق العديد من المؤسسات والمخابر النووية الغربية بالتعاون مع عملاء يهود وغير يهود خلال شبكات متخصصة كانت مسيرة من قبل الموساد الإسرائيلي ونشاطه الخارجي للحصول على ما يحتاجه المشروع النووي الاسرائيلي. سلكت من أجل تحقيق أهدافها عدة طرق، منها المشروعة وأخرى غير المشروعة لتقايض بما يتوفر لها من مواد وخبرات للتعاون والتبادل مع دول أخرى مقابل امتيازات لها تضاف لتطوير مشروعها النووي. وكما هو الحال مع المشروع النووي الفرنسي والمشروع النووي الجنوب أفريقي خلال فترة حكم نظام الميز العنصري''الابارتهايد'' استفادت إسرائيل من خبرات علمائها في مجالات عديدة جعلتها تصل إلى غاياتها في اختراق العديد من المشروعات النووية للدول الأخرى، وخاصة المشروع الفرنسي والجنوب إفريقي من خلال التعاون وتبادل الخبرات. في عام 1953 عقدت إسرائيل مع فرنسا ''اتفاقية للتعاون النووي'' وبموجب تلك الاتفاقية ''سمحت فرنسا للعلماء الإسرائيليين بالاستفادة من التدريب والتقنية الأساسية الفرنسية في الميدان النووي. وحسب ''جاك ديروغي'' Jacques Derogy في مقالته حول اتفاقية التعاون النووي بين فرنسا وإسرائيل التي في رأيه: ''... كانت خارج أي إشراف برلماني في فرنسا، ففي أكتوبر 1956 كان رئيس الوزراء ''غي موليه'' ووزير دفاعه ''بورجيس مينوري'' ومدير مكتبه ''ابيل توماس'' قد باشروا مجتمعين مع ''شمعون بيريس'' وزير دفاع ''بن غوريون'' سباق التسلح العالي وتبادل المخترعات، باتصالات مباشرة من وراء ظهر دائرة التوثيق الخارجي ومكافحة التجسس، ودائرة مراقبة الأراضي، إجراءات سرية مختلفة وحميمية كانت أكبر من مما بين جهازي الدولتين''. وينقل ''جاك ديروغي'' عن ''بيير بن ''مؤلف كتاب ''قنبلتان'' الصادر عن دار النشر الفرنسية ''فيارد'': ''أن رجلا مكلفا أنشأ في أفريل 1958 شركة وهمية لحساب ''سان غوبان'' الذي وضع ديمونة موضع العمل بلا علم الجنرال ديغول. وقد تشعب المفاعل الذي كان مختف خلف واجهة معمل للنسيج في نهاية عام .1962 وأصبح معمل الاستخراج يعمل نهاية ,1966 وجربت الصواريخ الحاملة للرؤوس المنقولة من قبل داسو في ربيع .1967 جاء في نشرة الدليل السنوي حول القوات المسلحة في العالم الصادر في باريس عام 1982 : ''أن مفاعل ديمونة يمكنه أن ينتج 9 كغ من البلوتونيوم، وهو ما يكفي لصنع قنبلة ذرية من طراز قنبلة هيروشيما خلال تلك الفترة، إن التقارير المتسربة عن أوضاع مفاعل ديمونة أشارت إلى أن الفرنسيين بنوا منشآت فصل البلوتونيوم تحت الأرض بعيدا عن المراقبة وتسمح تلك المنشآت من إنتاج 4 5 كغ من البلوتونيوم في السنة معدة للأغراض العسكرية. وفي السبعينيات تمت توسعة المفاعل إلى قدرة وصلت إلى 70 ميغاواط، مما يتيح له إنتاج كميات من البلوتونيوم تكفي صنع 8 قنابل نووية سنويا ''يشير الدليل السنوي عن القوات المسلحة الصادر في باريس عام 1982 إلى أن الخبراء الإسرائيليين هم الذين زادوا من قدرة مفاعل ديمونة إلى 70 ميجاواط''. ومهما اختلفت التقديرات حول قدرة ديمونة على إنتاج البلوتونيوم إلا أنها لا تقلل من قدرته على إنتاج كميات ما بين 89 كغ عندما بدأ الإنتاج بقدرته الكاملة، فإن إسرائيل وفي حدود عام 1960 تكون قد جمعت الكمية اللازمة من البلوتونيوم لصنع قنبلة من طراز قنبلة نغازاكي التي تطلبت 10.441كغ. التجربة في رقان والنتائج لصالح الكيان الغاصب منذ الخمسينيات كان العلماء والفنيون الإسرائيليون قد حصلوا على جملة