ينظم اليوم مركز البحوث القانونية والقضائية يوما دراسيا حول إصلاح المحكمة الجنائية، حيث يفتح النقاش للقضاة والمختصين حول نقائص المحكمة الجنائية، وسبل إصلاحها بهدف المساهمة في مراجعة قانون الإجراءات الجزائية الموجود لدى وزارة العدل. أوضح مدير المركز، جمال بوزرتيني، في تصريح ل”الفجر”، أن الهدف من اللقاء هو الوقوف على النقائص المسجلة في عمل المحكمة الجنائية، والخروج بتوصيات ترفع إلى وزارة العدل التي تعكف على مراجعة التشريع الخاص بمحكمة الجنايات. ومن ضمن أبرز النقائص التي من شأنها التأثير على نوعية أحكام محكمة الجنايات في الجزائر، وجود محلفين شعبيين في تشكيلة المحكمة، والذين غالبا ما يكونوا جاهلين للقواعد القانونية، حيث يتم اختيارهم عن طريق القرعة، لنجد في تشكيلة المحكمة أشخاص يمثلون الشعب قد يكونوا تجارا أو موظفين عاديين، فيما يتطلب الحكم أشخاصا ذوي كفاءة وحنكة مثلما تنص عليه الاتفاقيات الدولية. وأشار جمال بوزرتيني إلى أن نظام المحلفين الشعبيين مستورد من القانون الفرنسي، كما أنه لا علاقة له بالتقاليد في الجزائر التي تمنح إمكانيات أخرى في حل القضايا كالوساطة مثلا. ومن ضمن أبرز عيوب محكمة الجنايات، عدم وجود درجة ثانية في التقاضي، أي بمعنى حق الاستئناف، رغم أنها تصدر عقوبات خطيرة أو قاسية إن صح القول، مؤكدا أن وجود درجة ثانية للاستئناف يضمن مراقبة القاضي للحكم الصادر في الدرجة الأولى لمحكمة الجنايات. وأضاف بوزرتيني أن الأمر يقتصر على الحق في الطعن لدى المحكمة العليا الذي يشترط فيه لإعادة فتح ملف القضية وجود خرق جوهري للقانون، حيث تكتفي المحكمة العليا بالنظر في الأخطاء القانونية، دون إعادة النظر في الوقائع. ولفت محدثنا إلى أن الحكم الصادر عن محكمة الجنايات يبنى على أساس الاقتناع الشخصي للقاضي، دون أن يستنتج القاضي التعليل للوصول إلى الحكم، مشيرا إلى أن التسبب يضمن الشفافية في معالجة القضية. وترى الأستاذة المحاضرة بجامعة البليدة، زواوي آمال، من خلال دراسة حول محكمة الجنايات، أن أبرز عيوب نظام المحلفين هو علم المحلفين الضيق بقواعد وأحكام قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية، إضافة إلى خوف المحلف إن كان بثقافة محدودة من إنزال حكم قاس، يبقى يفكر في سلامته من عدمها طويلا. وتشير الدراسة إلى أن دور المحلفين في متابعة المرافعة عادة ما يكون محدودا، وقليلا ما يكون لهم تدخل بطرح سؤال عن واقعة ما أو توضيح لفكرة، فدورهم أثناء سير المحاكمة لا يكاد يذكر، ولكن الأمر غير ذلك أثناء المداولة حيث تظهر كلمتهم إلى جانب القضاة رغم جهلهم بالقواعد القانونية، مشيرة إلى الدور الهام والخطير لمحكمة الجنايات كونها الهيئة التي تفصل في أخطر الجرائم وهو ما يؤكد الحاجة إلى تطبيق قواعدها تطبيقا سليما.