تختلف أسباب قيء الطفل باختلاف سنه. فعند الطفل حديث الولادة يحدث القيء عادة لفترة قد تستمر إلى أسابيع بسبب تهيج معدته بسبب ما ابتلعه من سوائل أثناء فترة الحمل وهو هنا يتقيأ، ولكن زيادة وزنه تستمر في حدود المعقول، وهو يتبرز بانتظام ولا يصاب بإمساك ما يدل على أن ما تقيأه لم يطغ على احتياجاته الغذائية، وهو قد يتقيأ لعدم الانتظام في رضاعته، فالطفل الصغير قد يبكي لأسباب كثيرة منها الجوع، ولكن منها أيضا العطش والمغص والإحساس بالحرارة أو البرودة وبعض الأمهات يترجمن كل بكاء على أنه بكاء جوع فيقدمن لطفلهن الغذاء، ثديا كان أو رضاعة في فترات متقاربة ولكن ما يقدم له يفوق طاقته فتطرد المعدة بدورها ما يفوق طاقتها. وتأتي بعد ذلك عدة أسباب ليست مرضية ولكنها شائعة جدا، كعادة لف الطفل لفا شديدا بحزام اللغة أو البطن حتى تضغط على أمعائه، أو ”تجشيء” الطفل بعد إرضاعه. ويحسن أن يوضع الطفل بعد الرضاعة على جانبه الأيمن مع رفع رأس السرير بمخدة توضع تحت الحاشية حتى يكون الارتفاع منتظما وقد يتقيأ الطفل لأننا قدمنا له الأكلات الصلبة قبل تعلمه المضغ كمن تقدم لطفلها الخبز وهو في الشهر الرابع مثل هذا الطفل سوف ”يشرق” ويتقيأ الخبز وما سبق أن رضعه من لبن. وتعد الأسباب غير العضوية للقيء فهي تمثل أغلب حالات القيء وأكثرها إزمانا، فلو كان الموضوع ميكروبا لقضى عليه مضاد حيوي وعلى الأم أن تشك في المرض العضوي إذا ظهر مع القيء فقدان في الشهية وارتفاع في درجة الحرارة أو صاحبه إسهال أو زرقة في الوجه قد تدل على وجود انسداد بجهاز الطفل الهضمي، وهنا يصاحب القيء إمساك شديد. وليس كل القيء بسبب ميكروب معوي، فالطفل قد يتقيأ عندما يهاجم جسمه أي مرض، فالتهاب الحلق أو الأذن الوسطى قد يصاحبه قيء، والسعال الديكي كما نعلم جميعا تنتهي نوباته عادة إما بشهقة أو بقيء. ولكن على الأم أن تحترس إذا تقيأ طفلها، واشتكى من صداع شديد مع عدم قدرته على ثني رقبته فقد يكون هذا من علامات مرض بالمخ والعياذ باللّه أو صاحب القيء ألم بالجانب السفلي الأيمن بالبطن، كما يحدث عادة في حالات التهاب الزائدة الدودية. هنا يجب على الأم أولا أن تراجع نفسها في حياتها اليومية مع طفلها، هل هي تطعمه بانتظام، وهل تحرص على أن يتجشأ بعد كل رضعة، وأن ينام في هدوء على جنبه أو بطنه بعدها، ثم هل هو يزيد في وزنه كما يجب، أم لا، وهل يصاحب القيء إمساك أو إسهال. ومن هنا يمكن أن تفرق بين القيء الذي يسببه خطأ في رعاية الطفل وتغذيته، وهو ما يكون علاجه بين يدي الأم، أو مرض عضوي وهو ما يترك لعناية اللّه والطبيب.