من المعارف والخبرات، وذكر ''لدليل السنوي للقوات المسلحة ص ''64 أنه في بداية الستينيات: ''ان الفرنسيين ربما فجروا في منشآتهم الصحراوية قنبلة ذات فكرة فرنسية إسرائيلية''، لا تخفي الكثير من المراجع معرفتها المبكرة بمستوى التطور النووي الإسرائيلي حين أشارت منذ 1961: ''... إلى أن مؤسسة البحث العسكري الإسرائيلية امتلكت عددا من المختبرات الكبيرة والتقنيين الذين يعرفون كيف يفجرون كبسولة الأجهزة النووية. وهكذا يبدو أن المساحات الشاسعة من الصحراء الجزائرية وحاجة فرنسا إلى الخبرة الإسرائيلية دفعت بالتعاون الفرنسي الإسرائيلي إلى مداه. وهذا يعني بشكل جلي أن فرنسا مكنت إسرائيل من الاطلاع على نتائج التجارب الذرية الفرنسية الأولى في الصحراء الجزائرية من خلال المشاركة والتنفيذ الميداني. ومقابل ذلك باعت إسرائيل لفرنسا براءات اختراع للعالم ''إسرائيل دوستروفسكي'' منها إمكانية الوصول إلى إنتاج الماء الثقيل بطريقة كيميائية منخفضة التكاليف، كما نجحت في تحضير اليورانيوم الطبيعي من الفوسفات، حيث عمل الدكتور ''إسرائيل دوستروفسكي'' في قسم البحوث عن النظائر في معهد وايزمان وطور عملية كيميائية لإنتاج الماء الثقيل الضروري لعمل المفاعلات. كان نجاح العالمين الإسرائيليين ''أشعيا نيبنزال''Isaiah Nebenzahl و'' مناحيم ليفين'' Menahem Levin في معالجة تخصيب اليورانيوم باستخدام أشعة الليزر، وهو ما يعتبر أرخص وأسرع وسائل التخصيب في العالم، حيث أمكن تخصيب 7 غرامات يورانيوم 235(U235) بدرجة 60٪ خلال يوم واحد فرصة أخرى لإتمام التعاون الإسرائيلي الفرنسي. تطور التعاون النووي الفرنسي الإسرائيلي بشكل عكس حاجة كل من الطرفين لما يمتلك الآخر من إمكانيات ولخرق الحصار التقني الذي فرضته دول النادي العالمي النووي آنذاك على غيرها من الدول لمنع انتشار الخبرات النووية خارج دولها وخاصة في الحصول على الماء الثقيل واليورانيوم. صاروخ أريحا الصهيوني وتجربته في بشار كما أن تكنولوجيا الوقود الصلب الإسرائيلية كانت أكثر تطورا من نظيرتها الفرنسية. كما أن مجالات أخرى في تصنيع الصواريخ الفرنسية كانت أكثر تطورا من نظيرتها الإسرائيلية، وبهذا الصدد يشار إلى دفع إسرائيل ما قيمته 100 مليون دولار إلى فرنسا في أوائل الستينيات مقابل قيام فرنسا بتقديم يد المساعدة لإسرائيل في تطوير صاروخ أريحا الذي يعتبر من أكثر الصواريخ الإسرائيلية تطورا جرى تجريبه في منطقة حماقير في ولاية بشار في الصحراء الجزائرية منذ عام .1956 إن صاروخ أريحا، وهو الأكبر حجما والأعظم أهمية تمت عملية بنائه في البداية في مصانع فرنسية، كما قام العلماء الفرنسيون بتجربته في موقع طولون الفرنسي ومن ثم إطلاقه وتجريبه على الأرض في جنوب الصحراء الجزائرية في الخمسينيات من القرن الماضي. إضافة إلى التعاون في المجال الصاروخي بين فرنسا وإسرائيل كانت إسرائيل طريقا لمرور كثير من التكنولوجيات النووية نحو فرنسا وقد تمكنت إسرائيل من بيع العديد من تلك التكنولوجيات إلى فرنسا مقابل امتيازات أخرى منها المشاركة المباشرة بتفجيرات فرنسا النووية في الصحراء الجزائرية. توافقت احتياجات كل من فرنسا وإسرائيل في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن الماضي. كلتا الدولتين لديها من الإطارات العلمية والتقنية في المجال النووي وكلتاهما بدأت التفكير بالتسلح النووي العسكري. وفي إسرائيل احتل التفكير بالمشروع النووي