حذر أستاذ الاقتصاد بجامعة ”سعد دحلب”، فارس مسدور، من خطورة تداول العملة الصعبة في السوق السوداء، واعتبرها من بين أهم التهديدات التي تواجه الاقتصاد الوطني، كونها تنعش نشاط المهربين الذين يستغلون فرصة عودة المغتربين إلى أوروبا لتهريب أموال ضخمة، وتفوت على الخزينة العمومية فرصة الاستفادة من فوائد التحويلات وتكلفها خسارة تقدر ب ”الملايير” لمكافحة هذه الجريمة الاقتصادية، التي بدأت تأخذ أبعادا جديدة في ظل نقص الإمكانيات لتطويقها، شدد الخبير الاقتصادي، فارس مسدور، في اتصال مع ”الفجر” على ضرورة تبني فكرة ”الصرافين”، الذين يأخذون شكل مؤسسات مالية خاصة، وظيفتها الوحيدة صرف العملات وفق سعر السوق، مشيرا إلى أن آلية الصرافين معتمدة في غالبية الدول العربية لمكافحة قضية ”تهريب الأموال” إلى الخارج. وأضاف مسدور أن تداول العملة الصعبة في السوق السوداء الذي ينتعش خاصة في فصل الصيف مع عودة المغتربين إلى أرض الوطن يضر بالاقتصاد الوطني بشكل رهيب، مؤكدا أن الوضع بات يتطلب التفاتة جادة من طرف الحكومة لاستحداث قنوات تسمح بالاستفادة من فوائد تحويلات العملة الصعبة، المقدرة، حسب أرقام البنك المركزي، بنحو 4 ملايير أورو سنويا، إلا أن قيمتها الحقيقية تتجاوز 10 ملايير أورو، مشيرا إلى الأموال الضخمة التي يحولها المغتربون الجزائريون من أوروبا لاسيما فرنسا عبر طرق غير رسمية نتيجة غياب الدور الفعال للبنوك الوطنية لضمان تحويلاتهم بشكل دوري. وأضاف الخبير أن غياب فروع للبنوك الوطنية في الخارج يفسح المجال لبعض المؤسسات المصرفية العالمية وفي مقدمتها مؤسسة ”واسترن يونيون” لابتزاز المغتربين وفرض نسبة فوائد جد مرتفعة قد تصل إلى 8 بالمائة. ولفت مسدور إلى إمكانية استغلال العملة الصعبة من طرف ”هواة الربح السريع” فيما يسمى ب ”الجرائم الاقتصادية” بما فيها التهرب الضريبي، تبييض الأموال، تجارة المخدرات بل وحتى تجارة السلاح في الوقت الذي تعيش فيه الجزائر ومنطقة دول الساحل مشكلة أمنية حقيقية والتغاضي عن مثل هذه الممارسات من طرف المسؤولين قد يؤدي إلى وصول العملة الصعبة إلى أيدي الجماعات الإرهابية التي ستستعملها لشراء الأسلحة، وهو ما يجبر الحكومة على أخذ احتياطاتها لدراسة هذه المعظلة بشكل يكفل القضاء عليها، وكذا توفير الآليات القانونية لتحويل العملة الصعبة لتضييق الخناق على كل محاولة بائسة للإضرار بالاقتصاد الوطني. كما شدد مسدور على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لردع موظفي شركات الطيران والنقل البحري لمساعدة المهربين، خاصة وأن الرأي العام استفاق مؤخرا على فضيحة ضلوع 5 إطارات من شركة الخطوط الجوية الجزائرية في قضية تهريب العملة الصعبة من الجزائر نحو الخارج، ووجهت الغرفة الجزائية لمجلس قضاء الجزائر للمتهمين تهم تكوين جمعية أشرار ومخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال وسوء استعمال الوظيفة، وتمت معاقبتهم بأحكام بالسجن تتراوح ما بين سنة و5 سنوات، وهذه ليست هي القضية الأولى التي يكتشف فيها ضلوع إطارات سامين في الدولة في قضايا مماثلة تضر بالاقتصاد الوطني. وتعجب مسدور لكون الجزائر من بين الدول القليلة جدا في العالم التي تفتقر إلى آليات محددة ومؤسسات مقننة لتحويل العملة الصعبة وتسهيل حركتها وفق الأطر القانونية رغم أهميتها في ضمان المدخول الثاني من العملة الصعبة بعد مداخيل المحروقات.