تعودت الساحة الثقافية الجزائرية على احتضان الشهر الفضيل بعدد من البرامج الثقافية والفنية التي تتفنن مختلف المؤسسات الناشطة في الإعداد لها لاستقطاب الجمهور والمهتمين بمختلف المجالات الفنية والثقافية، لكن الأمر اختلف هذه السنة، حيث مازالت جعبة مختلف تلك الهيئات فارغة رغم أن ما يفصلنا عن حلول الشهر الكريم هي أيام معدودات. "المساء" اتصلت بمختلف تلك المؤسسات وتأكد لها أن أيا منها لم تسع حتى الآن إلى ضبط برنامجها الخاص بالمناسبة بما فيها مؤسسة "فنون وثقافة" التي عودت الجمهور العاصمي خلال السنوات الماضية على برامجها الفنية الثرية والمتنوعة، حيث كانت تتعمد تنظيم عدة حفلات دفعة واحدة بمركب العادي فليسي تمثل مختلف الطبوع الفنية الجزائرية ليجد كلا ضالته، فضلا عن الحفلات الموزعة عبر مختلف بلديات العاصمة والتي تحتضنها مختلف فضاءات الميديتيك التابعة للمؤسسة، غير أن مؤسسة فنون وثقافة لم تضبط هذه السنة أي برنامج واضح لنشاطاتها خلال شهر رمضان رغم أن ما يفصلنا على حلوله هو عدة أيام فقط. من جهته فضل المسرح الوطني الجزائري الاستمتاع بما تبقى من عطلة الصيف والخلود إلى الراحة بعد استنزاف جهوده خلال المهرجان الوطني للمسرح المحترف ثم مهرجان الجزائر الدولي للمسرح الذي تزامن مع المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني، ولم يحدد بيت محي الدين بشطارزي حتى كتابة هذه السطور رزنامته الخاصة بنشاطاته خلال شهر الرحمة، اللهم إعارة خشبته لاحتضان نشاطات خارجية على غرار نهائيات مهرجان الأغنية الشعبية التي تعود على استضافتها خلال السنوات الأخيرة. الديوان الوطني للثقافة والإعلام الذي يعتبر هو الآخر من بين أهم الأطراف المنشطة للساحة الثقافية خلال هذه المناسبة عبر تنظيمه للعديد من التظاهرات، بقي هو الآخر منشغلا بمهرجانات الصيف "تيمقاد" و"جميلة" التي تكدست فوق بعضها بعد أن حاصرها المهرجان الثقافي الإفريقي لتهمل بالمقابل ليالي الشهر الفضيل خاصة وأن برنامجها الصيفي لن يختتم حتى ال 20 من شهر أوت الجاري، أي قبل يوم فقط عن بداية شهر رمضان بالإضافة إلى سهرات الكازيف بالعاصمة التي تزامنت مع المهرجانين. المكتبة الوطنية التي كانت صرحا متلألئا وقطبا مهما بتنظيمها للعديد من النشاطات الهامة من خلال استضافتها للكثير من الأسماء والشخصيات الثقيلة في مجال الفكر والأدب خلال سهرات الشهر الكريم لفتح النقاش وتبادل الآراء وطرح الأفكار لاسيما خلال رمضان، أضحت خاوية على عروشها، حيث لا نشاط يذكر ولا حركية بل مجرد مكتبة كغيرها من المكتبات تفتح أبوابها فقط للباحثين والطلبة أو لاحتضان بعض النشاطات الخارجية تحت الطلب، وصارت لا تتولى هي تنظيم أي نشاط مهم يذكر لا خلال رمضان ولا خارجه. وقد رد الملاحظون سبب هذا الموت السريالي للمؤسسات الثقافية وتخلفها عن التحضير لاستقبال الشهر الفضيل إلى كثافة النشاطات التي صبت دفعة واحدة لا سيما بعد احتضان الجزائر للمهرجان الثقافي الإفريقي مما استنزف الكثير من جهود تلك المؤسسات ولم يسمح لها بالتقاط أنفاسها خاصة وأن حلول رمضان لهذه السنة تزامن مع شهور الصيف وبالضبط شهر أوت الذي تأخذ فيه معظم تلك المؤسسات عطلتها وهو ما نعتبره عذرا أقبح من ذنب لأن الطبيعي أن تعيش الساحة الثقافية على امتداد السنة حركية ثقافية دائمة ونشيطة ولا يرتبط ذلك بموسم الصيف أو بالمناسبات الدينية والوطنية.