أكد الخبير في الشؤون الاقتصادية، فارس مسدور، على أهمية مراجعة السلطات العمومية اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي على اعتبار أن مبدأ التفكيك الضريبي الذي استفادت منه الدول الأوروبية أدى إلى خسارة الخزينة العمومية لأكثر من ملياري دولار، وأضاف أن دخول منطقة التبادل الحر بين الطرفين حيز التنفيذ يهدد المؤسسات الجزائرية المصغرة خاصة بالزوال. أرجع مسدور، في اتصال مع ''البلاد''، التبعات المترتبة على اتفاق الشراكة على الاقتصاد الجزائري إلى كون هذه العلاقة بنيت انطلاقا من أسس أمنية محضة، تتعلق بتخوف الدول الأوروبية من انعكاس ظاهرة الإرهاب على أمنها المحلي على اعتبار أن اتفاق الشراكة يتطرق جزئيا إلى مجال التعاون الأمني. وقال إن السلطات الوصية لم تراع في ذلك الاعتبارات الاقتصادية التي قد تنجر عن تخفيض الأعباء الجمركية على السلع الأوروبية التي تدخل الجزائر، لاسيما في ظل ارتفاع فاتورة الواردات الجزائرية خلال السنوات القليلة الماضية من أجل تغطية حاجيات السوق المحلية. وأشار المتحدث في هذا السياق إلى أن الشروط التي جاءت في اتفاق الشراكة لم تأخذ بعين الاعتبار تكافؤ الطرفين الضروري لإبرام مثل هذه الأنواع من العقود، وإنما منح دول الاتحاد الأوروبي امتيازات كبيرة على حساب الاقتصاد الوطني، باعتبار الجزائر كما قال مسدور الطرف الضعيف في الاتفاقية، وعلى هذا الأساس فإنه لا بد من إعادة النظر في بنود الاتفاق. كما دعا إلى ذلك في العديد من المناسبات الخبراء الجزائريون في الشؤون الاقتصادية. وذكّر الخبير في الشؤون الاقتصادية في هذا الإطار بالإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الجهات الوصية لحماية الاقتصاد الوطني، كما هو الشأن بالنسبة إلى التدابير الخاصة بتقليص الاستيراد وإلغاء القروض الاستهلاكية كتلك الموجهة لشراء السيارات التي كانت وراء انتقاد كبير من طرف الدول والشركات الغربية الكبرى وعلى رأسها تلك الموجودة في أوروبا، لكون تلك الإجراءات تقلل من فرص استفادتها من جملة امتيازات على حساب الاقتصاد الوطني. وبناء على ما تقدم، ذهب فارس مسدور إلى القول إنه من المنتظر أن تعيد السلطات العمومية النظر في بنود منطقة التبادل الحر بين الجزائر والاتحاد الأوروبي الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ سنة ,2017 انطلاقا من أن العمل ضمن هذا الإطار من شأنه أن يحول الجزائر إلى سوق مفتوحة لعرض مختلف السلع الأوروبية، الأمر الذي يبدد جميع الجهود التي تبذلها السلطات العمومية في محاولتها إعادة بعث الاقتصاد الوطني، ويهدد نشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالزوال لعدم قدرتها على منافسة المنتوجات الأجنبية على مستوى السوق المحلية، فضلا عن التصدير نحو الخارج.