دعت منظمة العفو الدولية عبر مكتبها بالجزائر السلطات العمومية إلى إلغاء عقوبة الإعدام بقرار سياسي بعيدا عن أي تأثيرات دينية، كما عرفته النقاشات السابقة، لاسيما بعد توفر جميع الظروف، حسب ما أفاد به الحقوقي لخضاري محمد الصغير كتجميد تنفيذ العقوبة بالجزائر منذ 1993 والتطور الكبير الذي تعرفه المنظومة التشريعية الوطنية، فيما حمل عدد من الحقوقيين مسؤولية تأخر إلغاء العقوبة للمجلس الشعبي الوطني، الذي فقد وظيفته التشريعية، حسب تعبيرهم. أكد، أمس، الحقوقي لخضاري محمد الصغير، عضو منظمة العفو الدولية، فرع الجزائر، خلال ندوة نشطها بمقر هذه الأخيرة بالعاصمة، على هامش فعاليات اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، أنه حان لفعاليات المجتمع الجزائري أن تعيد فتح النقاش حول إلغاء عقوبة الإعدام، لاسيما بعدما اتخذت 109 دولة قرارا بإلغاء العقوبة، وهي الخطوة التي قال عنها “ لن تتم بالجزائر، سوى بقرار سياسي بعيدا عن أي تأثير ديني”، معبرا عن استغرابه للجدل الديني الذي أحدثته مساعي إلغاء عقوبة الإعدام بالبلاد، رغم “أن المنظومات التشريعية في جل الدول العربية والإسلامية لم تعد تحتكم لنصوص الشريعة الإسلامية”، وأعطى مثالا على ذلك بجرائم السرقة التي لا يقام فيها الحد بقطع الأيدي مثلا. من جهة أخرى، أبرز الأستاذ لخضاري محمد الصغير أن المناخ العام بالبلاد اليوم، خاصة على الصعيد القانوني، يساعد على اتخاذ قرار نهائي يلغي عقوبة الإعدام، ومبرراته في ذلك توقف جهاز العدالة عن تنفيذ العقوبة منذ سنة 1993، وكان آخر حكم بالإعدام نطقت به جنايات العاصمة في حق عناصر الجماعة الإسلامية المسلحة، التي نفذت تفجيرات مطار هواري بومدين آنذاك، بالإضافة لتطور المنظومة التشريعية والقانونية التي أعادت تكييف عديد الجرائم، لاسيما الاقتصادية، إلى جانب انضمام الجزائر لجل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، التي تدين عقوبة الإعدام، بدءا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 2008، والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان وغيرها. وفي رده على سؤال حول مصير المحكوم عليهم بالإعدام سابقا، في حالة ما تم اتخاذ قرار إلغاء العقوبة، قال المتحدث “إن هناك حلولا كثيرة، منها عادة محاكمة هؤلاء، أو إصدار في حقهم عقوبة بالسجن توازي عقوبة الإعدام”. وقد انصبت مداخلات المشاركين من حقوقيين وأساتذة، في اتجاه تحميل المجلس الشعبي الوطني، مسؤولية استمرار الحكم بعقوبة الإعدام، وحجتهم في ذلك، فقدان هذه الهيئة دورها التشريعي الذي وجدت لأجله. من جهة أخرى، جدد رئيس مكتب الجزائر التابع لمنظمة العفو الدولية، يملول علي، رفض هذه الأخيرة لبعض افرازات ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لاسيما في الشق المتعلق بما وصفه “الإفلات من العقاب في حق المسلحين”، وعدم إنصاف بعض ضحايا المأساة الوطنية، كالمفقودين الذين حضر بعض عائلاتهم الندوة، حسب تصريحه.