طرح مواطنو ورؤساء بلديات كل من أغبال، ڤوراية ومسلمون، المتواجدون في إقليم دائرة ڤوراية، الواقعة في الناحية الغربيةالجنوبية لولاية تيبازة، انشغالاتهم ومطالبهم التي طالما كرّرُوها مع رحيل مسؤول وتنصيب آخر، دون أن تجد طريقها للحل بلدية الأرهاط.. كنز سياحي تحاصره الأكواخ من كل ناحية ويأمل سكان القرى النائية من الوالي الجديد للولاية، مصطفى العياضي، تحقيق المطالب الأساسية للحياة التي من شأنها أن ترفع عنهم الغبن وتضمن لهم ولأبنائهم حقهم في العيش الكريم، بعد عودة واستتاب الأمن في هذه الدواوير والقرى النائية. يتطلع سكان هذه القرى الموزعة عبر البلديات التابعة إقليميا لدائرة ڤوراية، وكذا دائرة الداموس كدوار عدوية، بني بوحنو، إيغيلير، شولا، غزلية، بن عمرو، بني بوحيشن وتفساسين، أن يتحسن الوضع الصحي بتوفير المرافق والخدمات الصحية التي من شأنها تجنيبهم عناء التنقل الطويل للبلديات المجاورة التي تتوفر على الهياكل الصحية المجهّزة، على غرار مستشفى سيدي غيلاس بدائرة شرشال، مستشفى ڤوراية، وعيادة تيبازة، لحصولهم على حقهم المشروع في الصحة. السكان جدّدوا رفع هذا الإنشغال في حديثهم مع “الفجر”، وتحدثوا بإسهاب عن المشاكل الصحية التي يتخبّط فيها أفراد عائلاتهم نتيجة غياب هذه المرافق في بعض المناطق، وافتقارها للتأطير في المناطق الأخرى التي تتوفر عليها. تلاميذ منطقة سعدونة يعانون قبل الوصول إلى مدرسة “لعري وذرن” بمنطقة سعدونة ببلدية ڤوراية، طالبت العائلات القاطنة بالدواوير المتناثرة، المسؤولين المحليين بالإلتفات إليها وإلى أطفالها المتمدرسين بالطور الإبتدائي، وتمكينها من الإستفادة من وحدات السكن الريفي وإيصالها بالماء والإنارة العمومية، حيث تعاني العائلات القاطنة على حافة الوادي المؤدي لوادي قلال من مشكل الطريق الذي يتسبب في كثير من الأحيان في إحداث أعطاب بسياراتهم بسبب اهترائه وعدم تعبيده منذ مدة. كما تشكوا هذه العائلات من انعدام مياه الشرب والإنارة العمومية ومن المبيت في سكنات قصديرية. وفيما استفاد المتمدرسون بالطور المتوسط والثانوي من النظام الداخلي بمؤسسات التربية بڤوراية المركز، يواجه تلاميذ الابتدائي مشاق التنقل إلى مدرسة “لعري وذرن” في ظروف صعبة جدّا ومليئة بالمخاطر التي تهددهم في ظل غياب النقل المدرسي من جهتهم يضطر السكان القاطنون على حواف الوادي المؤدي لوادي قلال، لقطع مسافة كيلومترين مشيا على الأقدام للإلتحاق بطريق بلدية أغبال على بعد 25 كيلومتر للحصول على وسائل النقل والوصول إلى غاية ڤوراية المركز، لقضاء أبسط الحاجيات حتى ما تعلّق برغيف الخبز. ويؤكد ممثلون عن العائلات القاطنة بدوار بوفلوس، أن الدواوير المجاورة استفادت من مشاريع السكن الريفي والتزود بالماء الشروب، فيما حرمت منطقتهم لتضطر لجلب هذه المادة الحيوية بملء الدلاء من الوادي والينابيع التي تجف عند ارتفاع درجات الحرارة، مكرسة معاناة السكان على اختلاف أعمارهم. 300 عائلة معزولة بحي الكومينال في منطقة واد السبت تتخبط أكثر من 300 عائلة بحي الكومينال بواد السبت، في المدخل الشرقي لڤوراية، وسط ظروف مزرية تضعهم بين أنياب الفقر والحرمان، والإقامة في الصفيح. فالنسيان المضروب على الحي ترك قاطنيه داخل الأكواخ لمدة 16 سنة كاملة دون أن تغير العهدات الإنتخابية من واقعهم شيئا. فلا حديث في حي الكومينال إلا عن الحرمان والفقر والبطالة، حيث تكفي نظرة واحدة لذلك المحتشد البشري المترامي الأطراف على بعد 3 كلم جنوب الطريق الوطني رقم 11، حتى تتجلى لك مظاهر