أيام قليلة تفصلنا عن الشهر الفضيل، الذي كان يعرف منافسة شرسة بين مختلف المؤسسات الثقافية لكسب رهان أكبر متابعة، إلا أن الأمر يختلف هذه السنة؛ حيث وجدت معظم هذه المؤسسات نفسها في حرج أمام الأجندة الرمضانية التي لم تضبط مواعيدها إلى الآن في ظل ضيق الوقت واستمرار ارتباط هذه المؤسسات بالبرنامج الصيفي المتواصل إلى يومنا هذا تعوّد الجمهور الجزائري في السنوات الأخيرة على وجود برامج ثقافية ثرية تتوزع على مختلف المؤسسات الثقافية التي كانت تتنافس فيما بينها على كسب رهان استقبال الجمهور، من خلال برامجها التي من المفترض أنها تخدم كل الأذواق، حيث كان الجمهور الجزائري المهتم بهذا النوع من النشاطات يحاول برمجة مواعيده عليها بعد الإفطار، خاصة وأنها كانت تتنوع بين الثقافة والفن والأدب، إلا أن عدم اتضاح أي ملامح للبرنامج الرمضاني لهذه السنة إلى يومنا هذا، يعني أن أزمة برنامج رمضان التي بدأت مع تأخر المنتجين الجزائريين في تصوير أعمالهم بسبب ضيق الوقت وتزامن فترة الصيف مع المونديال.. هذه الأزمة قد انتقلت إلى المؤسسات الثقافية التي وجدت هي الأخرى نفسها في حرج بسبب مواجهتها لنفس الإشكال، خاصة وأن الكثير منها لم يطو إلى الآن صفحة البرنامج الصيفي على غرار الديوان الوطني للثقافة والإعلام الذي ارتحل منذ أيام إلى مدينة سطيف لتنشيط مهرجان جميلة العربي، الذي ستستمر فعالياته إلى غاية سهرة اليوم. وبالتالي، فإن هناك احتمال كبير في أن تجد المؤسسة صعوبة كبيرة في وضع البرنامج النهائي لرمضان الذي يقترب بخطى متسارعة ليست في صالح هذه المؤسسات. والبداية ستكون مع المكتبة الوطنية التي تصر على الغياب للموسم الثاني بعد أن كانت قبلة لأهم الأسماء الثقافية الجزائرية، العربية والأجنبية التي كانت تساهم بإبداعها الفكري في تحريك سكون المشهد الثقافي في الجزائر، إلا أنها لم تعد اليوم تختلف عن أي مكتبة جوارية مهمتها استقبال الطلبة والباحثين بعد أن باتت معفية بقصد أو عن غير قصد من أي نشاط ثقافي، كما تعود عليها أهم الفاعلين الثقافيين في الجزائر، ممن كانوا يجدون في المكتبة الوطنية فضاء للقاء في جلسات وسهرات يحكمها النقاش والحوار. أما مؤسسة فنون وثقافة فقد كشفت ممثلة عن المؤسسة أن البرنامج النهائي لم يتم حسمه بعد، وينتظر الإفراج عنه في غضون الأيام القادمة التي ستكون فرصة لبعث برنامج يحفظ ماء الوجه ويؤكد حضورها وهو نفس الحال بالنسبة للديوان الوطني للثقافة والإعلام الذي أكد ممثل عنه أن فريق العمل بالمؤسسة يشتغل على سهرات مهرجان ”جميلة” العربي في الوقت الحالي ولم يتم إلى الآن الحديث عن برنامج رمضان المنتظر البت فيه بعد الانتهاء من النشاطات الصيفية، حيث رفض المتحدث إعطاء أي فكرة عن البرنامج الذي قال إنه من الممكن أن يعرف تغييرات مستقبلية حسب منطق العرض والطلب. أما المكلف بالإعلام على مستوى المسرح الوطني الجزائري، فتح النور بن براهيم، فقد كان له رأي آخر؛ حيث رفض إعطاء أي مبرر لهذا التأخر، قائلا:”رغم أن المونديال الذي استقطب عددا كبيرا من الجماهير، إلا أن هناك من كانوا حريصين على حضور الأعمال المسرحية وهو ما يفرض على المؤسسات الثقافية بالمقابل العمل على إرضاء كافة الأذواق بغض النظر عن أي عراقيل التي يستوجب مواجهتها خدمة للجمهور. أما عن برنامج رمضان فقد أكد المتحدث أن المسرح الوطني سيكون حاضرا من خلال تظاهرة ”أيام مسرح الجنوب”؛ حيث ستحل ثماني فرق من الجنوب الجزائري على ركح بشطارزي، إلى جانب برمجة سهرات فنية للتراث الشعبي والمدائح الدينية مع احتضان المسرح لنهائي المهرجان الوطني للأغنية الشعبية، أما عن الأسماء الفنية فقد أكد بن براهيم أنه تم الاتفاق مع عدد منها ينتظر فقط تأكيد موافقتها.