قادتنا زيارة نهاية الأسبوع المنصرم إلى دائرة الداموس التي تبعد مسافة تزيد عن 100 كلم غرب عاصمة ولاية تيبازة، في الحدود مع ولاية الشلف عبر بلدية بني حواء، إذ لا يفصل بين الولايتين سوى جسر حديدي يمتد على طول 200 متر، فكانت البداية من مدينة بني ميلك الجبلية، التي تبعد بنحو 40 كلم جنوب بلدية الداموس، فالطريق إلى بني ميلك وعر يمتاز بالمنعرجات الخطيرة كونه يخترق جبال الداموس· وأثناء السير لاحظنا بعض المظاهر السلبية التي لا تزال تعاني منها المناطق المعزولة بولاية تيبازة، على غرار قطع عشرات التلاميذ لمسافات طويلة مشيا على الأقدام لبلوغ قاعات الدراسة بابتدائية بني ميلك، وقليل هم فقط المحظوظين الذين تراهم جالسين داخل مركبات سياحية من نوع ''رونو كلاسيك'' على وجه الخصوص المنتشرة بكثرة بالمنطقة أو بالسيارات النفعية تارة أخرى التي يقتات منها أصحابها طيلة العام باحترافهم لمهنة ''الكلوندستان''، كون النقل منعدم بين الداموس إلى بني ميلك· ورغم أن بلدية بني ميلك تملك أربعة حافلات للنقل المدرسي - حسب تصريح رئيس البلدية ذاته - إلا أن العدد يبقى غير كاف لضمان تغطية شاملة من شأنها نقل كافة التلاميذ الذين يقطنون بمختلف الدواوير المتناثرة هنا وهناك خاصة وأن المسافات متباينة فيما بينها· ربط 500 عائلة معزولة بمقر البلدية عبر جسرين يعبران وادي بوعرابي وفي حديثهم مع ''الفجر'' استبشر سكان هاته البلدية الجبلية بمختلف المشاريع التنموية المسجلة عبر إقليم بلديتهم والتي من شأنها فك الخناق والعزلة عنهم ورسم الابتسامة الغائبة، حسب ما لاحظناه على وجوه الأطفال، فبني ميلك استفادت مؤخرا من عدد كبير من المشاريع من شأنها إعادة بعث الحياة من جديد وتحفيز النازحين على العودة إلى منطقتهم الأصلية· كما حظيت لمرات عديدة بزيارات للسلطات المحلية والولائية، حيث تم مؤخرا فك العزلة عن قرابة 500 عائلة تقطن ببني ميلك بعد إنجاز جسرين يعبران وادي ''بوعربي'' ويربطان منطقتي ''بوقيس'' و''بني بوحمو'' بمقر البلدية مباشرة، بعدما كان سكان هذين الدوارين يتكبّدون متاعب جمة لبلوغ المدينة· وتطلّب إنجاز هذين الجسرين المسجلين في إطار المخططات البلدية للتنمية لسنة 2009 غلافا ماليا بقيمة 8 ملايين دج، مما مكّن من فك العزلة عن المنطقتين الواقعتين بإقليم يهدده خطر الفيضان في أية لحظة· بعد طول انتظار·· تهيئة الطريق المؤدي إلى دوار ''إيغيلير'' ومن جهة أخرى، تم بين سنتي 2005 و2009 ترميم ستة طرقات بلدية على مستوى بلدية بني ميلك، مما سمح بربط نحو 5 آلاف عائلة تقيم بالدواوير والقرى مع العالم الخارجي، على غرار الطريق البلدي الذي يربط بلدية بني ميلك بدوار ''إيغيلير'' الذي يمتد على طول 8 كيلومترات، كما تمت برمجة عمليات أخرى ترمي إلى فك العزلة عن سكان تجمعات كل من ''شولا'' و''غزلية'' و''بن عمر و''بني بوحيشن'' الذين يفوق عددهم الألف نسمة· وفي مجال السكن، استفادت بني ميلك من برنامج للسكن الريفي يضم 670 وحدة، يضاف إليه 400 مسكن آخر مسجل في نطاق البرنامج الخماسي 2009/2014 قصد تحسين الظروف المعيشية للسكان· كما استفاد قطاع التربية من جهته من عمليات تمثلت في توسيع عدة أقسام وفتح مطاعم مدرسية ونصف داخليات لفائدة التلاميذ بهذه المنطقة المحرومة ومكتبة قيد الإنجاز ستجهز بتجهيزات حديثة من شأنها الترفيه عن الشباب· وفي نفس الصدد وعبر إقليم دائرة الداموس شهدت هذه الأخيرة تقدما محسوسا خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث تم شق وترميم 264 كلم من الطرق البلدية سمحت بالربط بين مختلف المناطق الجبلية للولاية· نداء استغاثة إلى السلطات من أعماق دوار ''بني بوحنو'' ببني ميلك وجّه سكان دوار بني بوحنو خلال لقائهم مع ''الفجر'' صرخة استغاثة إلى السلطات المحلية والولائية للنظر في ظروفهم المعيشية المأساوية التي يعيشونها، حيث اشتكى القاطنون بالدوار، الذي