الغبن بكل أصنافها، إذ يتشكل الحي من الفارين من لهيب الإرهاب الذي عاث فسادا في منطقة بني راشد الجبلية التي تقع على بعد 15 كلم جنوبا، ليستقر الناجون بواد السبت للعيش على هامش الحياة أمام أنظار السلطات منذ سنة 1994. ويتشكل الحي من عشرات البيوت الطينية تتزاحم داخلها العائلات مع بعضها البعض على حواف الأودية الصغيرة وقمة الجبل المطل على شواطئ واد السبت. كما أن الوصول إلى الحي يكون بشق الأنفس، حيث تمتلئ جميع المسالك المؤدية للحي بالأوحال الممزوجة بالمياه القذرة، وتكفي دقائق فقط من تساقط الأمطار حتى تجرف منازل عائلات بأكملها نحو الأسفل، ما يبقي السكان في حالة تأهب قصوى عند أول قطرة تنزل من السماء، يبيت معها الأولياء ساهرين حتى لا يفقدوا عائلاتهم، وهو واقع يتكرر منذ 16 سنة لدى هؤلاء. وتغطي الحي شبكة من الخيوط الكهربائية استقدمها السكان من الجهة السفلية لمنطقة واد السبت، نظرا لعدم وجود أعمدة كهربائية، حيث يشتركون في كابل واحد مثلما يشتركون في الخطر المحدق بهم في حال سقوطه. ولعدم وجود قنوات الصرف الصحي، لجأ السكان إلى حفر مطمورات داخل البيوت لتصريف المياه المنزلية، رغم ما يشكله هذا الفعل من خطورة تهدد صحتهم، خصوصا أيام اشتداد الحر وبروز المياه القذرة إلى السطح وداخل الغرف. ويستدعي الحصول على الماء الشروب مشقة أنهكت أجساد أطفالهم النحيفة الذين يستيقظون على هاجس جلب الماء الشروب على أكتافهم وينامون عليه، في ظلام دامس يغزو جميع أنحاء الدوار لغياب الإنارة. الأرهاط: تنام على ثروات سياحية هامة غير مستغلة رغم ما تزخر به بلدية الأرهاط الساحلية، التي تتوسط الطريق بين ڤوراية والداموس، من إمكانيات جمالية وسياحية ترشحها لاحتلال المراكز الأولى وطنيا في مجال السياحة لو توفرت فيها الخدمات الضرورية، فإن سكان دواويرها وقراها لا يزالون يتخبطون في دوامة الفقر والتخلف. فدواوير سيدي إبراهيم بوخليجة، مشطيطة، سيدي سالم، المناجم وبني وارقشن بأعالي البلدية، تشكو تدهور وضعية الطرقات على وجه الخصوص، وتفتقر لضروريات العيش الكريم.. فترى السكان يتخذون من الأكواخ المبنية بالطوب ملجأًَ لهم ولعائلاتهم ويقومون بإعادة بنائها بصفة دورية تفاديا لانهيارها بسبب الأمطار والرياح، كونها تتواجد على أراض غير مستوية. ويشتكي التلاميذ القاطنون بدوار الزبوج ودوار المناجم، من متاعب الإلتحاق بمقاعد الدراسة، خاصة خلال التقلبات الجوية، جراء غياب النقل المدرسي والطبيعة الريفية المعزولة للمنطقة، إذ يضطرون يوميا لعبور المسالك الترابية من أجل الوصول إلى أقرب مدرسة. وينتظر السكان الإلتفات إليهم من خلال ربط الدواوير ببعضها بطرقات مهيأة، تعويضا لهم عما عانوه خلال سنوات طويلة ميّزها التدهور الكبير في وضعية الطرقات التي تربط الدواوير المبعثرة هنا وهناك. توفير الطاقم الطبي أولى من تشييد هياكل جديدة لم يتوقع السكان أن يكون ردّ والي ولاية تيبازة الجديد، مصطفى العياضي، على انشغالاتهم، بتأكيده أن عملية توفير الهياكل الصحية تأتي بعد توفير الطاقم الطبي، لأن السبب - حسبه - يكمُن في لاعقلانية إنجاز مرافق صحية جديدة في وقتٍ لا تزال المرافق القليلة الموجودة في متناول بعض المواطنين عبر البلديات، تبحث عن طواقم طبية لتلبية الحاجيات العادية للمرضى، وهو ما جعل سكان الدواوير النائية يسألونه ويطالبونه بالحل بصفته المسؤول الأول بالولاية.. حيث وجه في هذا الصدد نداء للسكان، يحثهم فيها على ضرورة تشجيع أبنائهم غير الحاصلين على شهادة البكالوريا على الإلتحاق بمقاعد