تكوين خاص في القضايا الجنائية للقضاة الممارسين لتحسين نوعية الأحكام انتهت وزارة العدل من التحضير لمشروع تعديل قانون الإجراءات الجزائية استجابة لتعليمات القاضي الأول للبلاد، عبد العزيز بوتفليقة، خلال افتتاحه السنة القضائية الجارية، ويرتكز التعديل على إعادة النظر في عمل محكمة الجنايات بشكل تكرس فيه حقوق المتقاضين بدرجة أكبر من خلال منح حق الاستئناف في الحكم ”الابتدائي” بعد تحويل محكمة الجنايات إلى محكمة بدرجتين، بدلا من تخصيص حق الطعن في الحكم أمام المحكمة العليا فقط، مثلما هو معمول به منذ 1966. وكشفت مصادر قضائية ل”الفجر” أن مشروع تعديل قانون الإجراءات الجزائية في شقه المتعلق بإقرار درجتين للتقاضي في محكمة الجنايات، من خلال حق الاستئناف في الحكم قبل الطعن لدى المحكمة العليا، هدفه الرئيسي ضمان حقوق المتقاضين، إذ يصبح للمتهم الحق في حكمين بدلا من حكم واحد، مثلما يتعلق الأمر بالأحكام الجزائية، منها أحكام التعويض التي يحق للمتقاضين فيها الاستئناف أمام محكمة الجنايات. وأوضحت ذات المصادر أن التعديل يسير في اتجاه يمكن القول إنه ناجح، سبق وأن اعتمد في عدد من الدول المتقدمة، منها فرنسا، التي تعتبر مصدرا أساسيا للتشريع والفقه القانوني في الجزائر. وبتطبيق التعديل الجديد، بعد عرض المشروع على الحكومة، يصبح ”تسبيب الأحكام” في محكمة الجنايات سواء تعلق الأمر بالإدانة أو البراءة، قائما على حيثيات معينة تؤكد الإدانة أو التبرئة، بدلا من الاعتماد على الاقتناع الشخصي لهيئة المحكمة المشكلة من قضاة ومساعدين محلفين من عامة الشعب، بعد الجلسات والمرافعات. وبالتالي يصبح حق الطعن أمام المحكمة العليا في ثالث مرتبة في حال عدم اقتناع المتقاضين بحكمين صادر عن محكمة الجنايات في الدرجتين ”الابتدائي” و”الاستئناف”. من جهة أخرى، يسمح هذا التعديل بالمساهمة في تقليص عدد الطعون المودعة على مستوى المحكمة العليا، والتي غالبا ما تأخذ أكثر من سنتين لقبول إعادة فتح القضية ومعالجتها من طرف تشكيلة أخرى غير التي فصلت فيها أول مرة، أو رفض الطعن وتثبيت الحكم ليصبح نهائيا. واستحسن رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان المحامي فاروق قسنطيني التعديل، الذي قال عنه انه سيمكن من تقليص أخطاء قضاة محكمة الجنايات، التي غالبا ما لا يسمح وفقا لقانون الإجراءات الجزائية بالطعن فيها، منها الإحكام الثقيلة مثل ”الإعدام”، أمام محكمة الجنايات، كونها محكمة بدرجة واحدة .واعتبر المتحدث أنه حتى وإن لم يؤد التعديل إلى تقليص عدد القضايا المحالة على المحكمة العليا من خلال الطعون، فانه يضمن ترقية حقوق المتقاضين، مثلما هو معمول به في غالبية الدول المتقدمة. كما كشف قسنطيني عن توجه وزارة العدل إلى تكوين القضاة الممارسين في القضايا الجنائية سعيا إلى تحسين نوعية الأحكام وتقليص الأخطاء القضائية بسبب الاعتماد على ”الاقتناع الشخصي” لهيئة المحكمة. وقال أمس المحامي، مروان عزي، في تصريح ل ”الفجر”، إن اللجنة المكلفة على مستوى وزارة العدل بحثت مشروع تعديل قانون الإجراءات الجزائية الموجود للوصول إلى البديل الفعال الذي من شأنه إعطاء المزيد من الضمانات للمتهمين وتقليص مدة قبول الطعن أو رفضه التي تستهلكها المحكمة العليا، مشيرا إلى أن مدة الفصل في الطعون غالبا ما تتجاوز السنة، رغم أن القانون يخول للمحكوم عليه من طرف محكمة الجنايات إيداع طعن في الحكم في ظرف ثمانية أيام بعد صدور الحكم.