يبعد عن مقر بلدية بني ميلك بمسافة 10 كيلومترات من غياب مدرسة ابتدائية توفر على أبنائهم عناء التنقل مشيا على الأقدام إلى غاية المدينة وما يترتب على ذلك من مخاطر تهدد سلامتهم، حيث يضطر الأطفال إلى اتخاذ المسالك الجبلية الوعرة والمعزولة مرتين خلال اليوم الواحد لبلوغ مقاعد الدراسة، ويتأزم الأمر، حسب ذات المشتكين، حين تتساقط الأمطار التي ينجر عنها تراكم الحفر والمطبات التي تشكل خطورة كبيرة على سلامة أطفالهم الذين لا يتجاوز سنهم في أغلب الأحيان العشر سنوات، خاصة وأن حافلات النقل المدرسي لا يمكنها أن تلج إلى الدوار كون الطريق المؤدي إليه حافل بالمخاطر ولم يتم تعبيده ولا صيانته منذ العهد الاستعماري· وناشد هؤلاء والي تيبازة التدخل لفك العزلة عنهم وتخفيف حجم المعاناة التي تنخر حياة أبنائهم على وجه الخصوص بإدراج مشروع مدرسة ابتدائية يقول عنها السكان إنها من أهم أولوياتهم· الأرهاط بين جمال الطبيعة الساحرة وديكور الأكواخ المتناثرة أما ببلدية الأرهاط، فرغم ما تزخر به هاته البلدية الساحلية، التي تتوسط الطريق ما بين فوراية والداموس من إمكانيات جمالية وسياحية ترشحها لاحتلال المراكز الأولى وطنيا في مجال السياحة لو توفرت فيها الخدمات الضرورية، فإن سكان دواويرها لا يزالون يعانون ويتخبّطون في دوامة الفقر والتخلف؛ فدواوير سيدي إبراهيم بوخليجة، مشطيطة، سيدي سالم وبني وارقشن بأعالي البلدية تشكو تدهور وضعية الطرقات على وجه الخصوص وتفتقر لضروريات العيش الكريم، فترى السكان يتخذون من الأكواخ المبنية بالطوب ملجأ لهم ولعائلاتهم ويقومون بإعادة بنائها بصفة دورية تفاديا لانهيارها بسبب الأمطار والرياح كونها مقامة على أراض غير مستوية· ويشتكي التلاميذ القاطنون بدوار الزبوج ودوار المناجم من متاعب الالتحاق بمقاعد الدراسة، خاصة خلال التقلبات الجوية من جراء غياب النقل المدرسي والطبيعة الريفية المعزولة للمنطقة، إذ يضطرون يوميا لعبور المسالك الترابية من أجل الوصول إلى أقرب مدرسة منهم· وينتظر السكان الالتفات إليهم من خلال ربط الدواوير ببعضها بطرقات مهيأة، تعويضا لهم عمّا عانوه سنوات طويلة ميّزها التدهور الكبير في وضعية الطرقات التي تربط الدواوير المبعثرة هنا وهناك· نقص العقار والموارد المالية يرهنان التنمية المحلية بأغبال تعاني ميزانية بلدية أغبال عجزا حال دون تمكينها من إنجاز عدة مشاريع تنموية تعتبر أكثر من ضرورة في حياة مواطنيها، تأتي في مقدمتها المياه الصالحة للشرب· وتعيش بلدية أغبال على إعانات الدولة وتخصص سنويا مبلغ مليار سنتيم من ميزانيتها لتسديد مستحقات المستخدمين المقدر عددهم، حسب تصريح رئيسها، ب 43 موظفا جميعهم مرسمون، فيما تخصص مبلغ 400 مليون سنتيم تكاليف استغلال الكهرباء و50 مليون سنتيم للهاتف والغاز· وتعمل البلدية حاليا من أجل تحسين إيراداتها من خلال كراء عتاد البلدية، إذ لا تتعدى مداخيلها حاليا 200 مليون سنتيم، كما تسبب مشكل العقار التابع معظمه للخواص في حرمان البلدية من الاستفادة من المشاريع، خاصة السكنية منها· وأوضح رئيس البلدية أن هذا العائق ''سيحل قريبا بفضل مراجعة مخطط شغل الأراضي''· شربة ماء واحدة من منبع المياه ''زادرة '' بأغبال تضمن لك الزواج!؟ أثناء تجولنا بمدينة أغبال الجبلية، التي تبعد بمسافة 50 كلم عن بلدية فوراية، اقترح علينا أحد المواطنين العارفين بخبايا المدينة الجبلية التي تشبه إلى حد بعيد مدن سويسرا الجبلية في مظهرها العام، أن نزور منبع المياه الواقع إلى الغرب من مدينة أغبال في طريق العودة إلى فوراية· وتقول الأسطورة إن مياه المنبع مباركة لوجود قبر ولي صالح بجوارها· ويعتقد السكان هناك أن ما من فتاة أو شابة أرادت دخول القفص الذهبي وشربت من منبع ''زادرة'' إلا وتزوجت، وهو الحال كذلك بالنسبة للرجال الذين يقصدون المنع بكثرة ··· فمن يريد الزواج فما عليه إلا أن يتوجه إلى أغبال!