التكوين التي فتحتها مديرية الصحة بتيبازة، خاصة فئة البنات، للتخصص في المجال الشبه الطبي، قصد تلبية حاجيات المواطنين الصحية. كما أكدّ عزمه على إنجاز قاعة علاج ومسكن وظيفي لكل ممرضة أو طبيب يبدي نيته للعمل في الدواوير النائية. وفي سياق متصّل، تم اتخاذ قرار بفتح صيدلية ببلدية أغبال التي تضم 8 آلاف نسمة، من خلال تخصيص محلين مهنيين في إطار 100 محل في كل بلدية، لتجنيب المرضى عناء التنقل إلى البلديات المجاورة لشراء واقتناء الدواء. وأبدى المسؤول ذاته تعجبه من الصدأ الذي لحق معدات جراحة الأسنان بعيادة مسلمون الحديثة، والذي بدا واضحا للعيان، بالرغم من تأكيد مدير الصحة أن اقتناءها تم حديثا، وهو ما دفع بالوالي للتأكيد على وجوب صرف الأموال في شراء معدات حديثة وذات نوعية عالية في مجال طب الأسنان، على غرار معدات الشركة اليابانية. وفي رده على مختلف انشغالات المواطنين بهذه المناطق، كرّر المسؤول الجديد على الجهاز التنفيذي لولاية تيبازة، في كل دوار وقرية عن ورقة العمل المسطرة للدواوير والأحياء ، التي بقدر ما رحب بها الجميع بقدر ما أبدوا بعض من التحفظ، لأن العبرة في التنفيذ. ولخص الوالي مهمته في هذه الدواوير في أربع نقاط واعتبر تجسيدها بمثابة أولوية الأولويات، حيث تمثلت في فتح مسالك من الدواوير التي لاتزال معزولة عن بلدية الأم وربطها بالطرقات الرئيسية للأحياء والبلدية، لأنها - حسبه - ستخلق حركية لدى المواطنين، وأن المواطن إذا وجد مسلكا للتحرك بسهولة، فإن ذلك سيساعده على كافة الأصعدة، التعليمية، الصحية والمعيشية. أما الأولوية الثانية، فموّجهة بصفة أدق للتلاميذ المتمدرسين في الأطوار الثلاث، والقاطنين في الدواوير النائية وهذا بتوفير التدفئة، الإطعام، الإيواء، الكتب، المعلمّين والنقل المدرسي، بهدف تكوين محيط تربوي مريح للتلميذ ولتجنيبه مشاق الجوع والتعب، بسبب بُعد المسافة التي يعاني منها هؤلاء من مكان إقامتهم إلى المدارس التي تتراوح في أغلبها ما بين 4 كيلومترات إلى 12 كيلومتر يقطعها التلميذ من الجنسين كل يوم متحديا بذلك كل العوائق الطبيعة خاصة في هذا الفصل البارد، مصرا على التأكيد أن الهدف الرئيسي هو تقريب التمدرس من التلاميذ من خلال توفير كل الإمكانيات المادية اللازمة لأن المستقبل هو للجيل المتعلم. وتتمثل الأولوية الثالثة في توفير المياه وإيصالها لكل مسكن، لأن من ذلك تجنيب المواطن خاصة النساء والأطفال مشاقة جلب المياه الصالحة للشرب بالدلاء. أما الأولوية الرابعة فهي إيصال الكهرباء لكل منزل مع استدراك مشكل الإنقطاعات المتكررة. القهوة ب 15 دينارا.. ومنبع “زادرة” لمن أراد الزواج! لعلّ أهم ما يستقطب المرء خلال زيارته إلى هذه المنطقة الجبلية، بدءا من أعالي بلدية أغبال في قوراية ووصولا إلى أطراف مدينة بني ميلك في الحدود مع ولاية عين الدفلى، مرورا بالمكان المسمى النقطة صفر “بوزيرّو”، هو جود وكرم أهل المنطقة الذين يظنّون أن بركة أجدادهم الولاة الصالحين هي التي تضمن لهم استمرار الخيرات وتحميهم من كل الصعوبات التي تلاقيهم في حياتهم، فقد ألحّ علينا السكان أن نتوّجه إلى منبع المياه المسمّى “زادرة” الواقع ببلدية أغبال، إذ تقول الأسطورة إن مياه المنبع مباركة لوجود قبر ولي صالح بجوارها، ويعتقد الأهالي أن ما من فتاة أرادت دخول القفص الذهبي وشربت من منبع “زادرة “ إلا وتزوجت، وهو الحال كذلك بالنسبة للرجال الذين يقصدونه بكثرة ! وتتجلّى البركة - حسب السكان أنفسهم - حتى في القهوة، فلا زال سعرها 15 دينارا فقط..