يعيش المقبلون على الزواج في الجزائر حالة إحباط شديد بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار الذهب خلال الفترة الأخيرة، حيث بلغ سعر الغرام الواحد 5000 دج،- وإن كان ارتفاع الأسعار قد بدأ منذ سنتين وهو ما جعل التحضير لجهاز العروس أمرا صعبا عند البعض ومستحيلا عند الأغلبية من الشباب، خاصة وأن المجتمع الجزائري مثل كل المجتمعات العربية، يعتبر الذهب أساسيا لإتمام الزواج. غير أن هذه الفكرة بدأت تتغير وأصبح اللجوء إلى حلول بديلة هو الملاذ الوحيد، فهنالك من يرى في الذهب المقلد حلا مؤقتا إلى أن تنفرج الأمور وهو ما يفسر الإقبال الكبير على محلات ما يسمى ب”البلاكيور” خاصة وأن إتقان صنع الحلي المقلدة جعله شبيها إلى حد التطابق مع الأصلي. كما يتجه الكثير من المقبلين على الزواج حسب ما نقله موقع الإذاعة الجزائرية، إلى سوق الذهب الموازية وهو ما يعرف عند الجزائريين بسوق “الدلالة” لما لمسوه من انخفاض في الأسعار، وإن كان الجميع على علم بإمكانية أن يكون الذهب المطروح في هذه الأسواق مسروقا أو بدون ختم. ويوضح أحد الباعة في سوق الدلالة بالعاصمة أن ارتفاع أسعار الذهب أنعش كثيرا السوق الموازية وأنه لم يعد مفر من اللجوء إليها، خاصة وأن الباعة يمنحون للمشتري حق التأكد إذا ما كانت السلعة المعروضة ذهبا خالصا أم لا و ذلك بالتوجه إلى الصاغة الذين يقومون بتحليل بسيط لإعطاء رأيهم. وترى سيدة التقيناها في شارع ديدوش مراد بالعاصمة رفقة ابنتها أمام محل لبيع الذهب، أن الأسعار في الوقت الراهن لم تعد تشجع على اقتنائه وهو ما يطرح مشكلة كبيرة خاصة وأن زفاف ابنتها بعد أقل من شهرين، لذلك تقول إنها ارتأت أن تعير ابنتها من مجوهراتها إلى أن تنخفض الأسعار وتتمكن من اقتناء طاقم من الذهب كما هي العادة بالنسبة لكل العرائس. وتقول إن المهم في هذا الارتباط المقدس هو التفاهم والنية الحسنة وما الذهب إلا طريقة اعتمدت للتعبير عن حب الزوج يمكن استبدالها – تضيف- بكثير من الأساليب الأقل كلفة. غير أن هذه السيدة ربما لا تعلم بتوقعات القوى الاقتصادية العالمية بارتفاع كبير في أسعار الذهب خلال الفترة القادمة والتي قد تصل إلى 1500 دولارا للأوقية، وذلك بسبب الآليات التى تعمل بها البنوك المركزية حول العالم بعد تخفيض فوائد البنوك، وأيضا زيادة الطلب على السبائك الذهبية حول العالم، ما يدعم تلك التوقعات بزيادة الأسعار. سيدة أخرى تحدثنا إليها عن موضوع ارتفاع أسعار الذهب، قالت إنها باعت قبل سنة طاقم الذهب الذي أهداه إليها زوجها، وذلك بنيّة أن تشتري أحسن منه، لكنه لم يعد بإمكانها الآن شراء نصف وزن الطاقم الأول ولا استرجاعه. وعلّقت قائلة أنه بات من المستحيل على الشباب في أيامنا هذه إسعاد شريكة الحياة وإهداءها ما يليق بالتعبير عن سعادته وحبه لها. وأضافت ساخرة أنها تنوي استثمار المبلغ الذي اعتقدت أنها ربحته ببيع طاقمها، في سوق السكر ما دام أصبح مضمونا أكثر. أما السيدة فتيحة التي تستعد لتزويج ابنها، فقد شرحت أن سعر المعدن النفيس في ولاية المدية حيث تقيم، لم يصل بعد إلى 5000 دج كما حدث في معظم الولايات، إلا أنها تنوي الاتفاق مع العروس وأهلها على تخفيض طلباتهم التي أرهقتها، خاصة وأن هذه المنطقة معروفة بمبالغتها في تجهيز العروس بالذهب، وقالت إنه بات علينا إعادة النظر في عادات بالية أضحت عائقا كبيرا في طريق استقرار هؤلاء الشباب وهو ما أسفر عن بلوغ معدل العنوسة ما بلغه ومظاهر الانحلال الأخلاقي في المجتمعات العربية. ويتوقف ارتفاع أسعار الذهب أو انخفاضها على عاملين أساسيين، هما سعر برميل النفط وسعر الدولار، فكلما ارتفع سعر برميل النفط ارتفعت معه أسعار الذهب وكلما انخفض سعر الدولار الأمريكي كلما زادت أسعار الذهب بالإضافة إلى التغيرات في الحياة السياسية كالحروب والأزمات الاقتصادية.