صدر مؤخراً عن منشورات “فيسيرا”، بالعاصمة، كتاب جديد للكاتب أحمد بوعلام دلباني، تحت عنوان “موت التاريخ..محنى العدمية في أعمال محمود درويش الأخيرة”، وهي عبارة عن نقدية وفلسفية هي آخر الأعمال التي صدرت لشاعر المقاومة الفلسطينية محمود درويش. العمل النقدي هذا، جاء في حوالي 150 صفحة من الحجم المتوسط، استعان فيه الكاتب بعدد من الإصدارات الشعرية التي أصدرها درويش في الفترة الممتدة ما بين سنة 2000 إلى غاية سنة 2008، وهي السنة التي رحل فيها درويش عن هذا العالم. نوّه دلباني في توطئة الكتاب، إلى كون هذا البحث النقدي الثقافي، لم يشمل مجمل الأعمال الشعرية التي أصدرها الراحل الكبير محمود درويش، كما لا يدعي - أي الكاتب -، تقديم مقاربة لحضور إبداعي متميز ومتفرّد منذ ما يزيد عن أربعين عاما، ولكنها محاولة في الاقتراب من منحى العدمية الذي وسم أعمال الراحل الأخيرة ولفعها برداء المرارة والوجودية، وذلك بغرض إيجاد مقاربات مع المنجز الشعر لهذا الشاعر الكبير. وعرّج الكاتب أثناء دراسته النقدية هذه إلى الثالوث الذي يحكم الخطاب الدرويشي وبخاصة في أعماله التي صدرت قبل رحيله مباشرة، وهي “اكتشاف الموت الفردي”، “موت التاريخ”، “الخلاص من داء الغياب القديم بالفن”، وهي التيمات التي أسرت رحلة الشاعر الأخيرة إلى ينابيع العالم، وهو يخلع براقعه ويضع مومياء سردياته القديمة في المتحف. وفي الأخير أشار دلباني إلى كوننا لم نكتب ما كتبنا احتفاء بالعدمية وبالسقوط المروّع للتاريخ في اللاّمعنى واللاّهدف، لكنا لم نكتب ذلك انتصارا لموت الفكر الثوري والايديولوجيات التي قادت مسيرة نضالنا ضد عنف المرحلة، وإنما أردنا أن ننبه إلى أن النضال الحقيقي ضد الاغتراب عن العالم يبدأ بالنقد “نقد الذات”، “نقد المرجعيات”، “نقد المسبقات“، وفي الأخير “نقد رؤيتنا للعالم”، بعد مرحلة التفككات والتصدعات التي لمسها الكاتب في حدس الشاعر الراحل محمود درويش التي رفضت أدوار دون كيشوت المغترب عن زمنه. كما أن هذا الكتاب - يضيف دلباني - جاء بهدف توجيه تحية لأحد أبرز شعراء العربية في العصر الحديث.