الإسرائيلي حال قيام دولة الكيان الصهيوني من جانب الدكتور ''حاييم وايزمان'' Haiem Wiesman أول رئيس لدولة إسرائيل، والذي كان على صلات وطيدة مع العلماء المتخصصين في مجال الذرة منذ الحرب العالمية الثانية، وكان ''ديفيد بن غوريون'' رئيس الوزراء الإسرائيلي مقتنعا أشد الاقتناع بضرورة سعي إسرائيل إلى امتلاك السلاح النووي. ولم يمض على قيام إسرائيل في 15 ماي 1948 سوى ثلاثة أشهر تجسد هذا الحرص الإسرائيلي في إنشاء مؤسسة الطاقة الذرية الإسرائيلية في 15 أوت 1948 تحت إشراف وزارة الدفاع. ضمت المؤسسة علماء الذرة الإسرائيليين ومن ضمنهم علماء بارزين من أصل فرنسي مثل ''دي شاليت'' De Shalet و ''كوتييلي'' Kotielly . و''تالمي'' Talme الجيكي و ''بيلاج'' Bylag النمساوي و''هابر شايبم'' Heber Shaibem. من ألمانياالشرقية. أرسل ''دي شاليت'' و''كوتيلي'' و''جولدنبرج'' عام 1949 إلى بريطانيا للتخصص في الكيمياء الإشعاعية وكيمياء التفاعلات النووية وأرسل ''تالمي'' إلى ألمانيا للتخصص في الإشعاعات النووية واختص ''بيلاج'' في تطبيقات النظائر المشعة. أما ''هابر شايبم'' Heber Shaibem فقد سافر للتخصص في مجال النظائر المشعة إلى الولاياتالمتحدة، حيث عمل في مختبرات لوس الاموس في نيو مكسيكو لمدة أربع سنوات تحت إشراف '' روبرت اوبنهايمر'' Robert Openheimer. كما أرسلت بعثة من المهندسين النوويين إلى الولاياتالمتحدة للتدريب في ''مشروع فلوشير'' Floshare Plant الخاص بدراسة تقنيات التفجيرات النووية تحت الأرض، حيث كان العالم الأمريكي ''روبرت أوبنهايمر'' قد توسط لتدريب أفراد البعثة الإسرائيلية في ذلك المشروع. وعندما أعلن الرئيس الأمريكي ايزنهاور Eisenhour عن برنامج ''الذرة من أجل السلام'' في 15 نوفمبر 1954 وأعلنت الأممالمتحدة عن إنشاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 4 ديسمبر 1954 وقد استفادت إسرائيل كثيرا من المساعدات العلمية والتقنية وحظيت بحصة الأسد من النظائر المشعة واليورانيوم الطبيعي والمخصب الذي كانت تقدمه الولاياتالمتحدة بموجب البرنامج المذكور، فقد حصلت إسرائيل على 390 شحنة من أصل 3785 شحنة من النظائر المشعة أي حوالي11٪ ، أو ما يعادل أكثر من حصة 6 دول مجتمعة كما نالت على كميات كبيرة من المساعدات الأمريكية المقدمة ل 26 دولة من بينها إسرائيل. تضمنت تلك المساعدة 265 طن من اليورانيوم الطبيعي، و 192 طن من اليورانيوم المخصب، و11 طنا من اليورانيوم الجاهز للتفجير و 30 كغ من البلوتونيوم، وحصلت إسرائيل بموجب هذه المساعدات على 90٪ من الوقود النووي اللازم لتشغيل مفاعلاتها. لم يكد عام 1955 يطل حتى تم تأسيس أول قسم للفيزياء النووية في معهد وايزمان للعلوم في رحابوت Raha vot، ثم تولى العلماء النوويون الإسرائيليون واليهود العائدون من الخارج بعد انتهاء دراساتهم الإشراف على الأبحاث النووية، منهم د.جيرالد بن دافيد و''ابراهام بار اور و''يوسف نعمان'' و''اسحق ماركوس'' و''جاكوب تدمر''. توالت التخصصات والأقسام الجامعية في مختلف التخصصات الفيزيائية والهندسية النووية وتجاوز عدد علمائها وخبرائها المائة من بينهم البروفسور ''ابرجمان'' والبروفسور''ش.