اختار الوزير الأول، أحمد أويحيى، أن يكون الشق المتعلق بالاستثمار الأجنبي حاضرا بقوة في مداخلته التي قدم بها بيان السياسة العامة للثمانية عشر شهرا الأخيرة من أداء الحكومة، حيث جدد الرجل ''مواقفه'' من عدد من المستثمرين الأجانب، قال إنهم أرادوا الربح السهل ولو على حساب السيادة الجزائرية. ورافع أويحيى مطولا لصالح برنامج الرئيس بوتفليقة مشيرا إلى أن البرنامج السابق تجسد ميدانيا وبلغ أهدافه بدليل اختيار الرئيس بوتفليقة لعهدة ثالثة. ولم يرتجل الوزير الأول على غير العادة كثيرا خلال عرضه بيان السياسة العامة للحكومة منذ توليه رئاسة الوزراء قبل 18 شهرا أمام نواب الغرفة السفلى نهاية الأسبوع، وأكد على الخطوط العريضة لبيان السياسة العامة مستهلا عرضه بالجانب الأمني ومدى تحقيق الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب وضمان حرية المعتقد ومحاربة التطرف والدعوة إلى المصالحة الوطنية ورغبة الدولة في تحقيق الاستثمار وتأهيل المؤسسات العمومية، ردا على الأطراف التي تشكك في رغبة الدولة في الاستثمار الأجنبي وتستثمر على حساب سيادة البلد. الإرهاب انهزم وأبواب المصالحة مفتوحة اعتبر الوزير الأول أن تحقيق الأمن أهم إنجازات العشرية الماضية، وقال بصريح العبارة ''لقد هزمنا الإرهاب وأصبح محل تنديد شامل في بلادنا''، مشيرا إلى أنه ''لم يعد في إمكانه التستر وراء أي بهتان سياسي''، وقال إن بقايا هذه الجماعات لم يعد لها مستقبل. وأكد أويحيى أن الحكومة تحرص على تجسيد بنود المصالحة الوطنية. وبلغة الأرقام تحدث الرجل عن أنه من أصل 6478 ملفا خاصا بالمفقودين لم يبق سوى 35 حالة لم تتم تسويتها، ومن بين 13332 ملف خاص بعائلات الإرهابيين لم يبق سوى 57 ملفا قيد الاستكمال في انتظار حل 23 حالة ذات صلة بالمأساة الوطنية. وجدد أويحيى نداءه للجماعات المسلحة بالتوبة مادام أن قانون المصالحة لايزال ساري المفعول. وتوعد أويحيى بتحريك عصا الطاعة ضد المتطرفين وإدخال ممارسات أو خطب دينية غريبة في إشارة إلى تبني ''خطابات دينية مستوردة'' عبر بعض المساجد، مشيرا إلى التصدي لأي سعي لتحويل المسجد عن مهمته التوحيدية. وعن حرية المعتقدات أكد على احترام حرية العقائد في ظل احترام القانون. وبعد تثمينه الإصلاحات التي عرفها النظام القضائي من خلال ترسانة القوانين المعدلة والجديدة في إطار مكافحة الفساد والرشوة والحديث عن إصلاح المنظومة التربوية والصحة العمومية، عرج أويحيى على الجانب الاقتصادي ورد على الأطراف التي تدعي عدم رغبة الجزائر في الاستثمارات الأجنبية، فأشار إلى أن المؤسسات الأجنبية تعتقد أن إبقاء الجزائر مجرد سوق أمر مشروع، بل أكثر من ذلك أن بعض المستثمرين سعوا إلى الربح عن طريق المضاربة حتى على حساب سيادة البلاد في إشارة إلى شركة أوراسكوم المصرية. الجزائر ليست بحاجة إلى رؤوس أموال أجنبية أكد أويحيى أن الجزائر ليست بحاجة ماسة لرؤوس أموال أجنبية بقدر ما هي بحاجة للخبرة والتكنولوجيا والتسيير العصري بعلاماتها الخاصة، وأشار إلى أن قانون الصفقات العمومية يفرض على كل مؤسسة أجنبية ترغب في الحصول على صفقة عمومية بالجزائر للسلع والخدمات أن ترافق عرضها باقتراح يرمي إلى ''المساهمة في تحديث مؤسسة جزائرية أو الاستثمار في بلادنا وفق المعايير المعمول بها حاليا والمتمثلة في حيازة الطرف الجزائري على نسبة 51 بالمائة من رأس المال.