قال الوزير الأول، أحمد أويحيى، إن الإرهاب هزم والحرب على بقاياه مستمرة، وأوضح أن مسلك المصالحة الوطنية والاستفادة من رحمة الجمهورية لايزال مفتوحا، وتوعد في سياق آخر، بعقوبات صارمة، ضد أي محاولة تحويل المسجد عن مهامه الدينية لم يبق سوى 35 ملفا للمفقودين من ضمن 6478 ملف وأشار في الشق الاقتصادي إلى تجاهل بعض الاستثمارات الأجنبية لقوانين الدولة، مبرزا أن الجزائر اليوم ليست في حاجة لرؤوس أموال بقدر ما هي بحاجة إلى مهارة وتكنولوجيا، ما جعله يحذر من الانسياق وراء المصالح المعزولة واللوبيات والمناورات السياسوية، حسب تعبيره. استهل أحمد أويحيي، أول أمس، عرض بيان السياسة العامة أمام نواب البرلمان بالملف الأمني، حيث أكد أن الآلة الإرهابية بالجزائر انهزمت بفضل الكفاح البطولي لأفراد الجيش والأمن، وأن الحرب على بقايا الإرهاب وآثاره مستمرة، ما جعله يدعو المواطن إلى الالتزام باليقظة وتجنب أي تهاون يستغله بقايا الإرهابيين لارتكاب جرائم غادرة. وقال بالمقابل إن المصالحة الوطنية التي تعتبر من أهم إنجازات البلاد خلال العشرية الأخيرة، والاستفادة من رحمة الجمهورية، لايزال مفتوحا أمام أولئك الذين يصرون على الإرهاب والخراب. ووجه أويحيى تحذيرات شديدة اللهجة لكل محاولات إدخال الممارسات والخطب الدينية الغريبة عن الجزائر، في إشارة منه إلى استيراد الفتاوى وبعض محاولات التنصير، وقال إن الحكومة تسهر على ضمان حرية المعتقد في ظل قوانين الجمهورية، وتوعد بمعاقبة صارمة لكل محاولات تحويل المسجد عن مهامه التوحيدية، مبرزا أن تمجيد الإسلام هو التزام حازم من الدولة. الدولة تؤكد تضامنها والتزامها تجاه ضحايا المأساة الوطنية وأشار أحمد أويحيي، بطريقة غير مباشرة، إلى الأصوات التي وجهت انتقادات إلى ملف السلم والمصالحة الوطنية ونتائجه في الميدان، حيث قال إن الدولة تؤكد تضامنها مع عائلات ضحايا الإرهاب وضحايا المأساة الوطنية، مبرزا بلغة الأرقام أنه لم يبق سوى 35 ملفا للمفقودين من ضمن 6478 ملف، وأضاف أن الدولة حريصة على تعزيز وحدة الشعب وتماسكه بما يمكن من تحصين أمن واستقرار البلاد من أية مؤامرة جديدة قد تحاك ضدها، خاصة وأن “الإرهاب أصبح محل تنديد شامل ولم يعد بإمكانه التستر وراء البهتان السياسي”، وانتقد بعض الأصوات التي تعزف على وتر التاريخ والهوية الوطنية، مستدلا بجهود الدولة التي لخصها في فتح قناة تلفزيونية للغة الامازيغية إثراء لقرار دسترة الامازيغية في 2002، إلى جانب بعض الأحكام التي أقرت في التعديل الدستوري الأخير، لاسيما ما تعلق برموز الثورة وصون التاريخ. تعزيز دولة القانون ومكافحة الفساد من الأولويات ولدى تعريجه على مختلف الإصلاحات التي عرفها قطاع العدالة، أكد الوزير الأول أن تعزيز دولة القانون ومحاربة كل أشكال المساس بالخزينة العمومية، من خلال التعليمة الرئاسية المتعلقة بمكافحة الفساد وتعديلات قانون مكافحة الفساد وقانون تنظيم حركة رؤوس الأموال وغيرها، من أولويات الدولة التي أكدت عزمها لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمساس بالمال العام والاتجار بالمخدرات وتبييض المال العام، مشيرا إلى أنه من بين أهداف إصلاح العدالة التي ترجمتها نتائج الإجراءات التشريعية