في الوقت الذي الوقت الذي يعيش الأطفال المصابون بداء السرطان معاناة حقيقية في المستشفيات، اختارت الفرنسية “جان“ تقديم يد المساعدة لهذه الفئة الضعيفة والتخفيف من معاناتهم النفسية من خلال إقامة حفلات ترفيهية، جلب المهرجين، وتقديم الحلويات والهدايا، من أجل رسم البسمة على وجوههم البريئة دخلت “جان”، البالغة من العمر 62 سنة، العمل التطوعي منذ 15 سنة بالمراكز الصحية، على غرار مستشفى بني مسوس، مايو، نفيسة حمود بارني سابقا، ومستشفى مصطفى باشا بالعاصمة، حيث تعكف على مساعدة الأطفال المصابين بالسرطان وتقديم المساعدة والدعم النفسي لهم، خاصة أن معظمهم يأتون من المناطق الداخلية للوطن من أجل تلقي العلاج. في هذا الإطار تقول “جان”: “المستشفيات خالية من وسائل الترفيه للأطفال، وهم صغار من حقهم اللهو اللعب بدل ملازمة الفراش طوال مدة إقامتهم في المستشفى، وهي المدة التي تتجاوز الثلاثة أشهر حسب برنامج العلاج الذي يتلقاه الطفل، باعتبار أن معظمهم يأتي في مراحل متأخرة من الإصابة”، مشيرة إلى أن أعراض مرض السرطان لا تظهر إلا بعد انتشار المرض في الجسم، وحينها يحس الطفل بالألم. وحسبما أدلت به “جان” في حديث لها مع “الفجر”، فإن الأطفال في المستشفيات يعانون كثيرا، خاصة الأطفال حديثي الولادة. تساعد أمهات المرضى المقيمات في المستشفيات من جهة ثانية، نقلت لنا المتحدثة معاناة الأولياء وخاصة الأمهات المرافقات لأطفالهم المرضى في المستشفيات، وكيف أنهن يبقين لأسابيع رفقة أطفالهم في ظروف أقل ما يقال عنها أنها مزرية. وقالت “جان” إن معظمهن يأتين من الولايات الداخلية خاصة من الجنوب الجزائري، وأغلبهن منحدرات من أسر فقيرة، وحالتهن الإجتماعية والنفسية صعبة جدا. وأوضحت “جان“ في هذا الشأن أن الأمهات يقمن في المستشفيات طيلة الفترة التي يبقى فيها الطفل للعلاج من أجل رعايته وتلبية حاجاته، حيث تتكفل الأم بإطعام صغيرها وتغيير ملابسه. وفي هذا الصدد تحاول المتطوعة “جان” مساعدة الأمهات أثناء إقامتهن في المستشفيات وترفع من معنوياتهن، عن طريق تقديم بعض الوجبات الخفيفة والحلويات، كما أنها تقوم كل شهر بدعوتهن لشرب القهوة في جو حميمي ينسيهن جو المستشفى الكئيب، كما أنها تقوم بجلب بعض الوجبات الباردة لهن من حين لآخر. وذكرت المتحدثة أنها قامت بالتكفل بتقديم وجبة الإفطار لستين امرأة طوال شهر رمضان الفارط بفضل إعانات المحسنين. تجلب الأدوية النادرة في الجزائر وترسلها للمرضى إضافة إلى الأعمال التطوعية التي تقوم بها “جان”، فهي تقوم بجلب الأدوية النادرة من الدول الأوربية التي تزورها في كل مرة وتسلمها لأهل المرضى. وفي هذا السياق قالت المتحدثة إنها تكفلت بجلب أحد الأدوية النادرة لطفلة تسكن في ولاية بسكرة وأنقذتها من العمى. وحسب ذات المصدر فإن الرضع حديثي الولادة يحتاجون للكثير من العناية في المستشفيات، لذا فهي تقوم بتقديم يد المساعدة من حفاظات وألبسة ومكملات غذائية، وتقوم بالعمل التطوعي لوحدها، قائلة إنها لم ترغب في أن تؤطر عملها التطوعي بتأسيس جمعية خيرية..”أغلب الجمعيات تخدم مصالحها الخاصة وتبحث عن الشهرة، وأنا لست كذلك”، وقالت بلهجة عربية إنها تعمل الخير من أجل “الحسنة” فقط، ولأن دين الإسلام يحث على مبادئ الأخوة والتسامح والتعاون. تستغل وقت الفراغ في صناعة الدمى كم تكون فرحة الأطفال كبيرة بالدمى والألعاب، فما بالك بالصغار المرضى الذين يلازمون الفراش في المستشفيات. “جان” فهمت هذه الحالة.. فبعد قيامها بعدة جولات إلى المستشفيات ووقوفها على احتياجات المرضى تقوم “جان” من حين لآخر بصناعة الدمى في منزلها ثم تحملها كهدايا للأطفال الصغار لترسم البسمة على وجوههم، قائلة: “وفي المساء عندما أعود إلى المنزل لا أشاهد التلفاز ولا أستمع إلى الراديو، إنما أكتفي بالبحث في الأنترنت عن آخر المستجدات، وأستغل وقت الفراغ في صناعة الدمى”. وروت لنا “جان” مراحل صنع الدمية وكيف أنها تقوم بشراء لوازم الخياطة وبعض الأقمشة من المحلات الخاصة، ثم تخيطها وتحشوها وتزينها، وتستغرق ثلاثة أيام في صنعها حتى تبدو دمية جميلة يفرح الأطفال باللعب بها، ويجد فيها الرفقة بين جدران المستشفى. توزع الحلوى وتجلب المهرجين في الأعياد الدينية لاتفوت “جان” فرصة الإحتفال بالأعياد الدينية رفقة أطفال المستشفيات، فكل عام تنظم فيها حفلة بإحدى المناسبات الدينية، كعيد الفطر أوعيد الأضحى أو المولد النبوي الشريف. وقالت “جان” في هذا الإطار إنها تنتظر أسبوعا حتى عودة المرضى إلى المستشفيات ثم تقيم لهم حفلة توزع فيها الحلويات على الصغار وتجلب المهرجين الذين يصنعون جوا متميزا ينسي الأطفال مرضهم ويبعث السرور والبهجة في قلوبهم، مضيفة إنها تعكف الآن على التحضير للإحتفال مع الأطفال الماكثين بالمستشفيات بالمولد النبوي الشريف طالبة من ذوي القلوب الرحيمة مد يد المساعدة. وروت لنا جان كيف أقامت العام الماضي حفل ختان للطفل زكريا، الذي يمكث في المستشفى بعيدا عن حنان الأسرة ودفئها، وأقيم الحفل بحضور المهرج “مينو” الذي أضفى جوا من الفرحة والسرور رفقة الأطفال المتواجدين في المستشفى. وفي السياق ذاته تطلب “جان” من النساء الجزائريات التبرع بملابس شتوية للأطفال حديثي الولادة، وحتى عمر 12شهرا، مشيرة إلى أن معظم القادمين إلى المستشفى ينحدرون من أسر فقيرة لا تستطيع التكفل بكل المصاريف، وتطلب من المحسنين مساعدتهم بشراء الحفاظات والألبسة الصوفية، خاصة ونحن في فصل الشتاء. ومن أجل مواصلة عملها التطوعي، تطلب “جان” من كل الجزائريين الإلتفات إلى الأطفال المصابين بالسرطان ورسم البسمة على وجوههم البريئة قبل وفاتهم ولو بتقديم قطعة حلوى..