يفتاح'' ور''تساهي جزاني'' وغيرهم جميعهم تلقى تدريبا متخصصا عاليا في ميدان العلوم النووية في ألمانياوفرنسا وانجلترا والولاياتالمتحدة. إضافة إلى مفاعل ديمونة كانت إسرائيل قد بنت مفاعلات ومشروعات نووية في ناحال سوريك ومدن أخرى بعضها تحت الأرض. مفاعل ديمونة .. تاريخ عريق في الإجرام والخبث تملك المؤسسة النووية الإسرائيلية أربعة مفاعلات ذرية موجودة في المدن التالية: ريشون ليزيون ، وهو أول مفاعل اسرائيلي تم بناؤه في 20 نوفمبر 1954 شمال مدينة ريشون ليزيون وانتهى بناؤه في 25 ديسمبر 1956 وبلغت طاقته الإجمالية 8 ميجاواط من النوع الحراري غير المتجانس مخصص للأبحاث العلمية وإنتاج النظائر المشعة. يستخدم اليورانيوم الطبيعي بنسبة 80٪ ويورانيوم 235 بنسبة 20 ٪ ويستخدم الماء الثقيل كمعدل ومهدئ. لم ينته عام 1957 حتى كان العلماء الإسرائيليون بالاشتراك مع خبراء أمريكيين منهم ''هوستون'' و ''وينبرغ '' و ''بروكسي'' و ''جلاستون'' و''روزنبلات '' و''باركنز''، إضافة إلى خبراء آخرين كانت طاقته التشغيلية 8 ميجاواط، ورغم اشتغاله منذ 1959 لم تعترف المصادر الإسرائيلية بوجوده إلا عام 1960 حيث استغل للأبحاث العلمية، وعن طريق الزيارات إليه تمت دعوة كبارع لماء العالم في المجال الذري، وفيه تمت عملية تخصيب اليورانيوم باستخدام الليزر، إسرائيل صاحبة براءة الاختراع لهذه الطريقة الهامة في تخصيب اليورانيوم.وأخيرا مفاعل ديمونا Dimona الذي تقرر بناؤه منذ 1957 كمفاعل ذو قدرة كبيرة أساسا ليفي باحتياجات إسرائيل النووية المستقبلية. جرى بناء هذا المفاعل حسب تصميمات فرنسية، وضعتها لجنة الطاقة الذرية الفرنسية تشبه تصميمات المفاعل G3 الذي بني في ميركول بفرنسا، والحرف G هو اختصار لكلمة جرافيت ، حيث يستخدم المفاعل الجرافيت كوسط ومادة معدلة. ومن الناحية الرسمية أعلن عن تشغيله عام 1960 بعد أن افتضح وجوده من قبل الولاياتالمتحدة، يستخدم مفاعل ديمونا اليورانيوم الطبيعي وكذلك الماء الثقيل، وكلا المادتين متوفرة لدى إسرائيل... كان قرار بناء مفاعل ديمونة في عام 1957 قد اعتمد في موضع التنفيذ بعد أن حسم الإسرائيليون أمرهم في قرار صنع الأسلحة النووية. وأن أمر بناء مفاعل ديمونة ومراحل بنائه ظل سرا، وبقيت المعلومات حوله تحت الحظر الصارم وفي منتهى السرية حتى على حلفاء اسرائيل من الأمريكيين. ولم ينكشف الأمر إلا في ديسمبر ,1960 حين اتهمت الولاياتالمتحدة، في عهد الرئيس الامريكي جون كندي لإسرائيل ببناء مفاعل نووي في ديمونة بعد أن ادعت اسرائيل بأنه مجرد موقع يعد لبناء معمل لصناعات النسيج. جرى العمل للفرنسيين والإسرائيليين في ديمونة بسرعة كبيرة وبسرية عالية. ويبدو أن كلا الطرفين، الفرنسي والإسرائيلي، كانا في سباق مع الزمن. وقد خططا للوصول إلى إنتاج سلاح نووي بحلول عام .1960 وفعلا كان مفاعل ديمونة جاهزا قبل ذلك الموعد، وأن إسرائيل استطاعت في الخفاء التقدم في صنع القنبلة الذرية بحلول عام 1960 بمساعدة فرنسا. يؤكد ذلك الكاتب الفرنسي ''جاك ديروغي'' في مقال له بعنوان ''أسرار ديمونة''. ويضيف في هذا المجال قائلا: (... في عام 1960 أنهى فنيون مرتزقة من الشركات الفرنسية، لقاء ثمن مرتفع جدا، إنجاز معمل تحت الأرض لاستخراج البلوتونيوم في ديمونة مما أتاح للدولة اليهودية بناء قنبلتها النووية الأولى). ورغم أن إسرائيل قد حصلت مسبقا على المساعدات النووية الأمريكية في إطار برنامج ''الذرة من أجل السلام'' وتمكنت من بناء مفاعلها النووي الأول في ''ناحال سوريك''، كما حصلت على العديد من الفرص التقنية لإرسال البعثات والتدريب من الولاياتالمتحدة خصوصا، إلا أنها حرصت وعلى مدى 14 عاما، مابين 