الأخيرة، مكافحة التهرب الجبائي والجمركي والمصرفي، محاربة استغلال اليد العاملة غير المصرح بها والقضاء على المضاربة بالأسواق، مضيفا أن الحكومة حريصة على مواصلة هذه التحسينات بإصلاحات أخرى، لاسيما على مستوى الجماعات المحلية من خلال عصرنة الإدارة ومراجعة قانون البلدية. إجراءات اقتصادية عززت سلطة الدولة وفكرة أن الجزائر سوق جذاب قد ولت من جهة أخرى، رافع مسؤول الجهاز التنفيذي لصالح الإجراءات التشريعية والاقتصادية التي تبنتها الجزائر مؤخرا، وفي مقدمتها قانون الاستثمار الجديد الذي ينص على ضرورة حيازة الطرف الجزائري على نسبة 51 بالمائة من رأس المال، وهي الإجراءات التي قال إنها عززت سلطة الدولة في التعاملات، دون المساس بالخيارات الجوهرية لبناء الاقتصاد الوطني على أسس المنافسة العالمية. وفي رده على الانتقادات التي أثيرت بشأن هذه الإجراءات، تساءل الوزير الأول “أي ضرر يراه البعض في تعديل مسارنا نحو اقتصاد السوق، وما يمنعنا من إدخال تصحيحات ملائمة على ضوء الوقائع والتجارب وظروف الأزمة العالمية ؟”، موضحا أن قاعدة إعطاء الأغلبية في الشراكة الأجنبية للطرف المحلي، سائدة في عموم الدول كالمشرق وأسيا، وقال: “إن هذه الأصوات كانت تعتقد أن إبقاء الجزائر سوقا له جاذبية كبيرة، أمر مشروع”. “استثمارات أجنبية تجاهلت السلطات والآن لسنا بحاجة إلى الأموال وإنما إلى المهارة” وفي نفس السياق، اعترف الوزير الأول بصراحة أن بعض الاستثمارات الأجنبية خارج المحروقات لم تستجب بعد لنداءات السلطات العمومية ولم تبذل أي مجهودات، وذهب إلى أبعد من ذلك حين قال: “إن بعض المستثمرين حققوا نجاحات في السوق المحلية من وراء المضاربة، والبعض منها تجاهلت سلطات البلاد وسيادتها وآخرون حاولوا مخالفة القوانين دون عقاب”. ولدى توجيهه دعوة إلى الاستثمار والشراكة الاقتصادية بالجزائر لمختلف الدول والفعاليات الاقتصادية، أوضح الوزير الأول قائلا: “إننا لسنا في حاجة ماسة لرؤوس الأموال كما يعتقد البعض، بقدر ما نحن في حاجة الى المهارة والتكنولوجيا والتسيير العصري”، مستدلا “بالرصيد المعتبر للعملة الصعبة وادخار الخزينة العمومية”، لاسيما أمام المزايا الممنوحة في إطار قانون الاستثمارات. على الحكومة تجنب الانسياق وراء اللوبيات وعلى العمال التمسك بالثلاثية كفضاء للتشاور. في سياق آخر، حذر الوزير الأول الحكومة من الانسياق وراء منطق المصالح المعزولة أو اللوبيات، مهما كان نوعها، في إشارة منه الى ما حدث في السنوات الأخيرة ببعض القطاعات الوزارية، مؤكدا أن دور الجهاز التنفيذي السهر على الحفاظ على ركائز الاقتصاد الوطني وتنمية المؤسسات وتدعيم استحداث الثروات، حيث لخص أهداف الحكومة برفع نسبة النمو في القطاع الفلاحي ب8 بالمائة، وما بين 5 و10 بالمائة بالنسبة للصناعة. وعلى صعيد الجبهة الاجتماعية، أشار الوزير الأول إلى الطبقة العمالية، بترك المناورات السياسوية وتفادي الديماغوجية والخطابات الشعوبية التي تؤدي الى تجاهل تحقيق المردودية، مجددا تمسك الدولة بالثلاثية كفضاء للتشاور والتحاور لمناقشة أية مبادرة من شأنها تعزيز المصلحة العامة بإثراء العقد الوطني والاقتصادي وتثمينه، داعيا الفئة العمالية إلى الالتفاف حول المسعى وتدعيمه لتحقيق أهدافه.