غياب ثقافة تكوين الموظفين ضد المخاطر وقطاع البناء الأكثر تضررا كشف مسؤول شركة “دكرى” الصناعية بالجزائر، مراد سرخاس، عن تخصيص الجزائر لحوالي 4 بالمئة من الدخل القومي الخام لتعويض ضحايا حوادث العمل سنويا، نظرا لغياب معايير البناء وتنصيب الشركات والمحاجر ومختلف المؤسسات وفق مقاييس الإنجاز الوقائي ضد الحوادث، لا سيما وأن مراقبة العتاد والتجهيزات لتأكيد صلاحيتها، لا تخضع له عدة مؤسسات خوفا من توقيف عتادها عن النشاط. تُسجل أخطار حوادث العمل سنويا ما بين 700 إلى 750 حالة وفاة، وتكلف الدولة ما نحوه 10 مليار دج، حسب إحصائيات رسمية، تؤكد مدى خطورة المباني والشركات المنصّبة في إطار ورشات العمل والنشاط الصناعي، دون أدنى معايير الوقاية ضد الأخطار، وهي تتلاعب بصحة وحياة الموظف، بالرغم من توفر النصوص القانونية منذ 1973 إلى غاية 2003، وآخرها ما نصّ عليه قانون البيئة ل 2006، الذي يستوجب ضمان فعالية مبنى الشركة واستجابته لشروط البيئة ومعايير العمل المعمول بها عالميا، ومنح فرصة لكل الشركات في آجال أقصاها سنتين، إلى غاية 31 ماي 2008، لتنفيذ محتوى القانون، إلا أن التطبيق الفعلي غائب نهائيا. والأكثر من ذلك، يقول سرخاس، غياب التكوين في هذا المجال، وتحسيس الموظفين بأخطار العمل، لا سيما في قطاع المناجم والمحاجر والمحروقات، إلى جانب مختلف المصانع وورشات البناء، هذه الأخيرة تحصد نحو 50 بالمئة من إجمالي وفيات حوادث العمل، بالنظر إلى غياب شروط الأمن الوقائي، وعدم تنصيب الورشات وفق معايير مضادة للحوادث، وهي مهام شركة “دكرى”، التي تراقب أي مشروع أو مبنى في مرحلة الإنجاز، وتراقب تنصيب شبكات الماء، الكهرباء والغاز، إن هي تستجيب لمعايير الوقاية، وتُعد سوناطراك وسونلغاز، أهم زبائنها حاليا. وتقوم شركة “دكرى” ذات الأصول الفرنسية، بعمليات المراقبة وتفتيش المشاريع وورشات البناء، قبل إتمام مرحلة الإنجاز، وتقدم حلولا في مجال الأمن الصناعي والوقاية من الحوادث لكل من سونلغاز وسوناطراك حاليا، وشركات أخرى ممن ترغب في إنجاز مشاريعها وفق مقاييس دولية، تتلاءم والمناخ المحلي، وتستجيب لمتطلبات الموظف حسب طبيعة النشاط، وهي المبادئ الأساسية في عملية البناء، والغائبة عن معظم مباني الشركات الجزائرية، وحتى الأجنبية المقيمة لاستثماراتها هنا. قال مسؤول الشركة بالجزائر، مراد سرخاس، خلال ندوة إعلامية أمس بالعاصمة، إن الفئة العمرية الأكثر تضررا من حوادث العمل، ما بين 40 إلى 50 سنة، وهي الفئة التي تُحضر لعملية التقاعد، وتقع عليها المسؤوليات بقوة. وأعاب على الجزائر وجود القوانين والنصوص التنفيذية، وغياب ثقافة التطبيق لدى المصانع والمؤسسات والإدارات، لا سيما في الجانب التكويني للموظفين، كما استغرب من تخصيص 4 بالمئة من الدخل الوطني الخام لتعويض الأضرار، في وقت كان لا بد أن يُخصص هذا الغلاف للتكوين وحملات الوقاية والإعلام والنظافة والأمن الصناعي، وطالب بضرورة التزام كل الشركات بالقوانين البيئية مع ضرورة تطبيق معايير البناء والقياسة العمرانية، تجنبا لخسائر مهنية أخرى، خصوصا وأن حوالي 13 بالمئة من موظفي الشركات يجدون صعوبات في التعامل مع الأطباء والضمان الاجتماعي والتأمينات، دون أن يشرح تفاصيل هذه الصعوبات.