1953 إلى ,1967على التعاون مع فرنسا في المجال النووي والصاروخي. الثورة التحريرية وتعاظم التحالف النووي الفرنسي الصهيوني تعاونت إسرائيل في البدء في ظل حكومة ''غي موليه'' ، ثم في عهد''شارل ديغول''، وبصورة سرية خطت الدولتان الكثير من الإنجازات في مجال تطوير الأسلحة التقليدية والصواريخ، وكذا التكنولوجيات النووية. تدفع فرنسا دوافع عدة لإشراك إسرائيل معها في إنجاز العديد من البرامج النووية وفي الحصول على فرص للتقدم في المجال النووي العسكري، كما أنها قد فكرت جديا بعامل الوقت الضاغط عليها بشدة خصوصا بعد تصاعد انتصارات وتطور الثورة الجزائرية عليها. ولكي تصل إلى إنتاج السلاح النووي حرصت على إشراك إسرائيل معها لتكون معها قوة ضاغطة للتأثير على سياسات الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في تحالفه ودعمه للثورة التحريرية في الجزائر التي انطلقت في الأول من نوفمبر .1954كانت فرنسا تجد منفعتها للوصول إلى عدد من الخبرات والتقنيات المطلوبة في وسائل تجسسية وعلمية بفضل التغلغل الإسرائيلي في الأوساط النووية الأمريكية ومن خلال اختراقها لأوساط العلماء اليهود الأمريكيين، وغيرهم من العاملين في مشروع البرنامج النووي الأمريكي وغيره لتحقق فرصتها للحصول على التقنيات النووية المحظورة عليها، كتكنولوجيات وبرامجيات الكومبيوتر الأمريكية التي كانت تحتاجها فرنسا، خاصة في مجالات تصميم القنابل النووية وتقنيات تفجيرها... وبالرغم من كل ذلك فإن فرنسا، تكون بإقدامها على بناء مفاعل ديمونة، قد دفعت للإسرائيليين ثمنا قد تجاوز الثمن الذي يمكن أن يعوضهم لقاء خدماتهم للفرنسيين، ومساعدتهم الكبيرة لإنجاز البرنامج النووي العسكري الفرنسي في فتراته الحرجة، وخصوصا عندما مكنت فرنسا الإسرائيليين من فرصة ذهبية ونادرة الوقوع في تمكين إسرائيل من إجراء تجاربها من خلال تنفيذ مشاريع البرنامج النووي العسكري الفرنسي في ''التفجيرات النووية'' الفرنسية'' على الأراضي الجزائرية في سنوات(1960-1966) في منطقة رقان وتمنغست، وقبلها في 1956 في تجارب إطلاق الصواريخ في منطقة حماقير بولاية بشار في الصحراءالجزائرية. تتناول الوثائق والدراسات المنشورة حول هذا الموضوع تقديرات متفاوتة عن حجم الفرص التي قدمتها فرنسا لإسرائيل لتطوير برنامجها النووي الإسرائيلي وتنفيذه بشقيه العسكري والسلمي. ويلاحظ على أغلب تلك الدراسات محاولات التكتم على المستوى النووي العسكري الذي وصلت اليه إسرائيل. هناك فرضية قدمها كل من ''وايزمان''و''كروسني'' ترى: بأن فرنسا سمحت للإسرائيليين بالاطلاع على المعطيات التي حصلت عليها من تجاربها النووية في مقابل اطلاعها على الإنجازات الإسرائيلية الواسعة في ميدان صناعة الأسلحة، خاصة نظم التحكم والتوجيه التي وصلت بها إسرائيل إلى ذروة الإتقان والتحكم في منظومتي صناعة وإطلاق الصواريخ الإسرائيلية المنشأ، وهما صاروخ ''شافيت'' وصاروخ''أريحا''. والأخير بدأت تجارب إطلاقه في جنوب الصحراء الجزائرية بدءا من عام .1956 وعندما اتخذت إسرائيل قرارها بالحصول على مفاعل فرنسي الصنع بدءا من عام 1957 بطاقة تشغيلية قدرها بحدود 26 ميجا واط في ديمونا، ثم رفعت طاقته إلى 70 ميجا واط ثم إلى 150 ميجا واط مما يعكس بشكل واضح أن المقاصد الكامنة في تصاعد تلك الزيادات في قدرة المفاعل سوف تؤدي إلى زيادة امكانيات الحصول على البلوتونيوم اللازم لصناعة القنابل النووية. حصلت إسرائيل على ما تريد وجرى التنفيذ على مراحل مرتبطة بخطوات تطور كل من المشروعين النوويين الفرنسي والإسرائيلي. وبدأ ذلك عندما أرسلت فرنسا فريقا من مهندسي الذرة الفرنسيين إلى إسرائيل من خلال ''شركة سان جوبيان''النووية . وكانت تلك الشركة مجرد واجهة للحكومة الفرنسية، لكنها كانت تابعة لإحدى مؤسسات لجنة الطاقة الذرية الفرنسية التي تمتلك فيها 66٪ من قيمة أسهمها.