أثارت قضية نزع الأجهزة الطبية عن المريض المتوفى دماغيا جدلا كبيرا، بين مؤيدين للفكرة بحجة التخفيف من آلامه والحد من عذاب ذويه، وبين معارضين حتى إن كان الشخص يحتضر على فراش الموت. وبينما يؤكد المختصون في طب الأعصاب أن المريض الميت دماغيا يعتبر ميتا مئة بالمائة، يرفض علماء الدين وضع حد لحياة المريض، باعتبار أن الموت الإكلينيكي من النوازل ولا ينبغي التسرع في اتخاذ أي قرار فيه. ولتسليط الضوء على الموضوع، أثارت “الفجر” الموضوع مع بعض الأطباء الأخصائيين، والعائلات، لمعرفة رأيهم حول فكرة نزع الأجهزة الطبية عن المتوفين دماغيا، حيث أعرب بعض من تحدثنا إليهم أنهم يرفضون هذه الفكرة تماما، لاسيما إذا تعلق الأمر بأحد أقاربهم حتى لو كانت نسبة الأمل في شفائه ضئيلة، بينما تقبل البعض الآخر فكرة نزعها بحجة أن المريض لا جدوى من بقائه راقدا في المستشفى بعد وفاة أهم جهاز في جسم الإنسان، وهو الدماغ. وفي هذا الشأن، كشف رئيس الرابطة الجزائرية لمكافحة الصرع، سعدي بلويز، أن الشخص الذي يتوقف دماغه عن العمل في المراكز الحيوية الواقعة في جذعه يعتبر ميتا مئة بالمائة، فتنفسه يبقى اصطناعيا بواسطة الأجهزة الطبية، وكذلك استمرار نبض القلب الذي يتوقف سرعان ما تنزع تلك الآلات. كما أن الأطباء لا يتخذون أي قرار، إلا بعد القيام بعملية التشخيص حسب شروط طبية، أهمها أن يكون الشخص مغمى عليه تماما بسبب مرض في جذع الدماغ أو كله، ولا يتنفس إلا بواسطة الأجهزة، والتأكد من أن الإغماء ليس ناجما عن مواد مخدرة أو ما شابه ذلك، بالإضافة لإجراء فحوصات رسم المخ الكهربائي ثلاث مرات للتأكد من وفاة المريض.. وبعدها تنزع الأجهزة تماما. وأفاد أرزقي محمد، أخصائي في طب الأعصاب، أن المتوفى دماغيا ليس له أمل في الشفاء، فهو يعتبر من الناحية الطبية ميتا لا محالة، ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل حتى الأمراض المستعصية التي تنتج عنها أوجاع، كمرض السرطان، تنزع فيها أجهزة التنفس من أجل تخفيف الألم. وأضاف ذات المتحدث أن “هناك بعض العائلات تظن أن مريضها له الأمل في الشفاء نظرا لنبض قلبه، ففي هذه الحالة نلجأ إلى إخبار الأهل عن وضعيته، وذلك بكشف الفحوصات وبعض الاختبارات التي أجريت له في محاولة منا لإقناعهم بعدم وجود أمل للعودة الحياة”. وتحدث الدكتور أرزقي عن وفاة امرأة في مستشفى البليدة، أين اضطروا لنزع الأجهزة الطبية عنها بعد أن فقد الأمل من شفائها، بناء على طلب عائلتها. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل أقيمت عملية زرع كليتها لشخص مريض منذ 7 أشهر وانتهت العملية بنجاح. من جهته، اعتبر علي جمال الدين، أستاذ علوم الشريعة بجامعة الجزائر، أن الموت الإكلينيكي من النوازل، مشيرا إلى إجماع الفقهاء وعلماء الدين أنه ينبغي أن تكون جميع الأعضاء الحيوية بجسم الإنسان متوقفة عن النشاط، لكي يعتبر الشخص ميتا، أوالانتظار حتى تخرج الروح نهائيا لتكون الوفاة طبيعية. وأضاف الأستاذ علي جمال الدين أن قدرة الخالق فوق كل اعتبار، وهو قادر أن يحدث معجزة في عودة الإنسان إلى قيد الحياة، مستشهدا بأمثلة وقعت في التاريخ الإسلامي لأناس أغمي عليهم ودفنوا في الثرى، بعدها عادوا إلى الحياة بفضل المولى عز وجل..