وظلت تلك الشركة تعمل بهذا الاسم بين 1960 و ,1965 وهي تحمل الآن اسم''الشركة العامة للتقنية الحديثة''. دخل مفاعل ديمونا مرحلة الخدمة الفعلية في ديسمبر 1963 رسميا. في حين وكما يبدو من خلال كثير من الحقائق أنه كان قادرا على إنتاج كميات كبيرة من مادة البلوتونيوم قبل هذا التاريخ، وينتج البلوتونيوم في وحدات تصنيعية تفصله عن خامات الوقود للوصول إلى إنتاج كميات من هذه المادة الأساسية في صنع القنابل النووية... باريس .. تل أبيب من ساعد من؟ والسؤال المنطقي إذا كانت إسرائيل قد قدمت لفرنسا الكثير من الأسرار والمعلومات النووية الهامة وعلى حد سواء في المجالين الصاروخي والذري، منها بيعها رخصة إنتاج الطريقة النرويجية التي طورتها إسرائيل لتصنيع الماء الثقيل بطريقة كيميائية واقتصادية منخفضة الكلفة، وطرق استخلاص اليورانيوم من خامات تحتوي عليه بنسب تركيز منخفضة جدا، إضافة إلى التعاون الوثيق في ميدان طرق ووسائل التفجيرات النووية السطحية والباطنية، وقبلها تم تطوير تجريب وبنجاح إطلاق الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية والتقليدية في الصحراء الجزائرية.وإن القول بأن إسرائيل قد دفعت ما قيمته 130 مليون دولار نقدا كثمن لمفاعل ديمونة الفرنسي الصنع فيه كثير من التأمل والغرابة للتساؤل هنا من كان يساعد من؟؟ وما هو الثمن الحقيقي للآلام والدمار الشامل الذي طال مئات الآلاف من الكيلومترات المربعة من الصحراء الجزائرية التي كانت ساحات للتجارب الصاروخية والنووية الفرنسية والإسرائيلية خلال الخمسينيات والستينيات القرن الماضي؟. أمام كل هذه التساؤلات تبقى الإجابة عنها تلح: وماذا حصلت إسرائيل من فرنسا عدا بناء مفاعل ديمونة؟ وثمن المشاركة معها في شن العدوان الثلاثي على مصر 1956؟ وثمن تمكينها من استخدام الأراضي الجزائرية في تجارب الصواريخ وفي التفجيرات النووية في رقان وتمنغست جنوب الصحراء؟؟. ولا نعتقد ، كما تعتقد العديد من الأوساط: أن فرنسا قدمت إلى إسرائيل في المجال النووي ما هو أهم من بناء مفاعل ديمونة. إذ يحتمل أن تكون فرنسا التي قامت بتقديم المساعدة التقنية لإسرائيل، في تصميم وتفجير قنبلتها الذرية التجريبية الأولى في حقول التجارب الفرنسية بولاية أدرار في منطقة رقان وفي ولاية تمنغست بمنطقة اينيكر جنوب الصحراء الجزائرية. بل نعتقد أن وجهة النظر المطروحة هذه يمكن أن تكون معكوسة أيضا تماما حيث يرى البعض أن إسرائيل قبل أن يكتمل بناء مفاعل ديمونة لم يكن باستطاعتها الحصول على كميات من البلوتونيوم اللازمة والكافية لصناعة قنبلتها النووية الأولى ولكنها كانت تمتلك الكثير من المعلومات والخبرات لإتمام نجاح أي تفجير نووي يمكن أن تتشارك به مع فرنسا التي كانت في ذلك الوقت بأمس الحاجة لمثل تلك الخبرات، ولهذا فإن تفجيرات رقان كانت تشير إلى دور إسرائيلي كبير وملموس في تقديم الخبرة وإنجاح التنفيذ بتفجير قنبلة ''اليربوع الأزرق'' في منطقة رقان يوم13 2/ 1960 بطاقة تفجيرية عالية تجاوزت 60 كيلو طن، أي بثلاث أضعاف القدرة التدميرية لقنبلة هيروشيما. الصحراء الجزائرية لتجريب القنابل النووية الصهيونية؟ وهناك رأي آخر يذهب به ظن ''هاركافي'' بأنه يعتقد باحتمال أن تكون فرنسا قد زودت إسرائيل بكميات من البلوتونيوم أو اليورانيوم235 تكفي لصنع سلاح نووي يمكن الإسرائيليين من إنجاز تجربة سلاحهم النووي في الصحراء الجزائرية تحت اسم وعنوان وبرنامج فرنسي معلن ''التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية'' تفاديا من ردود الفعل الدولية، ولتبقى إسرائيل دولة نووية في الظل، وتذهب بالنجاح المنجز في رقان فرنسا وتعبر به للاعتراف بها دولة نووية إلى جانب الولاياتالمتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفيتي في عضوية النادي النووي الدولي آنذاك ولتحتل موقعها كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن الذي كان يضم آنذاك ثلاث دول حصلت على لقب ''عظمى'' وهي الولاياتالمتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفيتي. وسواء كانت إسرائيل امتلكت البلوتونيوم أو اليورانيوم المطلوب، أو تحصلت عليه بطريقة ما لأجل صنع قنبلتها النووية، فإن الحقيقة الهامة التي يجب التذكير بها هنا: أن إسرائيل كانت حاضرة وبقوة وبوضوح وبفعالية في تنفيذ جريمة التفجيرات النووية''الفرنسية'' في الصحراء الجزائرية وخاصة في تفجير اليربوع الأزرق. كتب ''ليونارد بيتون'' في مقال له بعنوان ''لماذا لا تحتاج إسرائيل إلى القنبلة؟'' والذي نشر في مجلة ''الشرق الأوسط الجديد'' : أنه يعتقد أن عملية صنع القنبلة النووية لا تحتاج إلى مصنع ضخم للفصل الكيميائي للبلوتونيوم. وأن عملية فصل وتحضير البلوتونيوم ليكون صالحا لصناعة الأسلحة النووية يمكن إتمامها في المعامل الحارة، الموجودة فعلا في كل من مفاعل ناحال سوريك ومفاعل ديمونا.ويعترف كل من ''وايزمان'' و''كروسني''بالدور الإسرائيلي في البرنامج النووي الفرنسي بقولهما :''إنهما يعرفان يقينا أن إسرائيل قد استفادت من التفجيرات النووية التجريبية التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية''. ولكنهما يحاولان بلغة دبلوماسية مخففة أن يبرزا ويشيدا بالدور الفرنسي وإعطائه الدور الأهم في الإنجاز النووي الذي تم في الصحراء، وهم بذلك يقصدون وعن تعمد في التقليل من الدور الإسرائيلي في التفجيرات بقولهما (... غير أن ذلك لا يعني بالضرورة أن إسرائيل قد شاركت بطريقة مباشرة في تلك التجارب)، ثم يشيرون ( أن الفرنسيين قد أعطوا العلماء الإسرائيليين معلومات بالغة الأهمية حول تصميم القنبلة النووية وطريقة أدائها، وهي المعلومات التي تم الحصول عليها من نتائج التفجيرات ''الفرنسية'' في الصحراء الجزائرية). وفي ذات السياق نرى أن هناك تناقضا في مثل ذلك الاعتراف الهام. وفي ذات الوثيقة يتجلى بوضوح ومن خلال النص نرى ذلك التناقض من خلال تأكيدهما : (...إن فرنسا قد زودت اسرائيل بتلك المعلومات الحساسة مقابل قيام العلماء الإسرائيليين بالإسهام في بناء القنبلة النووية الفرنسية الأولى)، وهذا اعتراف صريح وواضح ولا لبس فيه. ويمضي الكاتبان في توضيح أكثر، لتبيان نوع المساهمة والمساعدة الإسرائيلية في تنفيذ المشروع النووي الفرنسي العسكري على الأراضي الجزائرية بالقول: (... إنه قد تمثل في سر تلك المساعدة، في أن العلماء الإسرائيليين كانوا قد حققوا تقدما مذهلا في مجال صناعة الأسلحة، خاصة في ميدان آلية نظم التوجيه المسيطر عليه، والذي أتقنه الإسرائيليون في أوائل الستينيات، بإنتاجهم لمنظومات الصواريخ من طراز ''شافيت'' و''أريحا'' .وهنا قام بعض العلماء الإسرائيليين بتركيز جهودهم وقدراتهم للإسهام في تصميم السلاح النووي الفرنسي، فلعبوا دورا رئيسيا في التخطيط له وتطويره.).ويستطرد الكاتبان بالاعتراف عن مصادر معلوماتهم بالقول: ( لقد كشف لنا أمر هذه المساعدة مصدر أمريكي. وبالرغم أن باريس والقدس نفتهما تماما، إلا أننا نعتقد بصحة تلك المعلومات، وبذلك تكون القوة الإستراتيجية الفرنسية سلاحا إسرائيليا، ولهذا كان لزاما على الفرنسيين أن يقدموا للإسرائيليين مقابلا أساسيا). إن إقرار ''وايزمان'' و ''كروسني'' :( أن فرنسا قدمت لإسرائيل مقابل تلك المساعدة المذكورة مفاعل ديمونة، وهو، وإن كان مساعدة أولية في بناء معمل صغير لمعالجة واستخلاص البلوتونيوم من الوقود المستهلك، إلا أنه يعتبر منفذا لا قيود عليه لبيانات اختبارات التفجير النووي الفرنسي حول طبيعة ونوع تلك التجارب لا بد من عرض ما توفر من معطيات حول حجمها واتجاه التجريب فيها وفيما كانت هي تجارب فرنسية أم إسرائيلية أم مشتركة؟؟). إن العديد من المصادر أشارت إلى أن إسرائيل قد نفذت تفجيرات تجريبية وأتيح لها الفرصة للقيام بذلك ثلاث مرات: أولا: يقول ''لوفيفر'' إنه من المحتمل أن يكون الفرنسيون قد قاموا بإجراء تفجير تجريبي لقنبلة نووية ذات تصميم فرنسي اسرائيلي مشترك في مركز التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر في رقان أوائل الستينات...، ولكنه يضيف بأنه لا يتوفر أي دليل قاطع على ذلك. ثانيا: في مقال لمجلة ''تايم'' تحت عنوان: ''كيف حصلت اسرائيل على القنبلة'' أن بعض الخبراء في أجهزة المخابرات الغربية يعتقدون أن اسرائيل أجرت تجربة نووية تحت سطح الأرض في منطقة النقب عام .1963 لكن لم يصدر عن أي مصدر موثوق به، ما يدعم ما أوردته مجلة ''تايم'' على لسان خبرائها ولم تفصح عن هويتهم.ثالثا: وهناك أيضا ما قيل من أن قمر التجسس الأمريكي فيلا قد رصد عام 1979 وميضا حراريا في منطقة جنوبي المحيط الأطلسي، وذهب الظن بالكثيرين أن هناك تجربة نووية مشتركة قد تم إجراؤها بالتعاون بين إسرائيل وجنوب افريقيا. رابعا: يقول ''وايزمان'': بعد تطورات حرب 1967 وجد الجنرال ديغول فرصته لانتزاع البرنامج النووي الفرنسي من مخالب التدخل الإسرائيلي بقطع كل علاقات فرنسا العسكرية مع إسرائيل.وتحت تأثير ضغط الولاياتالمتحدة وضع الجنرال ديغول الحد للتعاون النووي الفرنسي الاسرائيلي. إن ذلك الظرف أعاد إسرائيل نحو التعاون من جديد مع الولاياتالمتحدة كبديل عن فرنسا؛ مما جعلهم يسارعون إلى إقامة مصنع إسرائيلي لفصل البلوتونيوم من اليورانيوم المستهلك في مفاعل ديمونة وتوفير البلوتونيوم اللازم لأجل إتمام صنع القنابل النووية الإسرائيلية رغم وجود بعض الاختلافات في آراء القيادة الإسرائيلية حول جدوى إنجاز ذلك المصنع... من خلال ما سبق سوف نظل على قناعتنا أن مشاركة إسرائيل لفرنسا في تجاربها النووية في الصحراء الجزائرية وتنفيذ برنامجها النووي العسكري في المركز النووي الفرنسي في تفجير رقان في 13 فيفري ,1960 وأن نجاح تلك التفجيرات وبتلك الطاقة العالية ( 60 70) كيلوطن تكون إسرائيل هي الدولة النووية الخامسة في النادي النووي بعد كل من الولاياتالمتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفيتي وفرنسا معها.